أبريل 28, 2024

كلنا شركاء: ذا أتلانتك – ترجمة التقرير

وصل وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيليرسون، إلى موسكو في مهمة شبه مستحيلة.

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تخليه عن سياسة أوباما السابقة تجاه الشرق الأوسط، بعد معاقبة النظام الحاكم في سوريا لاستخدامه للأسلحة الكيماوية؛ فيا لسخرية القدر، فقد قام ترامب بتطبيق حد الخط الأحمر في سوريا، بعد أن اعترض على تطبيق أوباما له.

قد لا تمثل هذه الخطوة بداية لحرب أمريكية في سوريا، ولكن من الممكن أن تكون بداية النهاية في الصراع السوري؛ حيث قوبلت أخبار القصف الجوي الأمريكي للقواعد الجوية الخاصة ببشار الأسد بالترحاب.

قد لا تعمل أمريكا على تصعيد الحالة القائمة حاليًا، ولكن يعتقد البعض أنها من الممكن أن تضغط على بوتن للتخلي عن بشار الأسد؛ حيث شرع وزير الخارجية الأمريكي في اتهام روسيا بالتواطؤ مع بشار الأسد في حربه الكيماوية على شعبه، وفقًا للمسئولين الأمريكيين، أو اتهامه بعدم وفائه بوعده بالعمل على منع بشار الأسد من مثل هذه التصرفات، ومن المتوقع أن يستغل تيليرسون هذه الزيارة للضغط على موسكو للتخلي عن الأسد.

ولكن مسألة احتمالية تخلي روسيا عنه، ما هي إلا أماني؛ فمن المحتمل أن الضربة الأمريكية أحرجت روسيا وأغضبتها، إلا أنها لا تعد سببًا كافيًا يُجبر بوتن على التخلي عن بشار الأسد.

فبعد مرور أيام من الضربة الأمريكية، لايزال ميزان القوى في الحرب كما هو، ولايزال يسيطر بشار وحلفاؤه على أراضٍ جديدة في محافظة أدلب، للتأكيد على قوة قبضتهم المسيطرة على الممر المهم الممتد ما بين دمشق وشاطئ البحر المتوسط.

فمن الممكن أن تنجح الضربات في تقليل سرعة التقدم لبشار الأسد لفترة من الزمن فقط، الذي لا يزال يفوز، ولذلك لن يرى بوتن أي داعٍ يجبره على تغيير استراتيجيته طويلة المدى؛ فمكانته الكبيرة وموقف القوة الروسية مرتبطة بالحرب السورية. حيث استغل بوتن رفض أوباما للتدخل في الشأن السوري ومحاربة بشار الأسد، ليصل إلى مرتبة أهم مصدر للقوة داخل سوريا، وبالوقت، أصبح بقاء الأسد على قيد الحياة هو مقياس قوة بوتن.

بالطبع، تعود المصالح الروسية في سوريا إلى فترة الاتحاد السوفيتي؛ حيث تربط الكنيسة الأرثوزوكسية الروسية علاقة قوية مع الكنيسة الأرثوزكسية السورية، ويدعي البعض أن العديد من القياصرة الروسيين صنعوا من حديد دمشق.

فلا تزال العلاقات التي تمت منذ الاتحاد السوفيتي قائمة حتى وقتنا هذا، ولا تزال تتمتع روسيا بتصريح دخولها إلى منطقة البحر المتوسط من خلال القاعدة البحرية السورية في طرطوس.

فتعزيز العلاقات ما بين بوتن وبشار الأسد يساعد، من وجهة نظرهما، على احتواء الإسلام المتطرف في منطقة الشرق الأوسط وأفغانستان، خوفًا من انتقاله إلى المناطق الإسلامية في روسيا وما يحيط بها.

فتحولت من هنا سوريا إلى نقطة بداية استراتيجية بوتن لاحتواء الإرهاب، فسرعان ما كشف الروس عن الأعداد الكبيرة من الشيشان المجاهدين المحاربين من أجل قضيتهم.

وعلى الرغم من كل ذلك، يرى بوتن في نظام بشار الأسد حصنه ضد التطرف، فتبنى بذلك استراتيجية لمحاربة التطرف والقضاء عليه؛ تبدأ من الإبقاء على بشار الأسد في السلطة، وبالتالي يرى بوتن في المعارضة الرافضة لبشار الأسد عواقب مباشرة أمام استراتيجيته.

ونتيجة للحرب الدائرة والمشتركة ضد أهل السنة، تحالفت روسيا وإيران عسكريًا لتتشابك علاقاتهما الاستخبراتية؛ حيث نجحت إيران على مر الخمس أعوام الماضية في تشكيل قوة متكاملة عظيمة مكونة من ميلشيات الشيعة من حزب الله اللبناني والمتطوعين من جميع أنحاء العالم العربي وباكستان وأفغانستان، وفقًا لتدريبات وقيادة الحرس الثوري الإيراني، لتشكل بذلك أهمية استراتيجية بالنسبة لبوتن. فتتخطى فكرة حماية السلطة السورية حدود مستقبل سوريا ذاتها؛ فأهم أغراضها تكمن في استغلال قوة الشيعة لخدمة المصالح الروسية في الشرق الأوسط، وبالتالي أصبح من الواضح سبب مواجهة كل من تركيا أو الدول العربية الداعمة للمعارضة السورية للمصاعب لإبعاد موسكو عن طهران.

فلابد وأن ندرك أن فرض سيطرة بوتن في سوريا تعود عليه بفوائد أكبر من سوريا نفسها؛ فهناك العديد من الخيارات القائمة تشمل الاعتراف بسيطرة روسيا على جزيرة القرم، ودائرة سيطرة روسيا في أوكرانيا، ووقف حلف الناتو والاتحاد الأوروبي؛ وبالطبع لن تتخلى أمريكا عن أوروبا مقابل الحصول على الشرق الأوسط؛ تمامًا مثل بناء أساس سياسات سوريا على وعد بوتن بالتخلي عن بشار الأسد.

ولكن، من الممكن أن تقنع أمريكا روسيا بقطع علاقاتها ببشار، عن طريق زيادة الوجود الأمريكي العسكري في سوريا، وهو ما قد يترتب عليه زيادة مخاطر المواجهة مع روسيا، وبالتالي تجبر واشنطن على تبني الحرب السورية والدفاع عن الأرواح البريئة، على حساب الشعب الأمريكي والتخلي عن مصالحهم.

فمن الممكن أن تخدم المصالح الأمريكية في سوريا عن طريق عملية دبلوماسية تمنع استمرار هذه المجزرة، وتنتهي من تدفق اللاجئين، والتركيز في القضاء على داعش، والتقليل من التوترات العديدة في المنطقة؛ فقد بائت كل مبادرات إدارة أوباما الدبلوماسية مع روسيا في سوريا بسبب سياساتها الرافضة للتدخل ضد بشار الأسد.

أما الآن، فلدى تيليرسون تأثير أكبر؛ فقد أشارت أمريكا إلى تدخللها العسكري الجديد.

وبالطبع، ستختبر كل من روسيا وبشار الأسد عزم وقوة أمريكا، بينما ستسعى إدارة ترامب على اقناعهما بالقوة؛ فهم على ثقة أنها الوسيلة الوحيدة القادرة على إنهاء الحرب الأهلية السورية، ولابد وأن تدعم الديمقراطية بالقوة مما قد يترتب عليه تهديد الموقف الروسي وتخليه عن بشار الأسد، ومن المحتمل أيضًا أن تدرك روسيا بذلك الكثير مما تريده من سوريا عن طريق الوسائل الدبلوماسية لتبتعد أمريكا عنها وعن حرب المصالح الروسية.

المصدر : كلنا شركاء

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك