مايو 2, 2024



   قبل ايام، عاش وطننا حدثا تاريخيا مفصليا بفضل ملحمة حلب الكبرى : المعركة التي فكت حصار المدينة البطلة، وردت غزاة ايران ومرتزقة النظام الاسدي المجرمين عن مواطنيها ، الذين تعرضوا طيلة اعوام لجرائم قتل عمد بجميع انواع السلاح، لا لذنب اقترفوه غير تعلقهم بالحرية ومطالبتهم بها ، وتمسكهم بنيلها، وتضحياتهم من أجلها .
  ومن يتابع ما سبق المعركة من استعدادات وتبعها من اعلانات ، سيلاحظ أن القائمين عليها جعلوا منها عملا وطنيا رفيع الطراز ، سواء من حيث نوع المقاتلين الذين تدفقوا على حلب من كل حدب وصوب ، أم من حيث انتماءاتهم التنظيمية والفكرية المتنوعة والاهداف التي رسموها لها، ورأت جميعها المدينة كمكان وطني جامع هو ملك جميع ساكنيه من عرب وكرد وارمن وتركمان … الخ . لذلك، لم يكن مفاجئا ان يصدر الجيش السوري الحر وجيش الفتح بيانين خاطبا سكان المدينة بلفظة ” اهلنا” ، واعطياهم الامان على انفسهم واعراضهم واموالهم ، وتعهدا بحماية كل من ينتقل منهم إلي حلب المحررة ، أو يلزم داره ،أو يدخل مسجدا او كنيسة ، أو يتخلى عن سلاحه .
  هذه الروح الوطنية ، التي أطرت ملحمة حلب الكبرى، واعطتها طابعا فريدا لطالما غاب عن معارك اطراف كثيرة تقاتل النظام الاسدي ، الذي افاد من غيابها ، كما صار معلوما من اغلبية شعبنا ، ومسلما به على نطاق واسع ، تناقضت اشد التناقض مع اسم ” ابراهيم اليوسف” الذي اطلق على المعركة ، ليس فقط لان هناك اسماء اشد اهمية بكثير من اسمه كان يمكن ان تزين بهاء الانتصار منها على سبيل المثال اسما ابراهيم هنانو وحسين الهرموش ، وإنما كذلك لأن الرجل ارتكب جريمة طائفية ادانها وتنصل من مرتكبها كل من له علاقة بالشأن العام في سورية ، بما في ذلك الاسلاميون وجماعة الاخوان المسلمين ، وها هو اسمه يطلق اليوم على معركة وطنية لا تشبهه ولا يشبهها ، بالنظر إلى أن جريمته الطائفية لعبت دورا كبيرا في تعزيز النظام لاسدي ، وفي اضعاف طابع النضال الوطني والسياسي الجامع ضده ، الذي خاضه مئات على امتداد عقود تسلطه آلاف المواطنين من مختلف الانتماءات الدينية والايديولوجية والمذهبية والسياسية ، ولم يكن حكرا على الاسلاميين ، الذين غابوا بصورة شبه تامة عن معركة الداخل ضد استبداده ، وواصلوا صراعهم معه  في الخارج ، بسبب عمليات القتل المدانة التي تعرض لها كل من اشتبه بانتمائه اليهم .
   جمعت ملحمة حلب الكبرى السوريين ، بدلالة الفرح الغامر الذي ملأ نفوسهم في كل مكان داخل وخارج الوطن ، وجدد ثقتهم بحتمية عودتهم إلى ديارهم وبيوتهم ، وبحتمية انتصار ثورتهم ، وكان من الاهمية بمكان ان لا يفرقهم  اسم ” ابراهيم اليوسف” ، الذي لا ينتمى إلى وجدانهم الوطني ورغبتهم في الحرية ، بل انتمي إلى مدرسة في السياسة خدمت بالامس وتخدم اليوم النظام الاسدي ، وتمده بالعمر والقوة ، وتسوغ جرائمها ما يرتكبه هو من جرائم ضد من حررتهم ملحمة حلب الكبرى من بعض قدرته على قتلهم ، ولو إلى حين .
  لا سبيل بعد الملحمة الكبرى إلى خلط الوطنية بالطائفية ، وخوض معركة وطنية وطائفية في آن معا، فإما أن تكون معركتنا وطنية فننتصر ، لانها معركة شعبنا ، او ان تكون طائفية فنهزم ، لأسباب كثيرة يعرفها مواطنونا ، الذين خرجوا بعد الهدنة في عشرات الاماكن وهم يرفعون علم الثورة وليس اي علم سواه ، ويهتفون للحرية وللشعب السوري الواحد ، ويتعرضون لاطلاق النار في الأماكن التي يحتلها ضد ارادة سكانها مقاتلو تنظيمات طائفية .
  نعم لملحمة حلب الكبرى ، لا لابراهيم اليوسف ، ولمن اطلقوا اسمه على ما لا يشبهه اطلاقا .
 
غازي عينتاب في ٩/ ٨/٢٠١٦                         اتحاد الديمقراطيين السوريين
 
 
 



المصدر: نعم، لملحمة حلب الكبرى لا، لابراهيم اليوسف !

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك