مايو 2, 2024

ميدل إيست بريفينج: ترجمة ايوان24
من غير المجدي محاولة تحديد ما إذا الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» حصل على موافقة مسبقة من الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» قبل توسيع العملية العسكرية التركية في شمال سوريا.
فأغلب الظن أن «بوتين» أعطى أنقرة الضوء الأخضر للذهاب إلى منطقة الباب فقط ، وهذه مسألة نحن نعرف أنها أثيرت في اجتماع 10 أكتوبر/تشرين الأول بين الزعيمين.
ولكن النتيجة هي أن الطائرات التركية تقصف قوات سوريا الديمقراطية (SDF). وتبرر أنقرة هذه الغارات الجوية بأن قوات سوريا الديمقراطية ليست سوى اسم آخر لوحدات حماية الشعب التابعة لحزب العمال الكردستاني في سوريا. عدد قليل جدا من المراقبين سوف يختلف مع هذه الحجة.
تريد تركيا أن تأخذ الباب من خلال عمليتها في شمال سوريا المسماة درع الفرات. و لا تريد تركيا أي وجود لتنظيم الدولة أو للقوات الكردية غرب الفرات. كما قلنا مرارا وتكرارا، فإن تشجيع الأكراد للعبور إلى غرب الفرات كان أحد الأخطاء الفادحة. في الواقع، لن تنتهيالمشكلة إذا حررت تركيا مدينة الباب. المرحلة المقبلة سوف تتمثل في الحصول على مدينة منبج من القوات الكردية المعادية لتركيا. ما نراه هو صراع آخر يسير بحركة بطيئة في الحرب في شمال سوريا.
بعد قصف مواقع قوات سوريا الديمقراطية، ادعت أنقرة أنها قتلت ما يصل إلى 200 مقاتل من الجماعة التي تم تدريبها وتسليحها من قبل وزارة الدفاع الأمريكية. قبل 19 أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت تركيا أن أي جماعة مسلحة سوف تقف في طريق درع الفرات إلى مدينة الباب سيجري ضربها مرة أخرى.
قبل الغارات التركية، أشارت التسريبات في تركيا إلى أن هناك اتفاقا بين «أردوغان» و«بوتين» تدين بموجبه موسكو إدانة لفظية أي عملية عسكرية تركية ضد وحدات حماية الشعب الكردية طالما بقيت عمليات تركيا غرب الفرات. وقيل أن شرط الصفقة ألا تقوم القوات المدعومة تركيا ب بعبور النهر وأن تمتنع أنقرة عن أي عمل طويل الأمد، أو توغل عسكري مباشر داخل الأراضي السورية.
ويبدو الآن أن الجانبين يتصرفان بالضبط وفق ما أشارت له الشائعات. وزير الخارجية الروسي «سيرجي لافروف» لم يقم إلا بالإدانة اللفظية للغارات الجوية التركية، كما أنه حاول أيضا أن يضع غارات أنقرة ضمن السياق المناهض للولايات المتحدة. وقال «لافروف»: «وحول ما تردد عن الضربات الجوية للقوات الجوية التركية في المناطق السورية الشمالية، ف نحن قلقون للغاية بشأن ما يحدث». وقال «لافروف» إن تركيا هي عضو في تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة لمكافحة الدولة الإسلامية ويجب أن تبقى في إطار الهدف المعلن للتحالف الذي تنخرط فيه.
الضوء الأخضر الروسي، يفيد إن الشائعات صحيحة، وأنه أعطي في مقابل التزام «أردوغان» بعدم قصف الأكراد في عفرين أو شرق الفرات. وبعبارة أخرى، منحت روسيا «أردوغان» ما قد ينهي مخاوفه حول قيام منطقة كردية من عفرين إلى الحسكة، تخضع لسيطرة قوات مقربة من حزب العمال الكردستاني. وقد تحولت هذه المنطقة إلى كابوس الأمن القومي بالنسبة للأتراك.
حاولت تركيا تغيير نهجها بشأن العلاقات مع كل من واشنطن وموسكو من أجل تغيير ديناميكية سلوكها في شمال سوريا والقضاء على ما تعتبره تهديدا للأمن القومي. قرر تنظيم الدولة أيضا أيضا تمهيد الطريق للمعركة التركية الكردية في المنطقة لإضعاف كلا الجانبين.
سارع التنظيم إلى الانسحاب من منبج وترك السيطرة لقوات سوريا الديمقراطية، كما انسحب من جرابلس ودابق وتركها إلى المعارضة المدعومة من الدولة التركية. ومن الواضح أن هذا يفتح السباق على الباب بين الجانبين ويزيد كثيرا من احتمال وقوع اشتباكات مباشرة بينهما. في الواقع، فإنهما سيكونان في نهاية المطاف وجها لوجه. وفي الوقت نفسه، تقول تركيا أنها تريد تنظيف غرب الفرات، ولكنها تأمل في تطهير الشرق أيضا من قوات وحدات الحماية الكردية.
ومع ذلك، يظل تنظيم الدولة نشطا في المنطقة. وهو فقد يريد أن يرى أعداءه من الأكراد وفصائل المعارضة الأخرى يقومون بمحاربة بعضهم البعض بدلا من القتال ضده. وهذا هو بالضبط ما يحدث. هناك الآن خمسة من الأطراف المتحاربة على الأرض في شمال سوريا: النظام، والذي تتقدم قواته إلى الشمال من حلب وحول حماة. الأتراك، الذين يستعدون لأخذ الباب من خلال حلفائهم، وحدات الحماية الكردية وجماعات المعارضة الصغيرة المتحالفة معها؛ ومجموعات رئيسية من المعارضة لا تزال تسيطرعلى شرق وشمال حلب وكذلك إدلب، وتنظيم الدولة الإسلامية. ووراء الجهات الخمس المتحاربة هناك متاهة من القوى العالمية والإقليمية: الولايات المتحدة وروسيا وإيران والعرب، والإسلاميين، والميليشيات الشيعية العراقية، وبعض الدول الغربية.
عندما نتأمل كيف تقوم موسكو بالتعامل مع المسألة مقارنة مع طريقة واشنطن في التعامل معها، سوف نجد جملة من الفروق في تكتيكات القوتين في شمال سوريا. وقد تم تكليف وزارة الدفاع الأمريكية بالتحرك في حدود سياسة «داعش أولا» بغض النظر عن أي عامل آخر. لذا، ركز الجيش الأمريكي على مساعدة قوات الحماية الكردية، مما تسبب في ضجة في أنقرة. كان هذا واحدا من العوامل الرئيسية التي أدت إلى هذه المرحلة من التعقيدات الحالية.
تجاهلت واشنطن اعتراضات صاخبة من «أردوغان»، على الرغم من أن تلك الاعتراضات تستند إلى مخاوف أمنية وطنية مشروعة. روسيا، من ناحية أخرى، تدرك أن تركيا لن يهدأ لها بال حتى أنه تمنع الوحدات الكردية من وصل عفرين بالمنطقة الشرقية من نهر الفرات. وعلاوة على ذلك، تدك موسكو أن «أردوغان» على استعداد للذهاب لوقف حزب العمال الكردستاني مهما كلف ذلك. لذلك، قبل «بوتين» الوصول إلى اتفاق يتم من خلاله معالجة مخاوف الأتراك مقابل قيام تركيا باحترام المناطق الكردية في عفرين وشرق نهر الفرات وقتال تنظيم الدولة. وبعد تحرير درع الفرات لجرابلس ودابق، تستعد تركيا الآن للتقدم إلى الباب.
الولايات المتحدة من جانبها اكتفت بدعم القوات الكردية التي سيطرت على منبج، وتجاهلت تماما شكاوى تركيا. إذا افترضنا أن درع الفرات سوف تسيطر في الواقع على الباب أولا، كما يبدو مرجحا الآن، سيكون السؤال: ماذا سيفعل الأتراك في منبج؟ هل سيهاجمون الأكراد هناك؟
وتعهد أ«أردوغان» في 18 أكتوبر/ تشرين الأول أن تركيا لن تستريح قبل طرد قوات الحماية الكردية من منبج. وقال إنه بعد تحرير الباب، فإن معركة تحرير منبج سوف تبدأ.
وهذا دليل واضح جدا على أن استراتيجية «داعش أولا» كان خطأ فادحا. وفي أزمة معقدة مثل الأزمة السورية، فمن الخطأ أن نستمع إلى السياسيين عندما يتحدثون عن حلول جزئية تهمل الأبعاد الأخرى للحروب متعددة الأوجه. نهج التبسيط والسذاجة، الذي يطالب به «أوباما» ليكون تعريفا للسياسات الحكيمة والرشيدة، كان مدمرا جدا بحيث لا يمكن أخذه على محمل الجد من قبل المخططين الاستراتيجيين في البنتاغون. ومع ذلك، كانت هذه في الواقع سياسة إدارة «أوباما» في شمال سوريا. لحسن الحظ، فإن هذه «الحكمة» أو الغباء ستنتهي قريبا. وإذا لم تنته، فإننا قد نرى عقدا آخر من الحرب في سوريا.
اقرا:
ميدل إيست بريفينج: هل تعبر الميليشيات الشيعية العراقية الحدود إلى سوريا؟



المصدر: ميدل إيست بريفينج: خمس جهات متحاربة تقاتل بعضها البعض في شمال سوريا

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك