أبريل 27, 2024

رصد: كلنا شركاء
مهما تطاول خيال الشعب السوري الذي عاش ردحا من الزمن في كنف دولة مستقرة اقتصاديا، لم يكن ليتخيل أن تحيله ثورة الربيع العربي التي أنجزها قبل خمس سنوات إلى المهاجر البعيدة بحثاً عن الأمان والعمل.
السودان كان وجهة مئات الآلاف من السوريين، فيما بدا وكأنه تبادل غريب للأدوار، حيث طاف السودانيون بأرجاء سوريا المستقرة حينها، تجارة وسياحة إلى مدنها التاريخية الشهيرة قبل أن ينقلب الوضع رأساً على عقب جراء الحروب والأزمات الاقتصادية، بحسب ما أشارت إليه صحيفة “اليوم التالي” السودانية.
ولم يفتأ السوريون يدقون كل أبواب الرزق والعمل في كل مكان لكسب قوتهم الذي يكفيهم شر الحاجة وسؤال الناس، الأمر الذي أدى بدوره إلى انتشار الاستثمارات السورية في أنحاء العاصمة بمدنها الثلاث، فكثرت المطاعم العربية بالسودان إلى حد أنه صار يفصل بين (مطعم ومطعم) مطعم آخر، كما يعلق الناس ساخرين. هذا ودأب السوريون على اختيار أماكن استراتيجية لإنشاء مطاعمهم، على الشوارع الشهيرة، والأحياء الراقية، وهكذا انتشرت مطاعم البيتزا، الشاورما، والمشويات بأنواعها.
نصف مليون سوري
وفي السياق يقول محمود السباعي، سوري الجنسية، ومالك لأحد المطاعم بالعاصمة في حديثه للصحيفة السودانية إن أغلب المستثمرين في السودان جاؤوا إليه نتيجة لانعدام الأمن في بلادهم، وأضاف: “أعتقد أن الاستثمار في السودان وفي هذا المجال بالذات ناجح جداً”، وأشار إلى أن السودان من الدول التي سمحت للسوريين بالدخول إليه دون فيزا، وأضاف: “انتشرت المطاعم العربية والسورية بصفة خاصة في السودان نتيجة للأزمات التي تمر بها البلاد العربية حتى إن نسبة السوريين المقيمين في السودان تجاوزت نصف المليون شخص”، وعزا الإقبال على المطاعم السورية إلى جودة وإتقان ونظافة الأطعمة والمطعم السوري.
يواصل محمود سباعي: “لابد من توافر رأس مال لأنه العامل الوحيد في نجاح كل المشاريع الاستثمارية وخاصةً المطاعم، التي تعتبر من المشروعات المربحة جداً”، وكشف عن أن أرباحه تزيد يوماً بعد يوم، وأضاف: “أعد في اليوم الواحد ما يقارب الـ(1000) ساندويتش أو غيره من الطلبات الأخرى”.
تعددت الأسباب
من جهتها أرجعت هنادي هلال عمر، صاحبة مطعم سوداني، سبب انتشار المطاعم العربية في السودان إلى ما سمته بالتغيير الطبيعي للمزاج والذوق العام نتيجة للثقافات المكتسبة، لذا صار الناس يفضلون الأطعمة السورية رغم ارتفاع أسعارها، وأشارت إلى أن هناك الكثير من السودانيين المقيمين بالخارج يتناولون تلك الوجبات بشكل معتاد وعند رجوعهم إلى السودان يحصلون عليها من المطاعم السورية، وأردفت: “أصبحت الوجبات التقليدية غير مرغوبة فعلاوة على أنها مقيدة بوقت محدد فإن كثيرين يعتبرونها نوعا من الخروج عن ما يعرف بـ(البرستيج) خاصة الموظفين”، واستطردت: “أما في الجانب الأسري فأصبح الخروج لتناول وجبة في أحد المطاعم نوعاً من التغيير لروتين الوجبات المنزلية”.
فرضت نفسها
بالنسبة إلى فاطمة إغيبش، موظفة، فإن المطاعم السورية ظاهرة فرضت نفسها حتى أصبحت أمراً عادياً، حتى أضحى الإقبال كبيراً جداً، وعزت ذلك إلى ما وصفته بقلة جودة وغلاء الوجبات التي تعدها المطاعم السودانية، كما أن في مطاعم السوريين تقدم الوجبات بطريقة جميلة تجعلك ترغب في الذهاب إليهم يوميا، وأشارت إلى أن الموظفين من الجنسين هم الأكثر إقبالا على المطاعم.
إلى ذلك يقول محمد الجاك، الخبير الاقتصادي، إن الاستثمار من ناحية مطلقة يجب أن تكون لديه جدوى، لكن العبرة هل الأحداث التي تستهدفها التنمية القومية القائمة على الألفية هي صائبة؟ وأضاف أن الاستثمار السوري في السودان بصفة عامة.
يتأثر بالبيئة، حيث إن هذا النوع من الاستثمار ليس في مجال ذي أثر كبير على الاقتصاد السوداني فخدمات المطاعم ليست أولوية، وإنما الهدف منها تراكم رأس المال بمعدلات سريعة كون هذا القطاع سريع العائد ويوفر أرباحاً طائلة ويكوّن رأس مال كبيرا، وأضاف أن في ظل الظروف التي تعيشها سوريا لا يأتي هذا النوع من الاستثمار من خلال اتفاقيات، لكننا لا ننكر وجود سوق وطلب متزايد، ولكن لو جاء بطريقة رسمية فسوف يكون العائد بالنسبة للدولة أفضل.
وأردف: “هناك شركات في القطاع الخاص تتعاقد مع مطاعم بعينها، وهي بذلك لا تختلف عن الشركات الأجنبية إذ تتوافق مع أهدافها في السعي وراء تكوين رأس مال كبير في فترة قصيرة، حتى إنه لا توجد شركات استثمار سودانية تعمل في الزراعة والصناعة وغيرها”، واختتم محمد الجاك حديثه قائلاً: “هناك ضعف في الرقابة على كل المطاعم فالكثير منها يعاني التلوث.
اقرأ:
الجنسية السودانية حلٌ لتسهيل تنقلات السوريين
 



المصدر: مطاعم السوريين تغزو السودان

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك