أبريل 28, 2024

يحتفي صحفيو العراق باليوم العالمي لحرية الصحافة، وسط معاناة كبيرة بسبب الملاحقات والتهديدات والانتهاكات المتواصلة وتقييد الحريات، بالإضافة إلى غياب الدعم.

وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993، اعتبار الثالث من مايو/أيار من كل عام اليوم العالمي لحرية الصحافة، ليكون فرصة للاحتفاء بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة، وتقييمها في كل أنحاء العالم، والدفاع عن وسائط الإعلام أمام الهجمات التي تشن على حريتها، والإشادة بالصحفيين الذين فقدوا أرواحهم في أثناء أداء واجبهم.

هادي جلو مرعي الصحافة العراقية
مرعي: العراق فقد أكثر من 500 صحفي في ظروف مختلفة منذ عام 2003 (الصحافة العراقية)

تهديدات وانتهاكات

وعن أبرز معوقات العمل الصحفي في العراق يقول رئيس المرصد العراقي للحريات الصحفية هادي جلو مرعي، إن الصحفي العراقي يواجه جملة من التحديات منذ العام 2003 وحتى اللحظة، وكانت هناك مراحل صعبة للغاية وصلت إلى التصفية الجسدية.

وفي حديثه للجزيرة نت، يؤكد مرعي أن العراق فقد ما يزيد على 500 صحفي منذ عام 2003 في ظروف مختلفة بسبب العديد من الانتهاكات الحكومية وانتهاكات القوات الأجنبية عدا عن تهديدات التنظيمات المتطرفة، وتحولت الأمور لاحقا إلى ملاحقات قضائية وتهديدات وترهيب.

ويتحدث مرعي عن الانتهاكات الأخرى التي تطال الصحفيين، من مصادرة المعدات، والمنع من التغطية، وتحطيم معداتهم كالكاميرات، وأخذ أشرطة الفيديو، والتمييز بين مؤسسة وأخرى، والإبعاد عن العمل بطريقة تعسفية، والتأخر في دفع الرواتب، والامتناع عن تسديد مستحقاتهم المالية، والتمييز بين الموظفين والتنمر عليهم، وتهميش دور المرأة الصحفية وتعرضها لمضايقات داخل بعض المؤسسات.

وينوه إلى وجود أشكال من الانتهاكات المرتبطة بعدم فهم دور الصحفيين ووسائل الإعلام، حيث يتم عادة منع الفرق التلفزيونية من العمل بحرية في الشارع، والتجاوز عليهم من قبل عناصر الأمن، كما في بعض نقاط التفتيش من دون اعتبار ذلك سياسة ممنهجة، ويعتقد أنه سلوك فردي بحاجة إلى المتابعة المستمرة من الجهات المسؤولة.

ويعزو رئيس المرصد العراقي للحريات الصحفية سبب استمرار تصاعد الانتهاكات رغم مرور عقدين على التغيير، إلى شكل النظام السياسي غير الواضح، وتعدد قوى النفوذ، فالعراق بلد لم يصل إلى مرحلة الاستقرار الكامل بعد، ولا تتحكم الدولة ومؤسساتها كما يجب أن تتحكم بمجريات الأمور، لأن هناك بالفعل المزيد من الانتهاكات التي تحصل من جهات نافذة متعددة تستعلي على القوانين والدستور وهذه مشكلة معقدة في الواقع لم يجد لها حلا إلى الآن.

ويبين مرعي أن التجارب المتراكمة والتسليم بالأمر الواقع والشعور بعدم الجدوى وإصرار البعض على ممارسة سياسة التنكيل والضغط جعلت من الصعب على الصحفي أن يتفاءل كثيرا وصار عليه أن يمارس عمله في ظروف يعرف أنها معقدة.

ويلفت إلى أن هذه الظروف أثرت سلبا، وحدت من إمكانات الوصول إلى نتاج مميز، لكنها كانت حافزا في بعض الأحيان لعديد منهم على الإبداع، وعدم التفريط بالفرص القليلة بالرغم من أن الأوضاع الاقتصادية سيئة للغاية، ولا تبشر بأمور جيدة.

الكبيسي رأى أن الصحفي العراقي مجرد دخوله سلك الصحافة يصبح عرضة للتهديد والقتل (الجزيرة نت)

اغتيال وخطف

من جانبه يقول الإعلامي محمد الكبيسي، إنه من المعلوم لدى الجميع أن العراق منذ الغزو الأميركي عام 2003، لم ينعم شعبه بالأمن، وذلك يشمل الصحفيين أيضا لكن بشكل أكبر، إذ بمجرد دخولهم سلك الصحافة أصبحوا عرضة للتهديد والقتل.

ويضيف للجزيرة نت أن الصحفيين يتعرضون أيضا لتهديد غير معلن من مالكي وسائل الإعلام لموظفيهم بعدم التعرض لشخصيات سياسية في البلد تربطهم بهم علاقات عمل أو قرابة، ويزيد الخطر على الصحفي في حال استخدم صاحب وسيلة إعلامية الصحفي لضرب جهات أخرى بهدف ابتزازها ماليا وبالتالي ينسحب الخطر كله على الصحفي ناقل المعلومة.

ويشير إلى أن الصحفي العراقي يتم تهديده أو خطفه لترهيبه من قبل جهات مسلحة ترتبط بأخرى سياسية، فإن ارتدع وسكت، يترك لحاله؛ وإلا فرصاصة واحدة كفيلة بإنهاء مسيرته الإعلامية وحياته، وعلى سبيل المثال في عام 2020، اغتال مسلحون مراسل قناة دجلة أحمد عبد الصمد ومصوره صفاء غالي، بسبب فيديو سابق لأحمد تحدث فيه عن أن الطرف الثالث أصبح معروفا لدى الجميع ويجب محاسبته، لذلك فإن تكميم الأفواه والتضييق على الصحفيين لا يقتصر على التهديد الكلامي، بل يتعداه إلى القتل.

ويلفت إلى أن العراق يصنف -وفق منظمة مراسلون بلا حدود- ثالث أخطر دولة على العمل الصحفي، حيث لا يستطيع القانون أن يحمي العاملين في سلك الصحافة من مخاطر كثيرة تتمثل غالبيتها بعمليات قتل وحشي تصنف كرسائل لمن يحاول إيصال صوت الشارع العراقي.

ويؤكد الكبيسي أنه من النادر ما تتم محاسبة قتلة الصحفيين فهي تنسب لجهات مجهولة، وحتى لو تم القبض على الفاعل فتكتفي المحكمة بمحاسبته هو فقط من دون الجهة التي يتبع لها، كما في قضية مقتل المحلل والخبير الأمني هشام الهاشمي.

السنجري أكد أن أبرز الشرائح العراقية التي مستها انتهاكات حقوق الإنسان هي المرأة والطفل وكبار السن - الجزيرة نت
السنجري أشار إلى أن العراق يشهد ملاحقة الصحفيين والناشطين وكتاب الرأي (الجزيرة نت)

قمع الحريات

وعمدت الأحزاب والطبقة السياسية إلى تقييد حرية الرأي والتعبير في العراق، وقامت بإغلاق الكثير من المكاتب التابعة لقنوات فضائية، وهناك تقييد أيضا لعمليات النشر، وفق الصحفي والإعلامي زياد السنجري.

ويضيف السنجري للجزيرة نت، أنه في السنوات الأخيرة أصبح الوضع لا يطاق في العراق، خصوصا مع انتشار المجاميع المسلحة، فتم إغلاق العديد من مكاتب القنوات الفضائية لمجرد تصريح بسيط، وكذلك ملاحقة الصحفيين والناشطين وكتاب الرأي وتم تهجير الكثير من الصحفيين والكتّاب والعاملين في مكاتب القنوات الفضائية في العراق.

ويرى السنجري أن المشكلة الرئيسية لا تكمن في القوانين وإنما في تفسيرها، وهناك قوانين قديمة كفلت حرية التعبير ومنها المادة 38 من حرية الرأي والتعبير التي أقرت عام 2005، ولكنها لم تفعل حتى يومنا هذا.

ويشدد السنجري على حاجة العراق لتثقيف الجهات الأمنية والتنفيذية وحتى القضائية وتوضيح دور الصحفي والإعلامي بأنه مرآة وسلطان، وينبغي أن يأخذ حريته في التعبير عما يجري في العراق.

مارسين ترى أن أهم أشكال الدعم التي يحتاجها الصحفي العراقي هي الحماية وضمان حرية التعبير (الجزيرة نت)

غياب الدعم

بدورها تقول مارسين الشمري، الباحثة في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفارد، إن أهم أشكال الدعم التي يحتاجها الصحفي العراقي هو الحماية وضمان حرية التعبير وقدرة الوصول إلى السياسيين وصناع القرار للحديث معهم.

وفي حديثها للجزيرة نت، تؤكد الشمري أهمية دعم الصحافة في العراق وتخفيف المعاناة الكبيرة التي يعاني منها الصحفيون بالعراق وفي الكثير من دول العالم.

وفيما يخص الحالة المادية تقول الإعلامية كفاح حسن، إن رأس المال يتحكم بممول أو مؤسس المؤسسة الإعلامية، ولا يوجد دعم حكومي سوى رواتب موظفي شبكة الإعلام العراقي وهي تعد تحت مظلة الدولة.

وفي حديثها للجزيرة نت تؤكد كفاح، أن أغلبية القنوات الموجودة بالعراق هي خاضعة للأحزاب والمستثمرين، لذا فإن آلية الدعم في بعض الأحيان تكون إما باستغلال هذه القنوات لدعم شخصية حزبية ما أو لدعم حزب معين.

وتنوه إلى أن البرلمان العراقي لم يشرع قانون حماية الصحفيين، والذي يشكل دعامة كبيرة لحمايتهم، لا سيما ونحن نرى ما يتعرض له الصحفي في العراق والعاملين في هذا المجال في الغالب على اعتداءات وانتهاك للحقوق، معربة عن أملها في إقرار القانون خلال هذه الدورة البرلمانية.

وبالنسبة لحجم الدعم الذي يتلقاه الصحفي في العراق، توضح حسن أن مسألة الدعم للصحفيين العراقيين هي نسبية، وتعتمد على واردات المؤسسة الإعلامية، ولكن بشكل عام فإن الدعم والامتيازات في العراق ضعيفان جدا مقارنة بالدعم الذي يتلقاه الصحفيون في الدول المجاورة.

اقرأ ايضاً: أفضل اشتراكات القنوات العربية (عالية الجودة)

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك