مايو 2, 2024

تشرين – رفاه نيوف:

ﺯﻳﺖ “ﺍﻟﺨﺮﻳﺞ ” أو الزيت الأسود، عادة قديمة توارثها الأبناء عن الآباء والأجداد في ريف الساحل السُّوري، وتحديداً في ريفي منطقة بانياس وجبلة.
وما بين مشجع للاستمرار باستخلاص هذا الزيت، وما يتمتع به من نكهة وأنّه صالح للاستهلاك البشري، ومعارض له لارتفاع نسبة الأسيد فيه، وبالتالي يحذّرون من تناوله وضرورة اتباع الطرق الحديثة في عصره، إلّا أنّ بعض العائلات مازالت تحافظ على هذه العادة في عصر الزيتون، ويفضلونه عن غيره، ويعدّونه من أفضل أنواع الزيت وأغلاها.

“تشرين” التقت العم أبو محمد وهو في العقد الثامن من العمر، الذي أكدّ أنّه ما زال مواظباً على تناول زيت “الخريج” ولم يشكُ يوماً من مرض، شارحاً كيفية صنعه، فبعد قطاف ﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻥ الذي يبدأ عادة في منطقة بانياس نهاية ﺷﻬﺮ ﺃﻳﻠﻮﻝ، يُجمع ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ لأيام عدة، ويفرد ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﺑﻌﺪها يتم ﺳﻠﻘﻪ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ حلّة ﺗﺴﻤﻰ ‏( ﺟﻌﻴﻠﺔ ‏) ﻭﺑﺪﺭﺟﺔ ﺣﺮﺍﺭﺓ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻰ “90” ﺩﺭﺟﺔ.
وبعد انتهاء عملية السلق يوضع ﺿﻤﻦ ﻗﻄﻌﺔ ﻗﻤﺎﺵ ﻛﺒﻴﺮﺓ، ﻳُﻠﻒّ ﺑﻬﺎ ويجفف بحرارة الشمس، و ﺑﻌﺪﻫﺎ يُنقل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﺼﺮﺓ، ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻢ ﻋﺼﺮﻩ ﻭﺍﺳﺘﺨﺮﺍﺝ ﺍﻟﺰﻳﺖ ﻣﻨﻪ.
ولفت أبو محمد إلى أنّ عملية العصر كانت قديماً قبل انتشار المعاصر، تتم من خلال “الباطوس” وهو عبارة عن حجر كبيرة محفورة على شكل جرن، وفي داخلها حجر تدعى “الخريزة”، دائرية الشكل ومثقوبة من المنتصف، يوضع فيها ذراع من الخشب لسهولة تحريكها ودورانها، وعادة تربط نهاية الذراع إلى حيوان يقوم بالدوران، وبالتالي تحريك الحجر وينتج عنه ضغط وهرس للزيتون واستخلاص زيت الخريج، وما زالت موجودة في بعض القرى حتى اليوم.
و تابع :هنا لم تنتهِ العملية بعد، فبعد عصره ﻧﻘﻮﻡ ﺑﻮﺿﻊ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎء ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺤﻠّﺔ ‏( ﺟﻌﻴﻠﺔ ‏) ﻭﻧﻀﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﻮﻗﺖ، ﺛﻢ ﻧﺴﻜﺐ ﺍﻟﺰﻳﺖ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﻧﻄﻔﺊ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺗﺤﺘﻪ، وبعد ترسّب ﺍﻟﺸﻮﺍﺋﺐ في أسفل الحلة، ﻳﻄﻔﻮ ﺍﻟﺰﻳﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻄﺢ، ﻓﻴﺘﻢ “ﻗﻄﻔﻪ” ﻭﻭﺿﻌﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻋﺎﺀ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺑﻪ، ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻳﺼﺒﺢ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺯﻳﺖ ﻣﻜﺮﺭ صافٍ وشهي، وما زال مرغوباً عند الكثيرين من أبناء الساحل السوري حتى يومنا هذا.

تابعونا على تويتر

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك