مايو 7, 2024

تشرين – وليد الزعبي:
على ما يبدو، إنّ حال الطرقات المحلية لن يحظى بنصيبه المأمول من الترميم في معظم المدن والبلدات، وسيبقى محصوراً ببعض الصيانات الترقيعية المحدودة جداً، والسبب يعود إلى الارتفاع الكبير في أسعار مادة المجبول الإسفلتي، نتيجة ارتفاع سعر مادة المازوت وحسابها على أعلى سعر لمعظم جهات القطاع العام المعنية بالتنفيذ.

تراجع في حجم جبهات عمل الشركات الإنشائية وانخفاض في المردود

عدد من أعضاء المجالس المحلية في عدد من مدن وبلدات محافظة درعا، أشاروا إلى أن الطرقات تركت بسبب ظروف الحرب ولسنوات عدة من دون أي أعمال ترميم للمواقع المخرّبة منها، كما لم تنفذ أعمال تعبيد وتزفيت للعديد من الطرقات الجديدة لتخديم الأحياء المحدثة ضمن توسع المخططات التنظيمية، وعندما أصبحت الظروف مناسبة لتنفيذ تلك الأعمال لم تتم بالقدر المطلوب، والسبب أن ما يرصد من اعتمادات لدى البلديات لهذه الغاية زهيد جداً، بمقابل الأسعار الباهظة للمجبول الإسفلتي التي تضخمت خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير بفعل ارتفاع سعر مادة المازوت.

وأضاف أعضاء المجالس :إن هذا الأمر أوقع البلديات بحرج أمام السكان الذين لطالما طالبوا بضرورة صيانة الطرقات المخرّبة والمهترئة، وكذلك تعبيد وتزفيت الشوارع الجديدة، حيث إن هذه الأعمال تحتاج لاعتمادات كبيرة، وهي ضمن الظروف الراهنة غيرة متاحة لضعف موارد البلديات وقلة المعونات المقدمة لها، وذكروا أن هذا الواقع دفع بالبلديات إلى التوجه باستثمار الاعتمادات المتاحة للتعاقد على بقايا المقالع لفرش الطرقات الجديدة بها من دون اللجوء للتزفيت، وذلك لتيسير حركة الأهالي عليها، وخاصةً خلال فصل الشتاء، وتغطية أكبر قدر ممكن من الطرقات التي تحتاج ذلك.

البلديات مُحرجة أمام السكان.. فما ترصده من اعتمادات لا يغطي سوى القليل

بهذا الشأن، أوضح المهندس أمين العمري رئيس مجلس مدينة درعا أن الارتفاع الكبير بسعر المجبول الإسفلتي كان له أثر سلبي في حجم أعمال صيانة الطرقات، وعلى سبيل المثال رصد المجلس خلال العام الجاري ٣٠٠ مليون ليرة كاعتمادات لصيانة بعض الطرقات ضمن أحياء عدة في مدينة درعا، ووضع سلم أولويات لهذه الغاية، لكن ارتفاع سعر المجبول الإسفلتي على خلفية ارتفاع سعر مادة المازوت، دفع إلى تقليل حجم الأعمال التي كانت مقررة إلى أقل من النصف، علماً أن هناك حاجة ملحة لأعمال صيانة طرقات العديد من الأحياء والتي تعاني الاهتراء والتخرّب، حيث لم تشهد خلال سنوات الحرب أي أعمال من هذا القبيل.

الأمر لم يقف عند ما خلّفه ارتفاع قيمة المجبول الإسفلتي على البلديات، فجهات القطاع العام الإنشائي التي تعمل بتنفيذ تعبيد وتزفيت الطرقات، طالها الضرر هي الأخرى، وفي مقدمتها الشركة العامة للطرق والجسور التي يتجسد جلّ عملها بتعبيد وتزفيت الطرقات، حيث بيّن المهندس عفيف الزعبي مدير فرع المنطقة الجنوبية في الشركة، أنه وضمن مهام الشركة يقوم الفرع بتنفيذ الطرق المركزية والمحلية وضمن البلدات، وكذلك تنفيذ الجسور، بموجب عقود تبرم مع الجهات العامة، مشيراً إلى أن تنفيذ العمل يتم عادة بوتائر جيدة وحسب المواصفات الفنية والعقدية المحددة، وبإمكاناتها الذاتية من كوادر وآليات، وتطرّق إلى انخفاض حجم جبهات العمل في التزفيت وتراجع المردود المتحقق من ورائها، وذلك لارتفاع تكاليف مادة المجبول الإسفلتي بعد ارتفاع سعر مادة المازوت التي تعد من أساسيات العمل، وذلك في تسخين حوض الإسفلت السائل وتشغيل المجبل، وآليات نقل المجبول وفرشه ورصّه وغير ذلك من متممات العمل، حيث يحسب سعر الليتر على أعلى شريحة، آملاً إعادة النظر بسعر مادة المازوت دعماً لاستمرار فاعلية عمل شركات القطاع العام.

إعادة الدعم للمازوت المخصص لجهات القطاع العام يعزز دورها ويحقق تغطية أوسع لأعمال التزفيت

من جانبه، أكد المهندس صالح القيق رئيس نقابة عمال البناء والإسمنت في درعا، أن الارتفاع الذي حدث بسعر المجبول الإسفلتي كبير جداً، نتيجة الارتفاع الحادّ بسعر المازوت، والذي يُحسب لجهات القطاع العام مثل فرع الطرق والجسور وفرع الشركة العلمة للبناء والتعمير وغيرهما من جهات الإنشاءات بالسعر الحر، وبالتحديد ارتفع نتيجة لذلك سعر المتر المكعب الواحد من الإسفلت من ٣٠٥ آلاف ليرة إلى ٨٥٠ ألف ليرة لصالح مشاريع القطاع العام، وإلى ١.٢ مليون ليرة لصالح مشاريع القطاع الخاص، الأمر الذي قلّص حجم العمل المنجز لدى هذه الشركات وخفّض المردود المتحقق لها، وزاد الأعباء عليها لجهة تكاليف نقل المواد الداخلة في العملية الإنتاجية، حيث يتم نقل السائل الإسفلتي بالشاحنات التي تعمل بالمازوت من مصفاة بانياس إلى درعا، وكذلك نقل المواد الحصوية من خارج المحافظة إليها، إضافة لاحتياج معدات إنتاج المجبول لكميات ليست بقليلة من المازوت، وكذلك الآليات التي تقوم بنقله ومده ورصّه على الطرقات، وذكر
أنّ البلديات في نفس الاعتمادات المتوافرة لديها، كانت تستطيع قبل رفع سعر المازوت تنفيذ أعمال تزفيت تزيد على ضعفي ما ينفذ الآن تقريباً.
وانطلاقاً من أن شركات الإنشاءات العامة لها دور مهم في إعادة إعمار البلاد في مختلف المجالات، وتبذل الطبقة العاملة ضمنها جهوداً كبيرة لتنفيذ الأعمال المنوطة بها، وهي أعمال مجهدة وشاقة، اعتبر رئيس النقابة أن دعم هذه الشركات وطبقتها العاملة ضرورة ملحة وتأتي في إطار دعم القطاع العام، الذي أثبت أنه الدعامة الأساسية للاقتصاد الوطني خلال سنوات الحرب على سورية، وهو المعول عليه في إعادة الإعمار المنشودة.

ورأى رئيس النقابة أهمية إعادة النظر في سعر مادة المازوت المخصص للجهات العامة الإنشائية، لتخفيض تكاليف أعمالها بما ينعكس إيجاباً على زيادة جبهات عملها ومردودها المادي الذي يعني في الدرجة الأولى تأمين رواتب العاملين فيها، والتي تأتي من ريع أعمالها وتالياً الحفاظ عليهم وعلى دورهم في تسيير عمل الشركات التي يعملون فيها، ولما لتخفيض سعر المازوت وجعله ضمن شريحة السعر المدعوم (٢٠٠٠ ليرة) دور في زيادة حجم الأعمال المنفذة بالطرقات ضمن المدن والبلدات بشكل يخدم أكبر قدر من الأحياء السكنية، وذلك أسوة بسعر المازوت المدعوم المخصص لمديريات الخدمات الفنية بقيمة ٢٠٠٠ ليرة والتي تنفذ أيضاً أعمال تزفيت، حيث لم يتم رفع سعر المازوت المخصص لها بل بقي على السعر المدعوم المذكور آنفاً.

تابعونا على تويتر

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك