أبريل 29, 2024

وليد غانم: كلنا شركاء
سيطر الوضع في سوريا وسعي إسرائيل إلى الحصول على ضمانات أمنية من موسكو، على جلسة محادثات مطولة عقدها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي حذر ر من أن يحل “الإرهاب الإيراني” محل إرهاب تنظيم “داعش” والقاعدة، وأشاد في الوقت نفسه بالتعاون بين بلاده وروسيا في مكافحة ما يسمى الإرهاب.
وطالب بوتين، من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال استقباله في موسكو قبل يومين، عدم الحكم على إيران وفقاً لتاريخها الفارسي في القرن الخامس قبل الميلاد، بعد تحذير الأخير من أن أحفاد الفرس يحاولون تدمير إسرائيل مجدداً مطالباً بخروج إيران من سوريا.
وقال نتنياهو “دولة فارس حاولت تدمير الشعب اليهودي قبل نحو 2500، إلاّ أن تلك المحاولة لم تفلح، مضيفاً أنهم يريدون تكرار ذلك الأن، وهم يعترفون بذلك عبر تصريحات قادتهم ووسائل الإعلام، بينما أكّد أن إسرائيل الأن لديها أراضي وجيش يحميها، على حد زعمه.
واعتبرت صحيفة الحياة اللندنية أن تعمد بوتين تهنئة ضيفه بعيد «الفور» (فوريم) الذي يحل بعد أيام فيها إشارة ذات مغزى سياسي، وهي إشارة التقطها نتانياهو فوراً، علما أن العيد الذي تطلق عليه بالعربية تسمية «يوم القرعة»، يستعيد وفق أسطورة يهودية ذكرى خلاص اليهود من مجزرة في عهد هامان وزير الإمبراطور الفارسي الأخميني أحشويرش، حين ألقى قرعة لتحديد اليوم المناسب لقتل اليهود جماعياً. لكن أستير زوجة الملك نجحت في تنفيذ مؤامرة أطاحت الوزير.
ثلاثة محاور
ونقلت الصحيفة عن مصدر ديبلوماسي روسي إن ثلاثة محاور شغلت حيزاً أساسياً خلال المناقشات، أولها الوضع حول الجولان الذي قال عنه نتانياهو إن الوجود الإسرائيلي فيه «غير قابل للنقاش». ووفق المصدر، فإن نتانياهو طلب من بوتين ضمانات كافية بعدم السماح بتحرك مجموعات مسلحة موالية لطهران في المناطق الحدودية، وأن الطرفين مهدا للزيارة بالاتفاق على آليات مشتركة للرصد والمراقبة. وكان لافتاً في هذا المحور أن الكرملين استبق النقاش بتأكيد أن موضوع «قيام إسرائيل بتوجيه ضربات إلى مواقع في سورية لم يطرح للبحث». لكن المصدر أشار إلى أن هذا الموضوع «ليس جديداً ويدخل ضمن تفاهمات روسية– إسرائيلية تم التوصل إليها بعد بدء التدخل الروسي في سورية مباشرة». ولفت إلى أن إسرائيل شنت منذ تلك الفترة ضربات عدة في عمق الأراضي السورية.
والمحور الثاني يتعلق بضمانات تطلبها إسرائيل في مرحلة ما بعد التسوية في سورية، وأبرز عناصرها منع الإيرانيين من تعزيز تواجدهم في سورية. وكان نتانياهو استبق الزيارة بتأكيد أنه سيعبّر عن موقف حازم ضد خطط طهران للاحتفاظ بوجود عسكري دائم في سورية، وأنه يريد إدراج بند يطالب بسحب القوات الإيرانية من سورية في أي اتفاق سلمي يتم إبرامه. ولفت المصدر إلى أن هذا الملف يشكل حساسية خاصة لموسكو التي تربطها بإيران علاقات شراكة وتعاون ميدانيين خلال المرحلة الراهنة.
وقال نتنياهو عقب لقاء بوتين إن “إسرائيل لا تعارض التوصل إلى تسوية في سوريا ولكنها تعارض وبشدة إمكان أن تبقي التسوية قوات عسكرية تابعة لإيران ولأتباعها في سوريا”.
بينما ركز المحور الثالث على الدور الممكن القيام به من جانب مراكز الضغط اليهودية في الولايات المتحدة، لتخفيف الضغوط المتواصلة على موسكو ومحاولة رفع أو تقليص العقوبات الغربية المفروضة عليها.
“إسرائيل مستمرة في أجواء سوريا”
من جهته قال وزير الهجرة والاستيعاب الإسرائيلي زئيف ألكين إن الروس يسيطرون اليوم على المجال الجوي السوري، وإن اسرائيل مستمرة بالعمل بحرية في المجالين الجويين السوري واللبناني في المسائل المصيرية لها.
وأضاف الوزير أنه من الواضح أنه لا يوجد أي احتكاك بين الإسرائيليين والروس، كما حصل بين الروس والأتراك، كما تحدث عن الاستمرار في تعقب أنشطة حزب الله بهدف عدم السماح بنقل السلاح من سوريا إلى لبنان وحزب الله.
وسبق أن نفذت إسرائيل غارات على أهداف داخل سوريا، قالت إنها رد على سقوط قذائف على هضبة الجولان.
“ما بعد الحرب”
في المقابل، أشارت مجلة المصدر الإسرائيلية إلى أن إسرائيل تستعد لليوم ما بعد الحرب في سوريا واضعة نصب أعينها هدفا واضحا يرمي إلى إبعاد إيران وحزب الله عن حدودها. مؤكدةً في الوقت نفسه أن إيران استثمرت موارد كثيرة في سوريا، سواء بشكل مباشر أو بواسطة حزب الله الذي تموّله. ودفعت ثمنا باهظا، وتعرضت إلى انتقادات داخلية، لذلك باتت تأمل في الحصول على مقابل. الميناء البحري هو مثال واحد فقط. لن يتنازل الإيرانيون عن السيطرة والتأثير في سوريا بسهولة: عسكريا، سياسيًّا، اقتصاديا، ودينيا.
وشددت المجلة الناطقة باللغة العربية على أن الإيرانيين في الوقت الذي ما زالت فيه الحرب مستمرة لا ينتظرون، وقد بدأوا برسم الحقائق على أرض الواقع وتقاسم الغنائم.
وأضافت المجلة في مقالٍ للكاتبة الإسرائيلية شيمريت مئير أن بوتين يدرك هذه الحقيقة أيضًا، ويعرف نتنياهو أن بوتين يدركها، وأنه ليس متحمسا بشأنها. وروسيا تطمح أيضا إلى الحصول على مقابل لاستثماراتها في سوريا مثل تحقيق السيطرة الإقليمية والمصالح الاقتصادية. من جهة أخرى، إذا كان هناك أمر نجح بوتين في إثباته خلافا للأمريكيين فهو أنه لا يتخلى عن حلفائه.
وتشكل إدارة الوضع في سوريا كما يمكن أن نلاحظ مهمة دبلوماسية معقدة بشكل لا يتوقع، وتتطلب سياسة العصا والجزرة، بحسب المجلة.
وتضيف الكاتبة بأنه من الواضح أن بوتين معني في الحفاظ على علاقات جيدة مع إسرائيل، فهي دولة إقليمية كبيرة يعيش فيها الكثير من الروس، إلا أن الواقع الجديد في سوريا قد يكون يشكل تحديا كبيرا جدا لإسرائيل. قد يتغير واقع الجيش السوري الآخذ بالتدهور وواقع حزب الله المشغول في سوريا وليس بإسرائيل، والشائع في السنوات الأخيرة. من ناحية سوريا إذا لم يتوقف هذا الواقع بينما لا يزال في بدايته، فقد تصبح دولة إقليمية ذات مناطق كاملة يسيطر عليها في الواقع الحرس الثوري وإيران وحزب الله. هذا التطور خطير جدا (فكّروا بالصواريخ) ويبدو أن نتنياهو يدرك أن إحباط هذا الواقع يجب أن يتصدر أولويات إسرائيل السياسية.
المصدر: (نتنياهو) لـ (بوتين): الإرهاب الإيراني أخطر من إرهاب (داعش)

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك