مايو 2, 2024

أثار مسجد غير تقليدي بُني حديثاً في قلب العاصمة الإيرانية طهران غضب المتشددين بسبب تصميمه الغريب.

واستغنى المهندسون المعماريون الذين كُلِّفوا ببناء مسجد “ولي العصر” عن القباب المستديرة والمآذن المرتفعة التقليدية في المساجد، واختاروا بدلاً من ذلك تصميماً عصرياً من تموجات صخرية وخرسانية رمادية، قالوا عنها إنَّها تُكمل فنون العمارة المحيطة وتستحضر مظاهر التقشف في العصور الأولى للإسلام، بحسب صحيفة The Independent البريطانية.

وأثار الهيكل الجديد غضب المتشددين، الذين يرونه جزءاً من زحفٍ علمانيٍ على الجمهورية الإسلامية. وقارنت مقالة افتتاحية نُشرت في موقع مشرق الإخباري بين تصميم المسجد وشكل القلنسوة اليهودية، متهمةً السلطات بالخيانة لموافقتها على بنائه. وجاء في المقال إنَّ هذا التصميم “المحايد تماماً” يكشف عن “نهجٍ إلحادي”.

ويثير المسجد معركة جديدة في الحرب الثقافية المتواصلة بين المتشددين والمجتمع الفني النابض بالحياة في إيران، الذي يأمل -بلا فائدة في أغلب الأحيان- بمزيدٍ من الانفتاح منذ انتخاب الرئيس الإيراني حسن روحاني، المعتدل نسبياً، عام 2013.

يقع المسجد الذي تبلغ مساحته 25 ألف متر مربع في أحد التقاطعات الرئيسية بمنطقة تسوق شهيرة بالقرب من جامعة طهران، ويستضيف فعاليات ثقافية وفنية أيضاً. ويقع المسجد أيضاً بالقرب من مسرح مدينة طهران، وهو مبنى بارز يرجع تاريخه إلى ما قبل الثورة الإسلامية عام 1979، ويضم المسجد مكتبته الخاصة وقاعات قراءة وفصولاً دراسية ومدرجاً.

1

وقال رضا دانيشمير، أحد المعمارين المنفذين للمسجد، إنَّه عانى لشهور قبل أن يتمكن من إقناع السلطات بأنَّ مسجداً تقليدياً سيبدو غير لائق في هذا الموقع، بل وناقش قضيته تلك أمام لجنة برلمانية.

“الشباب البوهيمي”

وقال رضا: “اعترض مسؤولو المدينة وقالوا إنَّه كان لا يشبه المسجد ولا يُمثِّل الشكل التقليدي للمسجد وإنَّه لا يمكن بناؤه. أوضحتُ لهم مَن هم الجمهور الحقيقي لهذا المسجد”، مشيراً إلى الشباب الإيراني البوهيمي (غير المتقيد بقيم المجتمع) الذين يترددون على هذه المنطقة، وقال رضا: “نجحتُ في إقناعهم أخيراً”.

واختتم رضا حديثه قائلاً: “أردناه أن يكون مشروعاً غير تقليدي لا محافظاً ولا رجعياً”.

وأشار رضا وزميلته المصممة كاثرين سبيريدونوف إلى أنَّ المساجد تُبنى بالعديد من الأشكال والأحجام، وأنَّ أول مسجد بُني على الإطلاق في عهد النبي محمد كان هيكلاً بسيطاً دون قباب أو مآذن.

valiasr

واعتُمد استخدام القباب، التي كانت قد استُخدمت في العمارة الوثنية والمسيحية لقرونٍ قبل ظهور الإسلام، في المساجد في وقتٍ لاحقٍ، وكذا الحال مع المآذن. في الماضي، كان المؤذن يصعد على درجٍ حلزوني إلى قمة المئذنة خمس مرات يومياً لينادي إلى الصلاة، لكن هذه الممارسة اختفت تماماً في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، حيث أصبحت معظم المساجد مُزودةً بمكبرات صوت.

ولم تكن هذه الحجج كافية لإقناع المتشددين والمحافظين في إيران، الذين يُبدون تخوفهم من أنَّ التخلي عن الهياكل التقليدية للمساجد -بما فيها التنوع المحسوس- قد يطمس ملامح الجمهورية الإسلامية. وقال موقع مشرق الإخباري إنَّ المعماريين ضحوا بالتصميم التقليدي للمساجد “من أجل مسرح المدينة”.

1

مع ذلك لم يكتمل بناء هيكل المسجد حتى الآن، بعد 10 سنواتٍ وتكلفة بلغت 16 مليون دولار أميركي. ومن المتوقع أن يُفتَتح للعامة في الأشهر المقبلة.

وأقر نیما برزویه، وهو طالب إيراني يبلغ من العمر 18 سنةً، بأنَّه لم يكن مُدرِكاً في بداية الأمر أنَّ المبنى يضم مسجداً، لكن قال إنَّه وافق على الفكرة.

وقال نيما: “الجانب الروحي للمسجد أكثر أهمية من تصميمه المعماري. لن يكون أمراً جللاً إذا كان لا يتبع الشكل النمطي للمساجد الذي يحتوي على قباب أو مآذن. إنَّه مكان للعبادة”.

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك