مايو 19, 2024

الحسكة – خليل اقطيني:
للموسم الثاني على التوالي تشهد خطة المحاصيل الزراعية المروية في محافظة الحسكة تراجعاً، ومن البدهي أن هذا التراجع في الزراعات المروية معناه زيادة في الزراعات البعلية. ما يعني أن ثمة مساحات من الأراضي الزراعية في محافظة الحسكة تتحول من مروية إلى بعلية، وذلك لأن الفلاحين أصحاب تلك المساحات مضطرون للتخلي عن سقاية المحاصيل المزروعة في حقولهم، لأنه لم تعد لديهم القدرة على تحمل تكاليف الري المرتفعة، التي وصلت إلى مستوى لا يطاق. فلم يعد أمامهم من خيار سوى إطفاء محركات الضخ، وإغلاق الآبار، وتجفيف السواقي، ورفع الأنابيب، التي كلّفت الملايين حينها، فما بالك اليوم.
وحسب مدير الموارد المائية المهندس عبد العزيز أمين، انخفضت خطة المحاصيل الشتوية المروية من 153 ألف هكتار في الموسم الحالي 2024/2023 إلى 132 ألف هكتار في الموسم القادم 2025/2024، وذلك لسببين اثنين، الأول عزوف الفلاحين عن استخدام الآبار الزراعية في الري نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج من مازوت وبذار وإصلاحات وغيرها، في حين يعود السبب الثاني إلى نقص الكميات المخزنة من المياه في بحيرات السدود.
مبيناً أن هذا التخفيض تم بسبب نقص مستلزمات الإنتاج وارتفاع أسعارها وتكاليف الإصلاح والعمليات الزراعية وأجور الأيدي العاملة.
وأوضح أمين أنّ الخطة تم وضعها بناء على معطيين اثنين: المعطى الأول هو كميات المياه المخزنة في بحيرات السدود الكبيرة والسطحية في مختلف مناطق المحافظة، أما المعطى الثاني فهو عدد الآبار المرخصة من قبل الفلاحين والمزارعين. هذا العدد الآخذ بالتراجع عاماً إثر آخر، بسبب ارتفاع تكاليف الزراعات المروية. وبعملية حسابية بسيطة وجدنا أن كمية المياه المخزنة في بحيرات السدود، وفي جوف الأرض نسبة إلى عدد الآبار، لا تكفي إلّا لري المساحة التي تم وضعها في الخطة.
مضيفاً: إنّ الخطة تضمنت زراعة 1750 هكتاراً على مشاريع الري الحكومية، و 120390 هكتاراً على الآبار، و 9852 هكتاراً على الأنهار والينابيع.
من جانبه، ذكر مدير الزراعة المهندس علي خلوف الجاسم أن الخطة الزراعية للمحاصيل المروية تتميز بواقعيتها، من خلال دراسة ما يتم تنفيذه على أرض الواقع في المواسم السابقة، وذلك لأن ما يتم تنفيذه كان أقل من المخطط. فقد تم تحديد مساحة المحاصيل المروية بما يتناسب مع الواقع المائي المتوافر في المحافظة.
مرجعاً تحوّل مساحات من الأراضي المرويّة إلى بعليّة إلى الظروف السائدة في المحافظة، والتي أدت إلى ارتفاع تكاليف استخراج المياه الجوفيّة بسبب ارتفاع أسعار المحروقات. يضاف إلى ذلك الارتفاع الكبير بأسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي وندرتها (محروقات، مبيدات، أسمدة، أدوات زراعية مختلفة).
وأشار الجاسم إلى أنّ الفلاح أضحى قلقاً جداً وكثير التردد عندما يجد نفسه مضطراً إلى سقاية محاصيله مِن المياه الجوفية، وذلك لأنها مكلفة جداً نتيجة غلاء أسعار الوقود، ولاسيما المازوت، وهو المادة الأولية لتشغيل المولدات التي تعمل على استخراج المياه من جوف الأرض. لافتاً إلى أن ارتفاع تكاليف الزراعة، لابدّ أن تقابله أسعار مجزية للإنتاج في الأسواق المحلية، وهذا أمر لا ينسجم مع الواقع ولا يمكن تطبيقه، لأنه سينعكس مباشرة على مستوى معيشة السكان، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بوضعهم الاقتصادي وإمكانياتهم المادية المتواضعة أصلاً.
وأكد الجاسم أن الموارد المائية المستخدمة في ري الأراضي الزراعية تعد وفق المنطق الاقتصادي سلعة وسيطة للإنتاج، لذا فإن الطلب عليها يعدّ “طلباً مشتقاً” تحدده قيمة المنتجات الزراعية في الأسواق، وهذه القيمة مرتبطة بالقدرة الشرائية للمواطن أولاً وقبل كل شيء، سواء كانت مجزية للفلاح أم لا، وذلك لأن سعر أي مُنتَج مهما كانت أهميته يقع خارج إطار القدرة الشرائية للسكان مصيره الكساد، ما يشكل خسارة للمُنتِج.
يشار إلى أن خطة المحاصيل الشتوية المروية في محافظة الحسكة كانت قد انخفضت من 373 ألف هكتار في موسم 2023/2022 إلى 153 ألف هكتار في موسم 2024/2023.

تابعونا على تويتر

انشر الموضوع