أبريل 26, 2024

علي الأمين السويد: كلنا شركاء
درج بعض المتعلمين، و بعض المثقفين على اللجوء إلى قصْف محاوريهم  بمعلومات تشبه الصعقات الكهربائية التي تهز  الصدمة و الترويع مفادها يقول  بالمجمل “لا … يا حبيبي القصة مو هيك.” أويقول بعد ضحكة باردة، و مصطنعة: “تحميل الفصائل مسؤولية كذا و كذا …. امر خاطئ. إنها أمريكا التي  تعبث … و هي .. وهي…وهي من يجب أن تلام، و هي الشيطان الأكبر، و الاصغر، ودع عنك هؤلاء الصغار المجاهدين المساكين“.
تقول له بأن تنظيم القاعدة، و أنصاره هم من أبناء المناطق في البلدان التي ابتليت به،وهم  محض شر و يجب تحصين أبناءنا بالمعرفة، و حضهم على العلم و الثقافة،  فيأتيك البرميل المعلوماتي المتفجر من صاحبنا المؤمن الذكي ليقول لك:
” سامحك الله وغفر لك، ان من يجب أن يلام في هذه الجرائم هو أمريكا. ألم تشاهد الفيديو الذي تعترف فيه كلينتون بأن أمريكا هي من صنعت القاعدة؟ ألم تستمتع الى الرئيس ترمب يقول بأن باراك اوباما هو من  أسس داعش؟ لتكن نظرتك أكثر عمقاً، و لا تلق باللوم على البسطاء اخوانك، فأمريكا هي الشر المطلق، و إن كرهها من الايمان.”
و لأني أؤمن بأن مقاربة قضية إلقاء اللوم في مسألة انجرارنا خلف مخططات الدول الأخرى، والوقوع في حبائل مؤامراتها  خاطئة، و غير علمية، أو بناءة، قمت بإجراء استبيان بسيط بالصيغة التالية على صفحتي الفيسبوك و تويتر:
الإستبيان
أمريكا هي من “خلقت الإرهاب“، و هي التي “رعته“، و هي التي مكنته من “إغوائنا“، و “الفتك” بنا، و هي “تعاقبه” ساعة تشاء، و “لا يوجد رادع لتصرفاتها.”
و أنت كمواطن سوري، مهما كان دينك، أو مذهبك، من برأيك يتحمل اللوم الأكبر أو المسؤولية المطلقة عن الارهاب و مآسينا:
1. أمريكا
2. الارهاب و الارهابيين
3. الاثنان معا (أمريكا و الارهاب و الارهابيين)
4. نحن
فكانت النتائج كما يلي:

أمريكا = 65 %
الارهاب و الارهابيين 3 %
الاثنان معا 15 %
نحن 18 %

وكما تلاحظون، فإن النسب صادمة، و لولا لطائف الل،ه حتى تمت تبرأة “الارهاب و الارهابيين” بعد أن حصلوا على نسبة ثلاثة في المئة من  نسبة الملامة على مصائبنا.
و لأن مناقشة هذه الافكار، و تفنيدها، و اثبات فسادها يطول، سأكتفي، بطرح الوجه الآخر من الاستبيان الذي أعددته مع الاستبيان المنشور و لم أنشره، و تركته لأطرحه في الوقت المناسب.
و هذا الاستبيان يقول:
الله هو من “خلق إبليس“، و هو من  “رعاه“، و هو الذي مكنه من “إغوائنا“، و “الفتك” بنا، و هو من “يعاقبه” ساعة يشاء، و “لا يوجد رادع لتصرفاته.”
و أنت كإنسان، مهما كان دينك، أو مذهبك، من برأيك يتحمل اللوم الأكبر أو المسؤولية المطلقة عن إتباع الشيطان و فعل كل الأخطاء التي يأمرك بها و التسبب في مآساتك:
1. الله
2. إبليس
3. الله و ابليس
4. نحن
بالعودة الى الاستبيان الاول و مقارنته بالاستبيان الثاني، نجد التشابه في الظروف، مع تنزيهنا المطلق لله عزّ و جلّ عن تشبيهه بشيء.
غير أن الحقيقة هي أن الله تعالى خلق ابليس، و ابليس نجح و  ينجح في ادخال الناس الى جهنم في كل ثانية، و حسب الدين الاسلامي فستكون جهنم مليئة بالمعذبين، و هؤلاء كلهم بسبب اغواء إبليس لهم. و الله يقول ذلك عن نفسه في القرآن.
و هذه حالة تشبه الى حد كبير مسألة “خلق” أمريكا للارهاب، و الارهابيين. علما أن أمريكا لم تعترف يوماً بأنها من خلقت الارهابيين.
فإن كنا نلوم أمريكا لانها صنعت الارهاب،و ليس الارهابيين، و أنها هي السبب في تدمير اوطاننا، فيتوجب علينا أن نلوم الله على خلقه إبليس الذي يقودنا الى التهلكة، و ليس إبليس. فهل هذا منطق عاقل بالله عليكم؟
إن الملوم الأول، و الأخير هو الإنسان الذي يقبل بما يعرضه عليه الآخر دون تبصر، و دون تفكير في مصلحة الناس و الاكتفاء بمصالح تستجيب الى انفاذ الرغبات، و النزوات الشخصية. و لن ينفع تبرير وقوعه في الحفر بأنها مؤامرة أمريكية أو غربية، على مبدأ ” أمريكا مثلاً“  بنت كلب، و تحارب الشعوب، و تكره الاسلام، و المسلمين،  فالافضل له أن يضع“اسمه” بدل “أمريكا” فيما قاله حتى تستوي المعادلة.
فلا يوقف الدول عن إبتلاع بعضها البعض، إلا حرص أبناء تلك الدول على عدم كونهم لقمة سائغة. و لا يردي في الخطيئة، إلا اتباع الانسان لنزواته هو، فلا يلومن غير نفسه، و إن كان يعتقد بأنه غير ملوم و ان الله هو الملام،  و أراد القيام  بأمور انغماسية، فهذا شأنه.


المصدر: علي الأمين السويد: أتلومون الله على فشلكم؟

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك