أبريل 29, 2024

د. محمد عادل شوك: كلنا شركاء
ينظرُ المراقبون إلى سعي جماعات الجهاديّة العالميّة ممثلة بجبهة النُّصرة ( بغض النظر عن تحديث الاسم: فتح الشام، و تحرير الشام )، لالتهام أحرار الشام في محافظة إدلب، بعدما هضمت معدتها كبريات الفصائل الأخرى، سواءٌ منها الوطنية، أو الإسلامية، على أنّ ذلك أحد أكبر أخطائها الاستراتيجية في الساحة السورية، و ذلك للأمور الآتية:
ـ صحيحٌ أنّ أحرار الشام تعيش حالةٌ من التردّد في حسم خياراتها السياسية و العسكرية، و أنّها كانت متوانية في حماية الفصائل التي انضمّت إليها هربًا من النصرة؛ إلاَّ أنّها قد أثبتَتْ لها أنّها ليست لقمة سهلة للابتلاع، و أنّها ما تزال متجذّرة في الشمال أكثر منها بكثير، و تملك من المقدرات البشرية و اللوجستية الشيء الكبير، و لديها رصيد في الحواضن المجتمعية، ما يحول دون قرار تصفيتها، بالسهولة التي يزينها البعضُ لنفسه.
ـ إنّها على الرغم من سلفيّتها، إلاّ أنها تحاشت كثيرًا الصدامَ مع كبريات الجماعات الإسلامية في الثورة، و قد خاضت من أجل ذلك جولات من الصراع الداخليّ مع ثُلّة من شرعييها و منظريها الذين كانوا يدفعون نحو ذلك؛ و هو ما جعلها في موضع تقدير منها جميعها، و أعطاها بُعدًا استراتيجيًا في المدى المنظور.
ـ إنّها قد أحسنت الصنيع في تحاشي الصدام مع مؤسسات دينية تقليدية وازنة في المجتمع السوريّ، كمجتمع المشيخة التقليديّ الذي لم يستطع النظام جرّه نحوه،  و نعني بهم شريحة العلماء الذين انضووا في عدد من التجمعات الدينية، و كان آخرها المجلس الإسلاميّ السوريّ؛ على العكس من تلك الجماعات الجهادية المنضوية تحت تنظيم القاعدة، الذين ناصبوهم العداء، جريًا على عادتهم في الاستخفاف و الازدراء بكلّ من لا يشاطرهم رؤيتهم في النظر إلى الأمور.
ـ إنّها قد استطاعت أن تستوعب كثيرًا من المبادرات: محليًّا و إقليميًّا و دوليًّا، في البحث عن آفاق للحلّ المستقبليّ، فمنحَها حضورُها عددًا من المؤتمرات حول الملف السوريّ، و تعاطيها المرن مع عدد طروحات الحل السياسيّ فيه، حمايةً من التصنيف على قوائم الإرهاب، على العكس تمامًا من تلك النصرة التي ما تزال لا تُلقي للأمر بالاً، و لا يعنيها ما تجرّه على الملف السوريّ من جرّاء تعمّدها على إبقاء ارتباطها مع تنظيم القاعدة.
ـ إنّها قد نجحت في إقامة علاقات مع عدد من الدول و الهيئات و المؤسسات، ذات النفوذ في الملف السوريّ، من خلال شبكة العلاقات العامة التي نسجها مسؤول مكتب علاقاتها الخارجية ( لبيب النحاس )، و أثبت نجاحًا ملحوظًا في أن تكون شريكًا محليًّا، يمكن الوثوق بقدرته على شتى الصُّعُد: التفاوضيّة، و السياسية، و المدنيّة، فقد خلا ملفُها من تهم التكسُّب من حالات الخطف للصحفيين، أو موظفي الإغاثة، أو المستأمنين، و هو الأمر الذي يقيم له المجتمع الدوليّ كبير أهمية، و كثيرًا ما جلب المشاكل للآخرين في أكثر من محطة، و استعدى عليهم المجتمع الدوليّ، و أضرّ بعدالة القضية التي تتبنّوها أو تداعوا لنصرتها.
ـ إنّها حافظت على نظافة يدها بعد حادثة مستودعات الأركان في بابسقا، فلم يؤثر عنها بعد ذلك أيّة حادثة سطو أو استيلاء على مقرّات و مقدرات الفصائل، و حتى تلك الحادثة هناك من يعزوها إلى العقلية التي كانت تسودها في حينها، و قد حاولت القيادات اللاحقة أن تبعدها مفاصل القرار فيها.
ـ و لعلّ الأهمّ من ذلك كلّه تورُّعُها في الدماء؛ فلم يُعرف عنها تساهلُها في هذا الأمر، و النُّكث بمخالفيها من الفصائل الأخرى، و حتى مع مَنْ اقتضت الضرورة و المصلحة إشهارُ السلاح بوجههم، عيب عليها بطؤها في اتخاذ القرار نحوهم، و اقتلاع شوكتهم، و ردّ صيالهم، كجماعة جند أو لواء الأقصى.
و آخرُ ما يُذكرُ لها في ذلك ما كان من محاولات النصرة الصدام معها في: مصنع العبوات في سلقين، و معمل الغزل في إدلب، و مصنع الأسلحة في سرمين، و معسكر الطلائع في المسطومة.
المصدر: د. محمد عادل شوك: ما يُذكرُ لأحرار الشام في سعي النُّصرة للصدام معهم في إدلب

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك