مايو 3, 2024

وليد غانم: كلنا شركاء
رجح المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات السورية الدكتور (رياض نعسان آغا) أن يكون الروس أصحاب فكرة تهجير السكان السنة التي تجري إلى إدلب، تمهيداً لطرح لإجبارهم على الانضمام مستقبلا إلى قوات الأسد (بذريعة محاربة الإرهابيين ) أو أن يتعرضوا للموت جراء القصف سيكون أكثر وحشية عبر توحد العالم على مكافحة الإرهاب.
وأضاف أغا في حوار مع (كلنا شركاء): نحن أعلنا أن سورية وقعت تحت الاحتلال الروسي والإيراني واكتظت بالميليشيات المذهبية الأجنبية وهي تنظيمات إرهابية ، وأما التفاوض فلابد من أن يكون نهاية المأساة  مهما طال أمدها .
وحول الفيتو الروسي الأخير في مجلس الأمس، قال: (كان الفيتو الذي عطلت به موسكو مشروع قرار فرنسي إسباني رغم موافقة 11 عضوٍ وامتناع الصين عن التصويت استخداماً للصوت المرتفع في دبلوماسية الأمم المتحدة ، وتحدياً إضافياً للأمريكان الذين بدوا ضعفاء بشكل غير لائق ، استنكرته المؤسسة العسكرية الأمريكية التي سرعان ما أطلقت تصريحات نارية مقترحة ، رد عليها الروس باستعداد عسكري  ونشر منظومة صواريخ ٍ بعيدة المدة).
وأردف ان الروس هتفوا  مع الشبيحة ( الأسد أو ندمر البلد ) وقد دمروها ، وإذا حوصرت المعارضة وفقدت قواها وانهارت سورية كلها ، وخرجت من التاريخ فلن يتمسك الروس بالأسد ، لأن المهمة تكون قد انتهت . لقد كان الروس يدعمون الرئيس حفظ الله أمين ويدافعون عنه ، ولكنهم بعد أن تمكنوا قتلوه وأعلنوا تحرير أفغانستان من حكم أمين .
فيما يلي نص الحوار:
 انتهى اجتماع لوزان من دون نتائج حاسمة، واجتمع تسعة وزراء خارجية من الولايات المتحدة وروسيا والمملكة العربية السعودية وتركيا وإيران والعراق وقطر والأردن ومصر، وسط غياب المعارضة وممثلي الدول الأوربية، لماذا لم تشارك المعارضة في الاجتماع؟
 للأسف المعارضة لاتدعى إلى اجتماعات دولية تبحث القضية السورية ، والمفارقة أن الروس وبعض المسؤولين يقولون إن السوريين هم الذين يقررون مستقبل بلدهم ، والسوريون غائبون ، وحتى سلطة  النظام السورية  لم تحضر ، وكان غريباً إهمال دول مهمة في أوربا ، مما دعا إلى عقد اجتماع  في لندن ، ولم تكن نتائجه أفضل من نتائج اجتماع  لوزان ، وستستمر اللقاءات .
 وهل عدم دعوة الدول الأوربية للمشاركة مؤشر على محاولة تهميش الدور الأوربي الداعم للثورة السورية؟
 كان ملاحظاً أن الولايات المتحدة أرادت تهميش دور أوربا ، وكذلك كانت روسيا تريد التفرد بالملف السوري ، وتمكنت من ذلك عبر تفويض أمريكي تمخضت سابقاً عن اتفاقية وقف الأعمال العدائية في فبراير الماضي ، تلك الهدنة التي تم اختراقها من قبل الروس والنظام وإيران نحو ثلاثة ألاف مرة وسرعان ما هوت ، وقد حاول الأمريكان التفرد مع الروس ، واستبعدو أوربا ( وبخاصة فرنسا وبريطانيا اللتين لم تطلعا على مضامين الاتفاق الأمريكي الروسي الأخير الذي طالب لافروف أمريكا بإعلان خططه الخمسة وكتمت واشنطن  تلك الفقرات ، وسرعان ما توترت العلاقات بين موسكو وواشنطن بسبب خلافات تقنية حول الاتفاقية التي سقطت بسبب رفض روسيا وقف هجومها على حلب ، ورفضها دخول المساعدات الإنسانية ، وكان حدثاً مريعاً أن تقصف روسيا قافلة مساعدات أممية كانت قد وصلت إلى أبواب حلب ، لكن روسيا قصفتها في تحد واضح لأمريكا ولحلفاء المعارضة كي تقول ( أنا من يتخذ القرار وليس أنتم ) وأمام تهميش الدور الأوربي نشط الدور الفرنسي الذي انضمت إليه إسبانيا في مشروع القرار المشترك ، وحاول وزير الخارجية  الفرنسي إقناع موسكو به ، لكن روسيا عدلت عليه مصرة على رفض وقف هجومها ورفض دخول المساعدات ، وربطت ذلك بمقترح  ديمستورا إخراج فتح الشام من حلب .
ولقد كان الفيتو الذي عطلت به موسكو مشروع قرار فرنسي إسباني رغم موافقة 11 عضوٍ وامتناع الصين عن التصويت استخداماً للصوت المرتفع في دبلوماسية الأمم المتحدة ، وتحدياً إضافياً للأمريكان الذين بدوا ضعفاء بشكل غير لائق ، استنكرته المؤسسة العسكرية الأمريكية التي سرعان ما أطلقت تصريحات نارية مقترحة ، رد عليها الروس باستعداد عسكري  ونشر منظومة صواريخ ٍ بعيدة المدة ، ووجه تهديداً لمن يتعرض لقوات النظام الروسي أو القوى الروسية ، ولجأ بوتين إلى  مجلس الدوما ليمنح الحضور الروسي شرعية داخلية وأعلن تمديد بقاء الروس في سورية إلى أجل غير محدود ، وهذه الإجراءات الاستفزازية جعلت حكماء العالم يقدرون  أن الانجرار مع هذه الحماقة قد يهدد المنطقة بنشوب حرب عالمية ، لذلك أصر البيت الأبيض ( وهو في نهاية ولايته ) على متابعة العمل الدبلوماسي ، ومن أجله عقدت اجتماعات لوزان ولندن التي لم تنجز شيئاً ، فالمجتمعون يفكرون في لي ذراع موسكو التي تتحدى وتريد أن تعود قطباً دولياً كبيراً ، وأن تلقن الغرب الذي عاقبها  يوم هجومها على القرم درساً على حساب دم السوريين الذين تركهم الاجتماع الدولي وسط حمام الدم  لمتابعة مصيرهم الفجائعي ،
مؤخرا وجهت الهيئة عدة رسائل وأجرى الدكتور حجاب اتصالات مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا، ما أبعاد هذا التحرك على الصعيد الأوربي؟
 المواقف الأوربية  أفضل من كثير من سواها ، وبخاصة فرنسا وبريطانيا في حكومته الجديدة ، وأوربا  في الميدان السياسي فضاء هام  لهيئة التفاوض التي تستضيفها أوربا ، وليس سراً أن أوربا لاتريد أن تكبر لديها قضية اللاجئين ، وتخشى اتساع خطر الإرهاب الذي عانت منه ، ولا تريد أن ترى روسيا تحتل سورية وتسيطر على مساحات واسعة وتبني  قواعد عسكرية ضخمة شرق المتوسط .
وسط التراشق الإعلامي الروسي الأميركي الأخير، عقد اجتماع لوزان وبعده لندن ، وكذلك يبدو التحضير مستمراً لانعقاد جنيف، لو كان هناك خلاف روسي أميركي حول سوريا او حول التعاطي حول سوريا، هل كان سيعقد لوزان وتستمر الدعوة الى جنيف؟
 لاتوجد حالياً دعوة إلى جنيف ، وديمستورا منشغل بإخراج بضع مقاتلين يرونهم إرهابيين من حلب ، وسوقهم إلى  إدلب التي تم تجميع أهل السنة  فيها  مع  بعض المتطرفين  إسلامياً ، ربما لوجود سيناريو تدميري خاص لإدلب بعد الانتهاء من حلب . وفي مثل هذه الظروف التي ترتكب فيها  روسيا  جرائم وحشية غير مسبوقة ضد شعبنا يصعب الوصول إلى مائدة المفاوضات . وكم الواضح أن روسيا والنظام يريدان جعل المصالحات المحلية والتهجير القسري للسكان بديلاً عن الحل السياسي . وهذا ما حدث في داريا والوعر ويحدث في المعضمية الآن وفي الغوطة ، حيث الخيار المطروح ( الرحيل إلى إدلب أو الموت ) والمهجرون يدركون أن النظام  يبيت لهم أن يلاقوا الموت هناك ، ربما عبر هولوكوست لأهل السنة تحديداً .
هل روسيا جادة  في الحل السياسي في سوريا، وما هي أهدافها في التدخل العسكري بسوريا؟
لو كانت روسيا جادة لأنهت القضية  يوم صاغت بيان جنيف ، وأما أهدافها في العودة إلى العالم كقطب مواجه للمكانة المتميزة لأمريكا وحلفائها الغربيين . وكي تجبر من عاقبوها على التراجع ، وتأخذ راحتها في التوسع  في أوكرانيا ، وتبدو أقوى أمام الكومونولث الروسي ، وأن تلقن الشعوب الإسلامية في فضائها الجغرافي درس التدمير الذي سبق أن نفذته في الشيشان حين أبادت غروزني وهذا ما تفعله في حلب وإدلب اليوم ، وبذات الوقت تحقق إضعافاً شاملاً  لأهل السنة في العالم لاعتقادها أنهم يحملون ديناً قادراً على الانتشار وعلى الجهاد الذي دافع عن أفغانستان  وخلصها من الاحتلال الروسي ، وتسبب بانهيار الاتحاد السوفياتي . وأما سورية فهي عصب التوسع الروسي وسط العالم وعلى بوابات أوربا .
 نشرت (روسيا اليوم)  أنباء ارسال القطع البحرية الروسية الى الساحل السورية، بعنوان:”موسكو تسير جيشاً وقاعدة جوية عائمة الى سوريا”، الى متى سوف يستمر هذا الحشد، وهل سيتحول هذا الحشد من محاربة الإرهاب في سوريا الى الضغط الإقليمي على دول المنطقة، وسط تفاقم التفاهمات الدولية في المنطقة؟
 يبدو ذلك ، وهو يؤكد جدية  موسكو في المواجهة رغم أنها لاتمتلك مقوماتها حين تمتلك الولايات المتحدة وحلفاؤها جدية الرفض . ولن تغامر الصين الحكيمة بالدخول في حرب عالمية ضد الولايات المتحدة وأوربا .
ما هو موقف الهيئة من الوجود الروسي في سوريا، والى متى سوف تستمر تفاوض بوجود وسيط يحتل البلاد؟
نحن أعلنا أن سورية وقعت تحت الاحتلال الروسي والإيراني واكتظت بالميليشيات المذهبية الأجنبية وهي تنظيمات إرهابية ، وأما التفاوض فلابد من أن يكون نهاية المأساة  مهما طال أمدها .
محاولات التهجير التي تصاعدت مؤخراً، وكان اخرها يوم امس، مع القافلة التي خرجت من قدسيا الى ادلب، الى ماذا تهدف، ولماذا التهجير يتم الى ادلب دون سواها، لماذا لا يتم مثلا الى القلمون، الى ريف حلب، لماذا الى ادلب؟
 من المتوقع أن يكون الروس أصحاب الفكرة بتهجير السكان  السنة إلى إدلب ، حيث تعاملهم روسيا بوصفهم إرهابيين ، وربما ستعرض على من يريد البقاء حياً أن ينضم إلى قوات الأسد ( بذريعة محاربة الإرهابيين ) أو أن يتعرض للموت  لأن االقصف سيكون أكثر وحشية عبر توحد العالم على مكافحة الإرهاب ، وتلك هي الخدعة التي شرعها النظام للتعمية على الثورة السورية وعلى وجود شعب طالب السلطة بشيء من الحرية فقتل وشرد وطرد وسجن واعتقل ، و قد اتقن اللاعبون إنشاء منظمات  كثيرة  تدوس على علم الثورة وترفع رايات لم تكن من مطالب الشعب ،  وقامت هذه التنظيمات بجرائم باسم الإسلام وقدمت صورة مشوهة له لتبرير وتمرير مخطط إجهاض قوى السنة بوصفهم الأغلبية ، وتم كل ذلك  بعون من إيران وروسيا وصمت مريب من دول أخرى ،
عمليات التهجير هل ستقف عند السنة فقط، ام ستطال بقية مكونات المجتمع السوري، وهل ستكون محصورة في المناطق التي يستعيدها النظام، ام ستطال بعض المناطق التي لم تخرج يوما عن سيطرته، كما في دمشق مثلاً؟
 هذه مشكلة تبدو مشكلة ضخمة ، لكن النظام الذي تمكن من اصطناع ظروف جعلت 12 مليون سوري أغلبهم من أهل السنة يرحلون وينزحون ويهاجرون ، يملك من القسوة ما يجعله يقدم على تهجير الباقين من سكان دمشق ومن سنة الساحل ، أو القبول ببقائهم في سورية أقلية مفجوعة وممزقة ومهمشة ومطالبة بتقديم الولاء ، وستكون موضع عدم ثقة ، وستعاني جحيماً رغم أن كثيراً من الذين بقوا يقدمون الولاء  يعيشون  حالة قلق وريبة في تصورهم لمستقبلهم ، والمهم أن هذا ما يرسمه النظام وروسيا وإيران ، لكن ما يرسمه الشعب هو المهم .
كيف ترى المشهد السوري في حال تم الإبقاء على بشار الأسد في الحكم، وهل استمرار بشار الأسد في الحكم مرهون بالتفاهمات الدولية، أي انه تحول الى ورقة ضغط ومساومة إيرانية -روسية، ريثما يحصل كل طرف على ما يريد؟
الروس هتفوا  مع الشبيحة ( الأسد أو ندمر البلد ) وقد دمروها ، وإذا حوصرت المعارضة وفقدت قواها وانهارت سورية كلها ، وخرجت من التاريخ فلن يتمسك الروس بالأسد ، لأن المهمة تكون قد انتهت . لقد كان الروس يدعمون الرئيس حفظ الله أمين ويدافعون عنه ، ولكنهم بعد أن تمكنوا قتلوه وأعلنوا تحرير أفغانستان من حكم أمين .
والغريب أن الأسد لم يطرح أية رؤية لمستقبل سورية بعد ما حدث سوى القتل والقصف والحسم  العسكري ، وتهديد كل من عارضه بالموت  واصفاً معارضيه بالخونة والإرهابيين ، ورافضاً كل ما عرضه العالم عليه من حلول سياسية .
اقرأ:
د. رياض نعسان آغا : سوريا وامتحان مجلس الأمن



المصدر: د. رياض نعسان أغا لـ (كلنا شركاء): روسيا والنظام يريدان جعل المصالحات والتهجير بديلاً عن الحل السياسي

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك