مايو 4, 2024

إياس العمر: كلنا شركاء
أصبحت جبهات حوران اللغز الذي يشغل معظم السوريين، فبعد أن كانت جبهات محافظة درعا لا تعرف أي جمود، وكانت الورقة الأكثر ضغطاً على قوات النظام والميلشيات خلال السنوات الخمس الماضية من عمر الثورة، خمدت جبهات محافظة درعا منذ نهاية شهر شباط/فبراير الماضي، عقب اتفاق وقف الأعمال العدائية، ورغم انهيار الاتفاق في معظم الجبهات على امتداد الأراضي السورية، ما يزال الجمود هو سيد الموقف في حوران.
ولمعرفة أسباب ومآلات الوضع الراهن في درعا، ودور العشائر في الجنوب وتأثيرهم على التشكيلات الثورية هناك، التقت “كلنا شركاء” بالشيخ ناصر الحريري أحد أبرز وجهاء حوران وعضو مجلس الشعب المنشق منذ بداية الثورة، وكان معه هذا الحوار:
ماذا يحدث في حوران ولمصلحة من؟
الواقع المظلم الذي يسيطر على حوران في هذه الأيام ما هو إلا نتاج تآمر خبيث أودى إلى الفرقة بين أهلها، فالحاضنة الشعبية التي كانت بالأمس بالمطلق للجيش الحر تململت وأعلن البعض منها رفضهم لكل من يحمل السلاح.
هذا الواقع المر الذي تعانيه حوران ليس صدفة، إنما عمل قامت به جهات عدة ولنفس الغرض، ألا وهو تفاخر حوران بطبيعة نسيجها الاجتماعي والذي أدرك العالم كله ما يعنيه من خلال كلمة (فزعة)، وهي التي طلب الكل ترجمتها فتبين لهم مدى محافظة درعا على وحدة نسيجها، والذي قد لا يرضي الكثير بوصفه بالمجتمع العشائري، ولكنه ليس بالمتخلف، بل نهل من مشرب العشائرية كل القيم السامية وعلى رأسها نصرة الحق ورد الحيف عن أي شخص يقيم بأحضانها.
ولذلك أعلنت الحرب الصامتة لتفكيك هذا النسيج وتوجيه التهم الباطلة نحوه من خلال تصرف أفراد مأجورين لهذه الغاية، والمستفيد من هذا التفكك النظام من جهة، ومن لا يربطه بالأرض حاصنة شعبيه صلبه ترتبط بالدم والتراب من جهة أخرى.
وما هو دور الوجهاء وشيوخ العشائر في حوران؟
بات من الضروري بل الواجب على كل وجيه أو شيخ عشيرة تحمل مسؤولياته كاملة برد الشارد وتصحيح المسار الذي أخرج الثورة عن سكتها الحقيقية، والتي كانت وجهتها دمشق لإسقاط النظام، ولاتزال بعض التشكيلات الشريفة ترتبط بقيمها الأصيلة وتذكر أنها أعلنت الحرب على النظام ثأراً للمظلومين ولإشعال شمعة الحرية لتتوهج شمس الحرية، فهذه الفصائل على كل الوجهاء العمل معها يداً بيد وإعادة أبنائنا لأحضاننا.
وماذا عن دور النظام وهل نجح بتنفيذ مخططاته؟
لقد حصد النظام نتاج هذه الفرقة التي عمل على صنعها من باع ضميره ووجدانه بممارسات جعلت الحاضنة ترفض الحر وتتنكر للثورة التي كانت بالأمس أجمل شعاراتها، فالنظام استغل هذه الفرصة بمعاناة المواطنين في المناطق المحررة من جوع وغلاء واستغلال وفوضى وفقد الأمان، وغازل ضعاف النفوس وكسب ودهم ولمعهم على أنهم ممثلو الشعب وأعيانه، ولن تدوم هذه الظاهرة لأنها ضيقة جداً ولا تمثل إلا أفرادا.
في حوران مازالت فصائل لا تحسب على أحد، وهي مهمشة ومحرومة من كل أنواع الدعم، وهي التي ترتبط بالحاضنة بجدارة، وأما ومع الأسف هناك الكثير من التشكيلات والتي تغنينا طويلاً بأسمائها وقياداتها أيضا افترشت الحرير ونامت بانتظار صحوة الداعم الممول، سواء يمثل دولاً أو أشخاص، وهؤلاء إن لم يتمردوا على هذا الواقع المؤلم وتحولوا لمشاهدي نشرات الأخبار وعروض القتل والدمار، فإن حوران ذاهبة للخراب الكلي إذا ما بقيت هذه المجموعة الصغيرة والمسيطرة على الكثير من خلال تقديم الاحتياجات للمقاتلين.
وما هو الحل من وجهة نظرك؟
بات لزاماً على كل حر شريف وعلى الوجهاء والأعيان والعشائر التحرك وفق ما تربت عليه من مثل وقيم، ومخاطبة الأبناء غير الواعين لحقيقة ما يجري، وردهم إلى ديارهم الحقيقية ومشروعهم الأساس إعلان الحرية والكرامة.
قد تكون المهمة صعبة وعسيرة بسبب تفريغ المناطق من قياداتها الاجتماعية، وهذا كان عملاً ممنهجا، فمنهم من غادر البلاد ومنهم من لجأ للأماكن التي تقع تحت سيطرة النظام طلبا للأمان والتخلص من المأجورين الذين تعرضوا للبعض منهم بالاستغلال والإهانة، ولا يخلو الأمر من وجود موالين منهم للنظام تبعاً لقاعدة المصالح، هذا كله يحتم على الجميع بذل كل الطاقات لإعادة الأمور إلى نصابها الحقيقي، ومحاربة أولئك الذين عبثوا بنا وبقيمنا ومثلنا التي نفاخر بها، ولفتت أنظار العالم إليها ليسأل أوباما (شو هاي فزعة).
بعد ثمانية أشهر على مؤتمر الرياض، ماذا غير في وضع المعارضة السورية كونك أحد أعضاء مؤتمر الرياض؟  
نحن كقوى ثورية ومعارضة، كنا نعول الكثير الكثير على مؤتمر الرياض ومن قبل انعقاده، لأنه تميز بدعوة غالبية القوى الثورية والمعارضة وخلق حالة انسجام بين الجميع وتوحد باتجاه هدف واحد هو إسقاط النظام أولاً ومكافحة الإرهاب فيما بعد، ولكن خيبة الأمل بدت على غالبية الوجوه حينما تكشفت الغاية من المؤتمر وهي إنشاء هيئة عليا تمثل الشعب السوري بقراره ويفوضها من خلال إقرار الموجودين بها، والحقيقة لم يجانب الصواب من رتب وهيأ العمل في الاختيار، فالمرحلة تفتضي وجوداً حقيقياً لقوى الثورة وتمثيلاً للمعارضة، بينما ما حصل لم يكن هذا ولا ذاك إنما محاصصة ساهمت بتذكية الفرقة، ومازلنا نخاطب من أراد للرياض النجاح بتصحيح الأخطاء المرتكبة ليكون للرياض المؤمل به والمعول عليه، فما نتج عن مؤتمر الرياض إلى الآن لا يرقى لأقل القليل مما عول عليه.
ولو أني كنت أتصور أن هذا سيحدث في سوريا، لما كنت قد غادرتها، فمشنقة النظام أهون من خازوق الدول الصديقة وبعض أطياف المعارضة.
اقرأ:
الشيخ ناصر الحريري لـ (كلنا شركاء): روسيا ستحرق كل شيء لصنع نصر يغير معادلة التفاوض



المصدر: الشيخ ناصر الحريري لـ (كلنا شركاء): هذا واقع حوران…

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك