مايو 3, 2024

كلنا شركاء: إبراهيم مِطار

مثل مئات من الأسر السورية التي لجأت إلى كندا، وصلت عائلة “هدهد” إلى ولاية نوفا سكوتيا قادمة من مخيمات اللاجئين في لبنان. ولكن ما ميزها أن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو تحدث عنها في خطاب له في الأمم المتحدة.

“مثال للاندماج”، هكذا وصفها رئيس الوزراء الكندي في خطابه الموجه إلى المشاركين في قمة الأمم المتحدة الخاصة بالهجرة واللجوء التي احتضنتها نيويورك في أيلول/ سبتمبر الماضي.

بدأت قصة تميز هذه الأسرة من متجر أقامته في كندا وحمل اسم “السلام عبر الشوكولاتة” وراح يقدم للمواطنين أنواعا مختلفة من الشوكولاتة التي كانت تصنع في سورية، يقول طارق هدهد المدير التنفيذي للمتجر في حديث خاص لـ”موقع الحرة” .

هذا المتجر افتتحته العائلة في مقاطعة “أنتيغونيش” الكندية التي وصلت إليها عام 2016 لكسب الرزق وإيصال رسالة بأن “العالم اليوم يحتاج إلى السلام أكثر من أي وقت مضى”، ويضيف “نعتقد أن الشوكولاتة رمز للسعادة وللحب”.

مباشرة بعد خطاب ترودو تلقت الأسرة السورية رسائل تشجيعية من كنديين عبروا عن سعادتهم باندماج العائلة في المجتمع. ويقول طارق “وجدنا في الكنديين كل الدعم، ساعدونا على التأقلم، أردنا شكرهم وتغيير الصورة النمطية الملتصقة باللاجئ السوري، إذ يعتقد البعض أنه عالة على المجتمع”.

بعد أشهر فقط من افتتاح المتجر، اجتاحت الحرائق عددا من المناطق الغربية للبلاد فأطلقت الأسرة مبادرة نالت إعجاب الكنديين. “قمنا بالتبرع بـ75 في المئة من الأرباح التي حققها المتجر لصالح الأسر المتضررة، فقدنا منزلنا في سورية ونعرف ماذا يعني ذلك، وماذا يعني أن تصبح مشردا بين ليلة وضحاها”، يقول طارق لـ”موقع الحرة”.

لحظة وصول الأسرة السورية إلى كندا في كانون الثاني/يناير 2016

طارق هدهد أثناء بناء المتجر

الاحتفال بافتتاح متجر السلام عبر الشوكولاتة

طارق مع والده عصام هدهد وسين فراسر، ممثل ولاية نوفا سكوتيا في مجلس العموم الكندي

أسرة طارق فقدت منزلها ومصنع الشوكولاتة الذي كان يديره والده في دمشق، وكان من أكبر مصانع إنتاج الشوكولاتة في الشرق الأوسط، لكن منزل العائلة والمصنع دمرا بالكامل بعد غارة جوية.

يتذكر طارق (24 عاما) الأيام الأولى لافتتاح متجرهم الصغير في مقاطعة أنتيغونيش التي لا يتعدى عدد سكانها 4300 نسمة، ويقول “ساعات قليلة بعد افتتاح المتجر توافد عليه عشرات الزبائن لدرجة أننا لم نستطع تأمين جميع طلباتهم”.

متجر السلام عبر الشوكولاتة

ويحاول متجر “السلام عبر الشوكولاتة” التعريف بالثقافة السورية، حسب طارق الذي يقول “نقدم أشكالا مستوحاة من الثقافة السورية والعربية، مثل وردة دمشق والسيف الدمشقي وأصنافا أخرى تعبر عن الثقافة السورية، ونقدم أيضا أشكالا مستوحاة من أهرامات الجيزة في مصر ومن الثقافة الكندية أيضا”.

 قدمت أسرة هدهد نموذجا للأسرة المهاجرة الناجحة في كندا، وحصلت على جائزة “Good News Awards”، أو جائزة الأخبار الحميدة عام 2016، وهي جائزة تمنح للقصص الإنسانية الناجحة والمتميزة في المجتمع الكندي.

وحل طارق مع والده عصام ضيفان على رئيس الوزراء الكندي، في لقاء دام بضع دقائق، جدد فيه ترودو دعمه للأسرة وأشاد بتجربتها الإيجابية.

وعن اللقاء يقول طارق “بعد حوالي شهر على انعقاد قمة نيويورك حول الهجرة واللجوء، تلقينا اتصالا من مكتب رئاسة الوزراء، أخبرونا أن ترودو يريد أن يلتقي بنا، كانت لحظة مميزة لا يمكن وصفها”.

ولا يتعدى عدد العاملين في المتجر 10 أشخاص، وفق ما أفاد به طارق الذي أكد أن الأسرة تستعد لافتتاح متجر آخر لـ”السلام عبر الشكولاتة” لتلبية طلبات الزبائن، إضافة إلى محاولة إيجاد فرص عمل لسوريين لاجئين وصلوا إلى كندا.

ويتابع طارق دراسته في مجال الطب، ويحرص على تخصيص وقت للإشراف على سير العمل في المتجر، ويتولى والده إدارة قسم الإنتاج.

وفي الـ12 من آذار/ مارس، نشر طارق على فيسبوك صورا لمشاركته في برنامج “تيد أكس” للأفكار الملهمة، وحل أكثر من مرة ضيفا على وسائل إعلام كندية مختلفة.

يرفض الشاب السوري مصطلح “اللاجئ السوري” موضحا لـ”موقع الحرة” أن “الإعلام ساهم بشكل كبير في انتشار هذا المصطلح، فمرحلة اللجوء ليست إلا فترة مؤقتة أو انتقالية، لن نكون لاجئين طوال حياتنا، فمجرد الاستقرار في بلد معين، يكتسب المواطن السوري جنسية البلد المضيف”.

ويؤكد أن المهاجر السوري ليس عالة على المجتمع، ويقول “كل ما يحتاج إليه السوريون هو الدعم المعنوي. عندما تصف السوري باللاجئ فأنت تذكره بويلات الحرب التي فر منها. الحكومة الكندية مثلا تصف اللاجئين بالكنديين الجدد، وهو ما يريحنا ويبعث فينا الحياة من جديد”.

زعماء العالم استمعوا إلى رئيس وزارء كندا يشيد بأسرة هدهد المكونة من تسعة أفراد، وقال في القمة الأممية ” في دمشق كانوا يملكون مشروعا تجاريا ناجحا، كان مصنعهم يشغل 30 شخصا. وجدوا في كندا المناخ المناسب للبحث عن فرص جديدة. نجحوا في افتتاح متجر صغير لصناعة الشوكولاتة، أطلقوا عليه: السلام عبر الشوكولاتة”.

المصدر : كلنا شركاء

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك