مايو 5, 2024

كلنا شركاء: التقرير

تحولت سوريا على مدار 6 سنوات مضت إلى ساحة حرب دولية مباشرة أو بالوكالة، وأضحت مساحة تصفية حسابات إقليمية، وزرع لنفوذ استراتيجي، بداية من التدخل الإيراني إلى جوار النظام السوري، ثم ما تبعه من تدخل روسي وأمريكي على اختلاف المآرب، فضلا عن تدخل تركيا بصورة مباشرة في المعارك، ومؤخرا كشفت تقارير إسرائيلية عن انضمام ثلاثة آلاف من الأقلية المسلمة الأويغور الصينية إلى تنظيم القاعدة و”داعش” في الحرب بسوريا.

والأويغور ، التي يقاتل أفرادها في سوريا هي أقلية مسلمة، تتحدث باللغة التركية وتعيش أساسًا في مقاطعة شينجيانغ بشمال غربي الصين.

وبحسب التقرير الذي نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” على موقعها الإلكتروني، فإن الصين تخشى عودتهم، الأمر الذي دفعها إلى دعم الرئيس السوري بشار الأسد لضمان القضاء عليهم.

وتتخذ الصين موقفاً داعماً للنظام السوري، منذ اندلاع الثورة في مارس 2011، حيث عارضت مع روسيا في 4 أكتوبر  2011 في مجلس الأمن الدولي، مشروع قرار غربي متعلق بالأزمة السورية، ثم تكررت المعارضة المزودجة للمرة الثانية في 4 فبراير 2012 .

وفي 18 يوليو2012، قُدّم مشروع قرار يهدد بفرض عقوبات على النظام السوري في حال عدم توقفه عن استخدام الأسلحة الثقيلة ضد المدنيين، ما استدعى فيتو ثالث من البلدين، الذين كرر الأمر في 23 مايو 2014، واستخدموا الفيتو، للمرة الرابعة، ضد مشروع قرار، ينص على إحالة ملف الجرائم المرتكبة في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية.

كما كشف تقرير لوزارة الخارجية الإسرائيلية النقاب عن أن آلاف الصينيين يقاتلون فى صفوف المنظمات الإرهابية في سوريا، وأن بكين تشعر بقلق بالغ إزاء عودتهم وتأثيرهم على أمن مواطنيها ومصالحها في جميع أنحاء العالم، مشيرة إلى أنهم السبب في زيادة مشاركتها مؤخرا بدعم سوريا، وتعزيز علاقاتها مع الحكومة السورية.

دعم النظام السوري

وقال تقرير إحدى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية الثلاث، إلى جانب المخابرات العسكرية والموساد، “قديما لم تكن بكين تعير اهتماما كبيرا لسوريا إلا أن وصول عشرات الآلاف من المواطنين الصينيين الذين يقاتلون ويعيشون في البلاد يثير الحاجة إلى مراقبتهم، والصين مهتمة بجمع أكبر قدر ممكن من البيانات عن هؤلاء المتشددين، وتفضل تصفيتهم على الأراضي السورية، لمنع عودتهم إلى مناطقهم”.

وأفاد التقرير الاستخباراتي بأن الصين ولكي تحقق هذه الأهداف، يتعين على بكين الوقوف إلى جانب اللاعبين الرئيسيين في الميدان والذين تقيم معهم علاقات ودية وهم روسيا وإيران والحكومة السورية.

واعترف الرئيس السوري بشار الأسد مؤخرا إن مسؤولي المخابرات السورية والصينية يعملون معا لمحاربة الأويغور في سوريا، الذين دخلوا عبر تركيا، متهمين أنقرة بأنها وراء هذه الأزمة.

وأبدت بكين على لسان متحدث باسم الخارجية الصينية استعدادتها للتعاون مع الأطراف المعنية بما فيها سوريا لمكافحة الأنشطة العابرة للحدود “الأيغور”، بالإضافة إلى ذلك، تهتم الصين بالمشاركة في إعادة إعمار سوريا وهو ما أكده الرئيس السوري عندما قال أن العديد من الخبراء الصينيين موجودون بالفعل في سوريا ويساعدون في إعادة البناء.

وفي فبراير الماضي وقعت الصين وسوريا، اتفاقيتين ترسل بموجبهما بكين دفعتين من المساعدات الإنسانية بقيمة 16 مليون دولار إلى النظام السوري.

وزار وفد من الجيش الصيني في أغسطس الماضي، دمشق، واتفق مع المسؤولين السوريين على أن تدرب الصين جنود جيش النظام، وأن تقدم مساعدات إنسانية للشعب.

وقدمت الحكومة الصينية العام الماضي مساعدات إنسانية بقيمة 6.18 مليون دولار لسوريا.

طريقهم إلى سوريا

ووفقا للتقرير ذاته، بذل الصينيون جهودا كبيرة لوضع حد للمغادرة غير القانونية لليوغور من البلاد، ولكن على الرغم من إغلاق أقصر الطرق عبر باكستان، فقد فر عشرات الآلاف من الأويغور عبر الحدود الجنوبية وعبروا الحدود، وهو طريق متعرج ووعر للوصول إلى تركيا.

ومن أجل تمويل سفرهم، باعت عائلات الأويغور ممتلكاتها في شينغيانغ، وبسبب أصولهم التركية، فإن أنقرة تساعد أولئك الذين يريدون الوصول إلى أراضيها، مما يخلق التوتر بين أنقرة وبكين.

تجدر الإشارة إلى أن الحزب الإسلامي التركستاني، قد نشر أشرطة فيديو للقتال في سوريا، والحزب الإسلامي التركستاني في سوريا هو فرع الحزب الإسلامي التركستاني الأويغوري وينشط خارج الحدود الصينية.

5 آلاف صيني

وقد أظهر التقرير الإسرائيلي أن 3 آلاف من الأويغور يقاتلون في صفوف “جبهة النصرة”، فرع القاعدة في سوريا، وهناك المئات من المقاتلين في “داعش”.. وتقدر الصين العدد الإجمالي للمقاتلين بنحو 5 آلاف.

ولفت التقرير إلى أن التهديد الرئيسي بالنسبة للصين ليس عودة الأويغور إلى البلاد وإنما أنشطة مقاتليه ضد الأهداف الصينية خارج البلاد.

سياسة الصين في الشرق الأوسط

وفي وقت سابق من العام تحدثت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية  في مقال رأي للكاتب والخبير السياسي الفرنسي جون برنارد بيناتيل، عن احتمالية مراجعة الصين لسياساتها في الشرق الأوسط خاصة فيما يتعلق بالحرب على تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.

والمعروف عن السياسة الصينية أنها “المحافظة” فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط، حيث تعتمد على الاصطفاف الناعم دائمًا مع انحيازاتها، وهو تقريبًا ما يحدث مع نظام الأسد، فالبرغم من كون الصين تعتبر القوة العسكرية والسياسية الأبرز من بين الدول الأعضاء الخمس الدائمين في مجلس الأمن، كانت الدولة الوحيدة التي تغيبت عن الحرب ضد تنظيم الدولة، ونأت بنفسها نسبيًا عن سياسة التحالفات التي تعتمدها روسيا والولايات المتحدة في سوريا والعراق.

وليس معنى هذا أن الصين لا تمتلك مصالحًا في الشرق الأوسط بصورته الفوضوية الحالية، بل على العكس تزداد يوميًا مصالح الصين في هذا الشرق المضطرب، لكنها تعتقد أن هذه “المحافظة” تمنعها من الانزلاق في دوامة الفوضى الشرق أوسطية التي صنعتها الدول الغربية التي تعتبر منافسًا لها في هذه المناطق.

ومن هنا يطرح سؤال نفسه هل مع التطورات التي شهدتها الحرب في سوريا مؤخرا خاصة بعد الدعم الروسي لنظام بشار الأسد يمكن أن يدفع المسؤولين الصينيين إلى مراجعة سياساتهم تجاه سوريا؟

المصدر : كلنا شركاء

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك