أبريل 28, 2024

إياس العمر: كلنا شركاء
ساهم التدخل الروسي المباشر في سوريا وتأمينه غطاءً جوياً لقوات النظام وميلشياته منذ 30 أيلول/سبتمبر من العام 2015 الماضي، بتغيير خارطة السيطرة على الأرض، وزيادة عدد المناطق المحاصرة، بالإضافة لارتفاع أعداد النازحين في الداخل السوري، واللاجئين في دول الجوار.
كما أن تأثير التدخل الروسي لم ينحصر ببقعة جغرافية واحدة، بل طال جميع المناطق الخارجة عن سيطرة قوات النظام، ولاسيما المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الحر من درعا جنوباً وصولاً لحلب شمالا، وكان للتدخل الروسي أثر كبير على جبهات القتال في محافظة درعا.
مناطق النظام تمددت
وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من التدخل الروسي والحملة الجوية على المناطق المحررة، لم يتم استهداف المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار في محافظة درعا، لكن منذ 28 كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، بدأ الوضع يتغير.
القائد الميداني في الجيش الحر أحمد الزعبي قال لـ “كلنا شركاء” إن قوات النظام بدأت منذ منتصف شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، محاولات للتقدم باتجاه مدينة الشيخ مسكين بريف درعا الشمالي، لكن دون جدوى، وصباح يوم 28 كانون الأول/ديسمبر بدأت مرحلة جديدة، فشن سرب من الطائرات الروسية عشرات الغارات على الأحياء السكنية في مدينة الشيخ مسكين، لتبدأ بعدها قوات النظام مدعومة بالميلشيات الهجوم الأوسع على المدينة وسط غطاء جوي من الطيران الروسي.
وأضاف بأن الغارات الروسية استمرت حتى 26 كانون الثاني/يناير، وهو تاريخ إحكام قوات النظام السيطرة على مدينة الشيخ مسكين، بعد أكثر من 1200 غارة من الطيران الروسي.
وعقب سيطرة قوات النظام على مدينة الشيخ مسكين، بدأ الطيران الروسي التمهيد لقوات النظام من أجل السيطرة على بلدة عتمان على مدخل درعا الشمالي مطلع شهر شباط/فبراير الماضي، وذلك بعد فشل قوات النظام على مدار ثلاث سنوات في السيطرة على البلدة، وبالفعل وبعد أربعة أيام من القصف المكثف سيطرت قوات النظام وميلشياته على البلدة، بحسب القيادي “أحمد الزعبي”.
ومن جهته، قال الناشط سامي الأحمد لـ “كلنا شركاء” إن الطيران الروسي هو من ساعد قوات النظام على التقدم في المحافظة للمرة الأولى منذ منتصف عام 2013، بعد أن  تحول هدف قوات النظام إلى الحفاظ على مواقعها على امتداد أوتوستراد دمشق – عمان، والذي يعتبر شريان الحياة الوحيد لقوات النظام في مركز المدينة وهي (مركز مدينة درعا – ازرع – الصنمين)، مشيراً إلى أن التدخل الروسي في محافظة درعا جاء بهدف فتح خط إمداد ثانٍ لقوات النظام، وهو طريق دمشق – درعا القديم الذي تقع عليه مدن وبلدات (الشيخ مسكين – ابطع – داعل – عتمان)، وبهذا الشكل يكون لقوات النظام أكثر من خط.
150 ألف نازح
ولم يقتصر تأثير الغارات الروسية على الجانب العسكري، بل إن أهالي المناطق المحررة هم من دفعوا الثمن الأكبر نتيجة الغارات، فالقصف الروسي تسبب بأكبر موجة نزوح في محافظة درعا مطلع العام الجاري.
وقال الناشط محمد القاسم لـ “كلنا شركاء” إن الاستهداف الروسي تسبب بنزوح قرابة 150 ألف نسمة من المدن والبلدات التي طالها القصف، وهي (الشيخ مسكين – نوى – الحارة – جاسم –انخل – ابطع – داعل – طفس – درعا البلد – النعيمة – صيدا – الغارية الشرقية – الغارية الغربية – بصرى الشام – علما – الصورة – الحراك –بصر الحرير)، ومعظمهم نزح باتجاه السهول المحيطة ببلداتهم، لأنه من الصعب على المناطق التي كانت خارج دائرة الاستهداف استيعاب هذه الأعداد الكبيرة.
كما أشار إلى أن الاستهداف من قبل الطيران الروسي كان للأماكن الحيوية، فأول غارة للطيران الروسي استهدفت أحد آبار المياه في بلدة الغارية الشرقية بريف درعا الشرقي، مما تسبب بمقتل ثمانية أشخاص، وبعدها استهدف الطيران الروسي النقاط الطبية بشكل مباشر، فتم تدمير عشر نقاط، ومنها النقاط في كل من (صيدا – الغارية الغربية – النعيمة – عتمان – الشيخ مسكين – نوى – جاسم).
ولم يتوقف تأثير التدخل الروسي عند التهجير وتدمير النقاط الطبية، بحسب القاسم، بل تعداه إلى استهداف المدارس، مما تسبب بشلل في الحركة التعليمية منذ مطلع العام الجاري وحتى مطلع شهر آذار/مارس الماضي، وذلك عقب توقف القصف الجوي من قبل الطيران الروسي، بالإضافة لشلل تام في معظم الأسواق التجارية، نظراً لتخوف الأهالي من التجمعات.
خلايا مرتبطة بـ “داعش”
وكان لاستهداف مواقع سيطرة تشكيلات الجيش الحر في محافظة درعا بأكثر من 2000 غارة خلال شهريين تأثير كبير على هذه تشكيلات الجيش الحر، وساعد الخلايا التي تعمل لحساب تنظيم “داعش” في الظهور بعد أن كانت تعمل بشكل مخفي.
وقال الناشط هاني العمري لـ “كلنا شركاء” إنه وفي اليوم الأول للتدخل الروسي، كان هناك شيء غريب، فبعض المجموعات المحسوبة على تنظيم “داعش” أقدمت على اختطاف رئيس مجلس محافظة درعا الحرة السابق يعقوب العمار ورئيس رابطة أهل حوران الشيخ خالد زين العابدين بريف درعا الغربي، مع الساعات الأولى للحملة الروسية، مما أدى لحدوث حالة من التوتر في المحافظة، فبدل أن يكون جهد الجميع موجه لرد العدوان الروسي، بدأت بعض تشكيلات الجيش الحر بالعمل على إعادة المخطوفين وضبط طرقات الإمداد التي شهدت عدداً من عمليات التفجير والخطف لمقاتلين من الجيش الحر.
وأضاف أنه عقب خسارة الجيش الحر عدداً من المواقع ذات الأهمية الاستراتيجية، ومنها (الشيخ مسكين – عتمان) بدأت هذه الخلايا بمحاولة استغلال الفرصة وبسط نفوذها على المناطق المحررة، ولاسيما في ريف درعا الغربي، مما أدى لحدوث معارك هي الأعنف بين تشكيلات الجيش الحر والخلايا التي تعمل لصالح تنظيم “داعش”، راح ضحيتها أكثر من 600 مقاتل من تشكيلات الجيش الحر في محافظة درعا، مشيراً إلى أن جميع الغارات الروسية في محافظة درعا استهدفت تشكيلات الجيش الحر ولم يستهدف الطيران الروسي أياً من المناطق الخاضعة لسيطرة المجموعات المحسوبة على تنظيم “داعش”.
اقرأ:
اغتيال القائد الميداني لفرقة 18 آذار بتفجير عبوة ناسفة بدرعا



المصدر: كيف أثّر التدخل الروسي على درعا بعد مرور عام؟

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك