أبريل 28, 2024

كلنا شركاء: الأيام الدمشقية -حاورها محمود إبراهيم- إذاعة هوا سمارت

مقابلة الدكتورة سميرة مبيض مع إذاعة هوا سمارت ضمن برنامج سوريا عن قرب، مسيحيو الشرق، تهجير تحت بند الوصاية الجزء الثاني

السؤال الخامس: يلوم الكثيرون أنفسهم ويشعرون بالذنب لأنهم تعاطفوا مع من طالب بحرية وكرامة الانسان السوري، والخطأ هو الانحرافات التي فُرِضَت قسراً على طريقنا وأدت الى نتائج عكسيّة. –  لنبدأ من النهايّة، بتصرف من مقال للدكتورة سميرة ودعيني أسأل عن الاتهام أنّ المسيحين لم يكونوا جزء من ثورة العدالة والكرامة التي دفعت ثمن غياب مكونات السوريّة عنها فكانت أكثر توحش ودمويّة.

غير صحيح أبداً أنّ المسيحين لم يكونوا جزء من ثورة العدالة والكرامة ، لكن التضييق عليهم من قبل النظام كان مضاعفاً فأي مسيحي في وجه النظام مثل المطران يوحنا إبراهيم أو أي ناشط سلمي مسيحي مثل باسل شحادة سيكون استبعاده ضرورة حيوية للنظام وهذا ما كان يتم.

بالإضافة الى أن النظام هيأ رجال الدين المسيحيين لهذا اليوم ليكونوا مجندين في امرته و هذا ما يحصل على العموم عدا بعض الاستثناءات

اتجه معظم المسيحيون للعمل الاغاثي و نجدهم في منظمات إنسانية و مدنية كثيرة و في التعليم و المخيمات و غير ذلك و هم بذلك يؤدون دورا بالثورة السورية و لو أنه لم يكن يجب ان ينحد تأثيرهم بهذا الدور و يجب ان يدخلوا المعترك السياسي و يكونوا فيه مؤثرين لكن تم استقطابهم بسرعة بهذه المنظمات و هم بأغلبهم في هذا المجال الآن.

وجود توجه طائفي ضمن المعارضة يحاول تشويه وتدمير أي وجود لشخص مسيحي أو علماني و تلفق له التهم و الشائعات و يتم ما يعرف بحرقه سريعاً

أي رجل دين يدافع عن النظام تضج به الدنيا و الاعلام الغربي و العربي بينما لا ينشر الا القليل عن مشاركة المسيحيين بالثورة السورية

و طبعا عمل النظام على اخراجهم من سوريا بكل الطرق

السؤال السادس: روسيا دعت إلى استقبال المسيحين في أراضيها بِـ اعتبارهم أقلّية مستهدفة، وعن سوء نواياها أسأل: – – حامية البراميل، وسيدة الفسفور الأبيض، تبكي على مسيحي الشرق. – *ماذا تريد روسيا، وهل بات الوضع المسيحي تجارة دوليّة رابحة!

يدخل الامر من كون الكنيسة الروسية تريد العودة الى المنطقة بقوة مع قوة العودة السياسية و العسكرية للحكومة الروسية اليوم فتستخدم خلفيات سياسية و حروب للعودة الدينية أيضاً أما الوضع المسيحي فيستخدم كأداة لهذه العودة فقط.

السؤال السابع: بين حمامة وعلم يمثل الثورة السوريّة تقع عبارة قد لا يسمع عنها كثير تحت عنوان (سوريون مسيحيون من أجل السلام). – *ما هذه المنظمة وماذا تمّثل، وما برنامج عملها!؟

نحن منظمة تأسست ممن يعتقدون أن مواقف الكنيسة تجاه سياسية النظام بالقتل والتنكيل وتدمير سورية كانت خاطئة تماما وان رجال الدين تابعين للنظام الاستبدادي ولا يمتلكون أي استقلالية وعليه فلن يستطيعوا عكس أي صوت مخالف له لا ندعي تمثيل كافة المسيحيين لكننا نعكس صوت جزء هام منهم و نحاول الوقوف بوجه الاعيب النظام الساعية لشرخ المجتمع وإعادة بناء الجسور مع كافة الفئات الأخرى و نسعى كذلك لإظهار الحقائق حول مسيحيو سوريا عوضا عن استخدامهم ورقة دعم لحكم جائر

كما تشارك المنظمة بحوارات تعزز المفهوم الوطني وتلغي الحواجز الطائفية التي عمل عليها النظام والمنظومة الكنسية التابعة له منذ عقود طويلة

السؤال الثامن: “لقد جرّبنا في لبنان حكم الميليشيات وحماية كلّ واحدة منها لقطيعها الطائفيّ، وشهدنا فشل هذا النوع من الحمايات. – من مقال الذميّة الطوعية للأب جورج مسوح، بين ناقد ورافض لتقسيم الوطن السوري لِطوائف، وبين من يرى ضرورة الاعتراف بوجود تنوع معني كحل أخير لاستمرار الوطن. – *تشكيل مؤسسات ذات بعد عَقَدِي أو أيديولوجي ديني هل يهدد ما تبقى من وحدة البلاد!

مقال الأب جورج يعكس واقع الضعف الذي تكلمت عنه منذ قليل فنحن نحصد حالة التخلي عن الحقوق تخلي سياسي، عسكري و القبول بكونهم تحت الحماية لا بل و تبني ذلك و الاجهار به. علينا أولا أن نتخلص من هذه العقدة بالحاجة للحماية لنستطيع الانتقال لدول مواطنة نحن وغيرنا فيها على درجة واحدة متساوية أمام قانون البلد فكل سوري له كل الحقوق وعليه كل الواجبات.

أما بما يخص التنوع، التنوع هو سوريا فلا يمكننا فرض لون واحد عليها فذلك يعني انتهاؤها وهي قامت على تتالي وتتابع حضارات كل منها ساهمت بجزء من هويتها وكذلك تتالي و تتابع أديان و استقبلت هجرات عديدة جعلت من هويتها فريدة و هي أساس استمراريتها.

اما عن تشكيل مؤسسات عقائدية فبالنسبة لمنظمة سوريون مسيحيون من أجل السلام فنحن نعتقد بأهمية وجود منظمة تعبر عن صوت آخر للمسيحيين، رغم أن من بين أعضائها علمانيين أيضا وتأتي  أهميتها للأسباب التالية: غياب مظلة وطنية حقيقة اليوم، بالإضافة الى أن المسيحيين متهمين بوطنيتهم بسبب ادعاءات النظام لحمايتهم بالإضافة الى سيطرة جهازه من رجال الدين على كلمة المسيحيين فمثل هذه المنظمات تعمل على دحض ادعاءات النظام وكذبه بأن جميع المسيحيين داعمين له وطالبين لحمايته ودحض ادعاءاته بأنه يحمي المسيحيين

السؤال التاسع: على نظرية المؤامرة الكونية نتوقف، وأسألك دكتورة عمّا أعلن منذ عام تقريبا في القمة الكنسية بين الأرثوذوكس والفاتيكان عن ضرورة حماية مسيحي الشرق، وما أعقبها من حديث عن مؤامرة لتوازع النفوذ داخل المشاعر القدس وبيت لحم على حساب أصالتها العربيّة لصالح نفوذ يفرض من دول كبرى منها روسيا وألمانيّا. – *لماذا يطالب ممثلون روحيون أجانب حماية جزء من شعب يذبح بكل طوائفه، وبناء على ما تقدّم هل تتلمسين أي أصابع إسرائيليّة تعبث بقضايا المسيحين لصالح تثبت موقف الدولة العبريّة التي يجاهر فيها قادة تل أبيب!؟

لا يمكننا الجزم بوجود أي نظرية مؤامرة، بل شعوب تبحث عن مصالحها، علينا أن نسأل أنفسنا ما هي المصالح التي تكسبها أي دولة من تهجير هذه الفئة و من يدافع باتجاه مصالح لسوريين بشكل عام و السوريين المسيحيين بشكل خاص. لا أحد يعمل على مصالح السوريين حقيقة.

 الواضح اليوم أن ما يدفع باتجاهه هو شرق أوسط خال من المسيحيين أو بوجود غير مؤثر و تغيير لوجه المنطقة الثقافي الى ثقافات أخرى و تحجيم الثقافة العربية فيه و المسيحيون هنا هم جزء هام لا يمكن إتمام هذا التغيير بوجوده و لذلك نهجر جميعاً و يهجر المسيحيون خصيصاً..

هل ذلك على خلفيات ارث ديني عمره آلاف السنين، أم ارث سياسي هدفه تثبيت مواقف دولة عبرية أو توسعة دولة إيرانية أو انشاء دولة كردية أم صراع حضاري مستمر جميعها أسباب مطروحة لا يمكننا الجزم هنا الا فيما يحصل بسوريا اليوم وقد أشرنا له سابقاً في حوارنا

في الحقيقة فان أي تغيّر حضاري مرتبط حتميا بقدرة الحضارة الأقوى على أن تسود، الحضارة العربية وضعت لفترة طويلة تحت تأثير الاستبداد وتحت تأثير المفاهيم الدينية المغلوطة، فضمرت على صعيد العلم والتطور الاجتماعي و إدارة الموارد و الاستفادة منها و التخطيط لمستقبل و استقرار شعوبها. لذلك كان الامل بالربيع العربي ان ينهي كلا هذين العاملين اللذان حدّا كثيرا من إمكانيات تطور الشعوب و الانتقال للتنوير الديني و لدول ديمقراطية كان سيفتح المجال امام القدرات الكامنة لدى هذه الشعوب كي تتطور لكن ذلك لم يتم لغاية اليوم و في الحالة السورية لم يتم لأسباب خارجية فقط فكل انحراف القضية السورية كان منشأه خارجي.

وها نحن هنا اليوم، لكن ذلك لا يعني أنه لا يمكننا الدفع باتجاه مصالحنا نحن أيضاً، كسوريين العرب منا و الكرد و السريان و الشركس و التركمان و الايزيدين و غير ذلك. فالغالبية العظمى تسعى للانتقال لدولة حديثة منسجمة مع تطور الشعوب والعالم وذلك حق لنا ان نكون و نسعى لبقاء سوريا دولة تنوع تحوي كافة الطوائف كما كانت سالفا و تحوي قوميات متنوعة سكنت فيها على مدى عصور و تستمر بتنوعها الغني و الفريد هذا رديفاً للتطور الإنساني المتقبل للآخر و ليس الكاره له لذلك علينا أن لا نستسلم لنظرية المؤامرة بل نتمسك بحقنا بالوجود و الحياة و حق سوريا بالوجود و بالاستقرار في أي تصور حديث للشرق الأوسط.

المصدر : كلنا شركاء

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك