أبريل 28, 2024

شمال سوريا – تحوّل منزل شكري القوتلي، أول رئيس لسوريا بعد الاستقلال عن الاحتلال الفرنسي وأحد مهندسي الوحدة مع مصر عام 1958، إلى معهد لتعليم اللغات الأجنبية، الأمر الذي أثار غضب عدد من الأهالي ومثقفي مدينة دمشق.

ومؤخرا شهد المنزل الواقع في حي بستان الرئيس بمنطقة الجسر الأبيض، أعمالا للصيانة والترميم، قبل أن يتم رفع لافتة أعلى باب المنزل تحمل اسم المعهد الذي يقدم دورات وخدمات تعليمية للغات الأجنبية.

وقال أحد سكان الحي (رفض الكشف عن اسمه) إن عمالا حضروا إلى المنزل منذ مدة قريبة، وبدؤوا بأعمال صيانة وتجديد واجهة المنزل وكشط الحجر القديم وتركيب قضبان معدنية جديدة على نوافذ المنزل المطلة على الشارع وأحواض للنبات.

وأضاف، في حديثه للجزيرة نت، أنه وباقي الأهالي في الحي اعتقدوا أن الحكومة شرعت في تجديد منزل الرئيس الأسبق كنوع من التكريم والاهتمام بمنزله الأثري ذي الطراز المعماري الفرنسي، لكنهم اكتشفوا لاحقا الحقيقة.

وأشار الساكن في الحي إلى تغير المنزل كليا من الداخل وبدء تدريس اللغات في غرفه، مؤكدا أن اللافتة الحجرية البيضاء التي تحمل اسم شكري القوتلي قرب باب المنزل، هي آخر ما تبقى منه والدليل الوحيد لتعريف الجيل القادم بحقيقة المكان.

4 - سوريا - دمشق - منزل القوتلي في منطقة الجسر الأبيض بدمشق قبل أن تطاله التعديلات (مواقع التواصل).
منزل القوتلي في منطقة الجسر الأبيض بدمشق قبل أن تمتد إليه التعديلات (مواقع التواصل)

غضب وانتقادات

وبعد انتشار الخبر بين سكان المدينة، استنكر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تحويل منزل القوتلي إلى معهد، وتغيير معالمه التاريخية، معتبرين أن المنزل إرث تاريخي يجب المحافظة عليه، لا سيما أنه لشخص يمثل مرحلة هامة من تاريخ سوريا الحديث.

ورأى الباحث التاريخي السوري عمر عبد الغني أن الإجراء أمر غير مستغرب من حكومة النظام “التي لم تدخر جهدا لاستباحة تاريخ ومعالم سوريا من خلال قصف المواقع الأثرية والأسواق في مدن حلب وحمص ودرعا بالبراميل المتفجرة، وعدم الاكتراث بالنتائج”.

وقال عبد الغني في حديث للجزيرة نت إن “حكومة النظام ومن ورائها حزب البعث الحاكم مسكونان بروح الإقصاء ورفض الآخر، منذ استلامه السلطة في سوريا عام 1963 خلال انقلاب ما يسميها النظام السوري ثورة الثامن من (مارس/) آذار”.

ويعتقد عبد الغني أن الدول الديمقراطية تبجّل زعماءها التاريخيين وتجلهم من خلال التكريم واستحضار ماضيهم، رغم أي خلافات سياسية سابقة، وهو الأمر الذي يغيب في دول تحكمها أنظمة دكتاتورية.

تحولت غرف المنزل ذي الطراز الفرنسي إلى صفوف تعليمية للغات (الجزيرة نت) عمر يوسف.
تحوّلت غرف المنزل ذي الطراز الفرنسي إلى صفوف تعليمية للغات (الجزيرة)

نشأة القوتلي

ولد شكري القوتلي يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول 1891 في حي الشاغور، أحد أحياء دمشق القديمة، لعائلة من التجار ومُلاك الأراضي نزحت من العراق إلى سوريا منذ 6 قرون.

نشأ القوتلي منذ صغره محبا للغة العربية، وبعد أن حصل على الشهادة الابتدائية التحق بثانوية عنبر في دمشق، حيث أتمَ دراسته الثانوية، ثم اشترك في مسابقة للكلية الشاهانية في إسطنبول، والتي وصفت حينها بأنها أرقى مدرسة للعلوم السياسية والإدارية في الدولة العثمانية، فكان ترتيبه الخامس بين 350 طالبا من الناجحين، فالتحق بالكلية الشاهانية عام 1908.

انضم القوتلي إلى جمعية “العربية الفتاة” السرية المحظورة من الدولة العثمانية، والتي تأسست عام 1911 في باريس، وفي عام 1913 أصبح للجمعية فرع في دمشق انضم إليه القوتلي، قبل أن يُقبض عليه وينجو من الإعدام بتدخل من الشريف حسين الذي أعلن الثورة العربية الكبرى عام 1916.

أنشأ القوتلي “حزب الاستقلال” في سوريا، فكان أول حزب في العهد الجديد حمل على عاتقه مسؤولية توعية الشعب وتهيئته للنضال ضد المستعمر الفرنسي الذي احتل سوريا عام 1920 بعد خروج الأتراك منها.

6 - حصل القوتلي على لقب المواطن العربي الأول من الرئيس المصري جمال عبد الناصر بعد تنازله عن الحكم لصالح الوحدة (مواقع التواصل).
حصل القوتلي (يمين) على لقب المواطن العربي الأول من الرئيس المصري جمال عبد الناصر بعد تنازله عن الحكم لصالح الوحدة (مواقع التواصل)

المواطن العربي الأول

تولى القوتلي وزارة الدفاع في عام 1936، ورئاسة الجمهورية لولايتين، الأولى بين عامي 1943 و1949، ليكون أول رئيس لسوريا بعد الاستقلال عن فرنسا، وانتهت هذه الفترة بأول انقلاب عسكري في العالم العربي قاده الضابط حسني الزعيم، الذي أودع القوتلي السجن.

بعد خروجه من السجن، سافر القوتلي إلى مصر، قبل أن يعود رئيسا لسوريا للمرة الثانية باقتراع سري لمجلس النواب حصل فيه على ثلثي الأصوات، ليحكم ما بين 1955 و1958 حيث تنازل عن الحكم للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر لتحقيق الوحدة مع مصر، ليحصل من رئيس دولة الوحدة لاحقا على لقب المواطن العربي الأول.

توفي القوتلي يوم 30 يونيو/حزيران 1967 في مدينة بيروت التي رحل إليها عقب انقلاب البعث عام 1963 بعدما صودرت أمواله، ودفن في مقبرة باب الصغير في دمشق، دون تشييع رسمي.

مزيد من الأخبار http://www.qamishly.com

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك