أبريل 28, 2024

رصد: كلنا شركاء
يحرك أبو ربيع المنحني فوق موقد خارج مأواه في مخيم الزعتري للاجئين في الأردن، قدراً كبيراً يحتوي على عصير سميك حلو بواسطة ملعقة خشبية، إنها عملية متعبة تستغرق أكثر من ساعة ولكنه يصر على أن النتيجة تستحق العناء.
يصنع اللاجئ السوري البالغ من العمر 45 عاماً الراحة التي تشتهر بها مدينته درعا في جنوب البلاد وهي المثيل السوري لإحدى الحلويات التركية المعروفة، بحسب ما نشره الموقع الرسمي لمفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة.
بالنسبة إلى أبو ربيع، فإن تحريك الملعقة بشكل دائم دليل على حبه للمهنة، قبل الأزمة كان مصنعه في درعا ينتج خمسة آلاف علبة من الراحة في اليوم وكانت العلامة التجارية المعروفة تلك تُستهلك في سوريا وخارجها.
وقال أبو ربيع للزائرين من المفوضية: “تملك عائلتي المصنع منذ ثلاثة أجيال وأقول للناس بأنني تذوقت الراحة أولاً في حليب أمي. وعندما أصنعها، أشعر أنني في عالم آخر. أنسى أنني أعيش هنا في المخيم وأنتقل في التفكير إلى وطني”.
في سوريا كافح أبو ربيع للاستمرار في العمل رغم كل الصعوبات، إلى أن وصله خبر إصابة منزله بقذيفة ومقتل زوجته في منتصف عام 2012 بينما كان في المصنع، فغادر سوريا مع أبنائه الأربعة الأصغر سناً وعبروا الحدود إلى الأردن.
بقي أبناؤه الأربعة الكبار في سوريا للاهتمام بالأعمال ولكن بعد مغادرته بوقت قصير دُمر المصنع في قذيفة أخرى، نجح أبناؤه في إنقاذ بعض الآلات من الدمار وهم مستمرون في صنع الراحة داخل سوريا ولكن بكميات أقل من تلك التي كانوا يصنعونها قبل الثورة السورية.
يقول أبو ربيع: “ينقلون الآلات بين المناطق الآمنة. الأمر خطير ولكنه كل ما يجيدون فعله، وإن لم يقوموا بذلك فلن يتمكنوا من إعالة أنفسهم. كانت درعا تضم 100 مصنع راحة ولكنهم الآن الوحيدون الذين لا يزالون يعملون في هذا المجال”.
يحلم بالعودة إلى سوريا عندما تنتهي الحرب لإعادة بناء منزله ومصنعه حتى إن عنى ذلك البدء من الصفر. ويقول: “ولكن قبل ذلك، يجب أن تتوقف الهجمات الجوية وأن يتخلى الناس من جميع الجهات عن أسلحتهم”.
ولم يشر تقرير المفوضية الأممية -كما هي العادة- إلى الجهة التي قتلت زوجة (أبو ربيع) ودمرت منزله ومصنعه، ولكن جميع المتابعين للملف السوري يعرفون من الذي كان يمتلك السلاح الثقيل والجوي منتصف عام 2012.
في هذه الأثناء، يدخل أبو ربيع عامه الخامس كمقيم في مخيم الزعتري في شمال الأردن حيث تزوج مرة أخرى وأنجب خمسة أطفال. عندما وصل في البداية، كان المخيم قد افتُتح حديثاً وكان يعيش في خيمة واحدة ولكن لم يمر وقت طويل قبل أن يصنع أول دفعة من الراحة. ونظراً إلى عدم وجود أي مصنع أو آلات تساعده، تذكر كيف كان والده يصنع الحلويات يدوياً عندما كان هو طفلاً، وأعاد تطبيق الطريقة نفسها مستعيناً بموقد وقدر في المخيم. إنها طريقة صعبة وقد استغرقه إتقانها أربعة أعوام.
ويتذكر قائلاً: “بعد أن صنعت الدفعة الأولى، أتى لاجئون آخرون إلى الخيمة وتناولوها بينما كنت أقطعها. بكى بعض الرجال بينما كانوا يأكلونها لأنها أعادت إليهم ذكريات سعيدة-إنها طعم الوطن”.
وبما أن العائلة تعيش الآن في مآوٍ عديدة مسبقة الصنع، يستطيع أبو ربيع بواسطة موقده وقدره الكبيرين، صنع ما يكفي من الراحة ويقوم بذلك كل أسبوع تقريباً. ويشتري بعض سكان المخيم الحلويات لمناسبات خاصة أو للاستمتاع بطعمها. ولا يملك لاجئون آخرون المال، فيقدمها لهم مدركاً أن وعودهم بتسديد ثمنها لاحقاً قد لا تنفذ أبداً.
وشرح قائلاً: “أكسب القليل من المال من بيع ما أصنعه ولكنني لا أتاجر بذلك فعلياً. أصنع الراحة لأشغل نفسي وأشعر بأنني شخص طبيعي مجدداً، إنها مسألة عاطفية بالنسبة لي، الراحة حياتي ومهنتي وأنا فخور جداً بذلك”.

اقرأ:
عامٌ دراسيٌ جديدٌ يبدأ في مخيمات اللاذقية وسط غياب المنظمات
 


المصدر: الراحة الدرعاوية… لاجئٌ سوريّ ينقل (طعم الوطن) إلى مخيم الزعتري

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك