مايو 1, 2024

يالتشين أكدوغان – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
روى أحد السياسيين السابقين في حزب الوطن الأم ما حصل معه خلال انتخابات 2002، إذ قال: “لقد قمت مع أصدقائي وأقربائي بحملة في إحدى المدن في جنوب شرقي تركيا، وتمكنا من حشد جمهور كبير في الشوارع، وشعرنا بالسرور نتيجة الاهتمام أنذاك، ولكن في ليلة الانتخابات كانت النتيجة عكس المتوقع تماماً!! إذ كانت النتيجة صادمة لعدم وجود أي لصالح الحزب في الصناديق، حتى في الصندوق الذي كان تحت إشراف أحد أقربائي، فقلت له: من المفروض أن يقوم شخص واحد على الأقل بالتصويت، ألا وهو أنت! في هذه الحال لمن صوّت أنت؟ فأجاب: لقد صوّت (لنا)”.
كان الجنوب الشرقي من تركيا يشهد وجود هذه الموضة السياسية أو العادة في مناطقه. حيث كانت عبارة “نحن” تمثل حزب الشعوب الديمقراطي”الأحزاب الموازية له أيضاً”. كان حزب الشعوب الديمقراطي يتخذ موقعاً مختلفاً لنفسه, ويصوّر نفسه على أنه الممثل الحقيقي للشعب. كما كان لحزب الشعوب الديمقراطي مكانة خاصة عن سواها من الأحزاب بالنسبة إلى جزء من الشعب في الجنوب الشرقي، وكان هذا الجزء من الشعب يعدّ أن تصويته لحزب الشعوب الديمقراطي بمثابة تصويته لهويته وصراعه.
بالتأكيد هناك أسباب عديدة لهذه الحالة…
في البداية لا بد من التركيز على الأمر التالي: إن ما نسمّيه بالكردي الناخب يمكن وصفه بالظاهرة الاجتماعية والمتجانس وأنه يمتلك ميزة واحدة فقط، وفي الوقت نفسه يمكن ملاحظة الفرق الاجتماعي بين طبقات المجتمع في المدن الكبرى، والأمر كذلك بالنسبة إلى مراكز المدن والأرياف في الجنوب الشرقي أيضاً.
كان لمحاولة حزب الشعوب الديمقراطي في زرع شعور الانتماء والانتساب في نفوس الأكراد وتثبيت هذه الفكرة في عقولهم دور فعّال في ضمان تصويت الأكراد لهم. على الرغم من وجود هذه المنظمة والعقلية التي تضطهد الشعب وتجبرهم على دفع الجزية وتخطف أطفالهم وتحاسبهم حسب إرادتها الشخصية وتقوم بتهديدهم، إلا أنهم على الرغم مما ذكر حاولوا أن يظهروا أنفسهم على أنهم المنقذ.
من جهة أخرى، أسهمت السياسات الخاطئة التي نُفّذت في المنطقة لعقود والحرمان الذي عانى منه الشعب الكردي في مساعدة هذه الهوية المسيّسة في تحقيق غايتها.
قام حزب العدالة والتنمية بتغيير جميع الموازين، وفعل أشياء أدت إلى زعزعة الفكر الخاطئ الناشئ في المنطقة. حيث أصبح الحزب الذي حقق المركز الأول في الجنوب والجنوب الشرقي خلال الانتخابات جميعها التي أجريت، كما أصبح الخيار الأكثر أهمية وتفضيلا بين خيارات المواطنين الأكراد.
إذان ما هو الوضع الحالي في هذه المرحلة؟ يمكننا رؤية أنه ما زال البعض يحاول إثارة شعور الانتماء لعبارة “نحن”. ولكن وضّحت الكثير من الأحداث الاخيرة للأكراد أن عبارة “نحن” المعكوسة عليهم ليست “نحن” الحقيقية.
عكس الذين حوّلوا المدن إلى ساحات حرب من خلال حفر الخنادق، وتسببوا في توقف الحياة الطبيعية بسبب التفجيرات التي وقعت في مراكز المدن، وأجبروا الأكراد على دفع الجزية وتسلّطوا عليهم بشتى الوسائل صورة وانطباع لا يمكن لها أن تنتمي لعبارة “نحن”.
أثبت حزب العمال الكردستاني أنه دمية في يد أعداء تركيا وليس صديقاً للأكراد من خلال إفساده مرحلة الحل وعودته إلى استخدام السلاح، وقيامه أخيراً بالتعاون مع القوى العالمية في التخطيط لمحاولة الانقلاب التي تعرضت لها تركيا ليلة 15 تموز/يوليو من العام المنصرم.
كما أن عقيدة ونهج وأهداف حزب العمال الكردستاني لا تتوافق مع شخصيات وتصرفات والمكتسبات التاريخية للأكراد مطلقاً.
إن محاولة إظهار هذا التنظيم وامتداداته السياسة وكأنها الخيار الوحيد للأكراد تتسبب في ظلم الأكراد إلى حد كبير.
هل يمكن لمنظور العالِم الإسلامي أحمد خاني “مؤسس اللغة الكردية” الذي يفضّل الوحدة والسلام على القومية أن ينتمي إلى هذا التنظيم وحلفائه؟
هل يمكن القول: إن هذا التنظيم أخذ نصيبه من عشق فقي تيران الإلهي؟
هل يمكن ربط بين مفهوم التصوّف الذي ذكره الأديب ملا أحمد جزيري في ديوانه بهذا التنظيم الإرهابي الدامي؟
إن هذه الشخصيات التي تدعو إلى الأخوة والوحدة والحب هي فقط من يمكنها تمثيل معنى عبارة “نحن” بالنسبة إلى الأكراد، ولا يمكن لهذه العبارة أن تكون إلا “نحن” المختلطة بالشعب التركي وتحتوي على ماض مشترك ومستقبل مثالي في مضمونها.
إن التنظيم الذي يمثل الفساد والتفرقة والظلم والتمييز، يكون بعيداً كامل البعد عن الانتماء لعبارة “نحن” الحقيقية.

المصدر: هل سيصوّت الأكراد لنا؟

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك