أبريل 26, 2024

د. وليد البني: كلنا شركاء
شكل توقيع اتفاق وقف اطلاق النار على كافة الاراضي السورية كما عرضه المتحدث باسم الجيش الحر (؟) للسوريين ضوءً يوحي بالأمل في نهاية نفق مأساتهم الطويل ، وقد لاقى دعما من شرائح سورية كثيرة، أملاً بأن يكون بدايةً لنهاية الكارثة التي تضرب سوريا وشعبها منذ أن نجح النظام وقوى اقليمية اخرى في تحويل ثورة شعبها الى حرب دمرت سوريا وقتلت وشردت ولا تزال الملايين من السوريين .
عند بداية المفاوضات التي جرت بين ممثلين عن فصائل مسلحة معارضة مقربة من تركيا وممثلين عن القوات الروسية ، كان لدى الكثير من السوريين بعض الشكوك وخاصة بعد التوافق الروسي التركي حول حلب وما جرى فيها من قتل وتدمير، ولكن استبعاد ايران والنظام ولقاء المفاوضين الروس مع ممثلي فصائل كانت روسيا تصنفها ارهابية كجيش الاسلام وأحرار الشام ، ثم خروج ما سُمي بالمستشار القانوني للجيش الحر واعلان بنودا قال ان الاتفاق نص عليها أزال الكثير من الشكوك وتسبب بموجة تفاؤل كان يمكن ملاحظتها بسهولة لدى الكثير من السوريين، حيث ذكر المتحدث باسم الفصائل المتفاوضة ان ؛ اتفاق وقف اطلاق نار يشمل جميع الاراضي السورية بدون اي استثناءات ما عدا مراكز داعش، وأنه سيتم البدء فورا بالتحضير لتشكيل وفد المعارضة الى مفاوضات الاستانة دون تدخل من اي دولة او جهة في تركيبة الوفد الذي ستشكله المعارضة .
ماصرح به ممثل الفصائل التي تفاوضت مع الروس شكل صدمة ايجابية( لم تدم طويلاً) للكثير جدا من السوريين وخاصة انه لم تصدر عن الاتراك والروس اية تصريحات فورية توحي بعكس ما قال ، وقد استمر هذا التفاؤل حتى بعد ان بدأت الاختراقات في اليوم التالي لتوقيع الهدنة وخاصة بعدما هددت الفصائل واعطت مهلة خمسة ساعات كي يقوم الروس بالضغط من اجل ايقاف تلك الخروقات ، ثم ليتم الاعلان عن توقف الخروقات قبل انتهاء المهلة ( لا نعلم من اين استقت القنوات معلوماتها تلك لانني كنت على تواصل مع بعض الاصدقاء هناك الذين قالوا ان الإعتداءات على الفيجة لا زالت مستمرة ) على أساس ان الروس استطاعوا الزام النظام ومرتزقة ايران بالاتفاق وأن الهدنة ستستمر حسب البنود التي اذاعها ممثل الفصائل . ليظهر في النهاية بأن وقف الحرب لم يكن الا حلم يقظة حاولنا ان نقنع انفسنا انه حقيقة .
يبدو ان البنود الحقيقية التي تم التوقيع عليها في انقرة بين الروس والفصائل المسلحة وبوجود الشاهد التركي تختلف عن تلك الذي اذاعها المستشار القانوني للجيش الحر ( منصب مستحدث لا يوحي بشيء) ، وهذا تماما ما قاله العقيد سيرغي إيفانوف ممثل مركز حميميم لتنسيق المصالحة حيث صرح بوضوح أن استهداف وادي بردى والغوطة الشرقية وجميع المناطق التي قد يتواجد فيها عناصر لجبهة فتح الشام ( النصرة ، فرع تنظيم القاعدة في سوريا) لايشكل خرقاً لبنود اتفاق الهدنة، نفس البند الذي قيل أكثر من مرة ان الروس متمسكين به عندما كان يجري الحديث عن مفاوضات لتثبيت وقف شامل لاطلاق النار ، وهو ماقالت الفصائل( لا ادري هل هي انعدام الخبرة لديهم ، أم نوع من خداع الذات ) انها انسحبت من المفاوضات ولم تعد اليها إلّا بعد ان وافق الروس على شطبه.
بقي ان نعرف لماذا تصرف من قيل انهم ممثلي المكتب السياسي للجيش الحر ( اول مرة اسمع بوجود هكذا مكتب ) بهذا الشكل وبهذه الخفة بموضوع بهذه الأهمية.
هناك الكثير من الاخبار التي تداعب خيالنا وتتوافق وتفكيرنا الرغبوي، نسعى لتصديقها بمجرد ان تظهر في وسائل التواصل الاجتماعي او تنشرها وسيلة اعلام تابعة لايران او روسيا او غيرهما ضمن الحرب النفسية التي تشنها الكثير من القوى الاقليمية والدولية على شعبنا المتلهف الى السلام والامان، فمثلاً:
-لم يؤكد اي مصدر موثوق ان الاتصال الذي جرى بين بوتين وروحاني تناول وقف هجوم مرتزقة ايران اللبنانيين على وادي بردى ، بل ان ما اعلنته روسيا هو ان الاتصال تناول الدور الايراني الرئيسي والفاعل في محادثات الاستانة .
-لا يوجد الى اليوم ما يدعم الاشاعة التي تقول بأن هناك خلافات روسية ايرانية حادة ، أو وان هناك مسعى روسي لطرد ايران ومرتزقتها من سوريا.
-لا يوجد ما يدعم ما يحاول البعض ترويجه من أن الروس منعوا بشار من زيارة حلب او القاء خطاب النصر او توجيه كلمة منها بمناسبة رأس السنة الميلادية .
لقد كان اعلان ايقاف الحرب خدعة جديدة ساهم الاصدقاء والاعداء في ترتيبها وساهم تلهفنا الى وقف شلال دماءنا في جعلنا نصدقها ونروج لها ، لكن الخيبات المتتالية لابد ان تعلمنا أن نتروى قليلا قبل ان نبادر الى ابتلاع الطعم الذي يُلقى لنا وأن نتعامل بموضوع بأهمية وقف الحرب بجدية أكثر من تلك المهزلة التي شاهدناها في الايام الاخيرة.



المصدر: د. وليد البني: فرحة لم تتم

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك