أبريل 19, 2024

إذا كنت مواطناً مصرياً، ليس ممن ينعمون بالواسطة أو السلطة أو أي مميزات أخرى، فأنت مواطن من الدرجة الثانية، لا قيمة لك لدى الدولة، مجرد رقم يعتبر عبئاً على الدولة، ونتمنى أن يزول بسرعة مع وفاتك.

إذا كنت موطناً من الدرجة الثانية فأنت من الذين يشعرون بالغربة في بلدهم، فلا فارق لدى هذا المواطن من أن يموت في مصر أو يموت في قارب هجرة غير شرعية، فالحياة في مصر لهذه الفئة معاناة وتعب بلا أي قيمة.

هذا المواطن هو من انتخب السيسي، وفي النهاية لم يجد مَن يرفق به وبأحواله الاقتصادية البسيطة ليوفر حياة كريمة له ولأسرته، ولم يجد مَن يحنو عليه في علاج عند المرض أو تعليم لأبنائه يرتقي بفكره لا مجرد حشو كلمات في أذهان أطفال، أصبح يأكل ويشتري من بقايا الشركات أو مخلفات الطعام وهياكل الطيور، بعد أن كانت في الماضي يلقي بها في القمامة أو تصبح طعاماً للحيوانات.

إذا مرضت مرضاً شديداً يا سيادة المواطن فمن الأحسن لك أن تتوفى سريعاً؛ لأنك لو انتظرت أن تهتم الدولة وتعالجك وأنت فقير فأنت واهم، فالعلاج على نفقة الدولة للمسؤولين والشخصيات المقربة وليس للفقراء أمثالك، أو إذا صادفت وقابلت الرئيس وأنت في الشارع وعرضت عليه مشكلتك.

في سبتمبر/أيلول من العام الماضي سافر طفل مصري على قارب هجرة غير شرعية طلباً لعلاج أخيه المريض، وأرسلت إيطاليا طائرة لتحمل أهله وتعالج أخاه، وهنا تحركت الدولة بعد أن استشعرت الحرج وطلبت من الأسرة أن تبقى وتعالج في مصر، ولكنهم رفضوا، وكانت منظر الدولة في نظر الغرب مخجلاً للغاية، ولكننا سننسى.

وفي الشهر الماضي أرسلت الهند طائرة لتحمل أسمن سيدة في العالم لعلاجها على نفقة الهند، وكان الاهتمام ينصب على زيارة ميسي للقاهرة مدفوعة الأجر للترويج للسياحة العلاجية!

الترويج لسياحة علاجية في بلد لا يعالج غير القادرين أو الفقراء، أصبح المصريون يعانون من الاكتئاب من سوء الأحوال، من رؤيتهم لعملة الدولة وهي تنهار يوماً تلو الآخر، ولا يرون في مستقبل بلدهم سوى الأسوأ، نعم أصبحت هناك حالة عامة مملوءة بنظرة سلبية من معطيات ما يعايشونه يومياً.

والحقيقة هي أن مصر أصبحت مقسمة إلى فئتين من المواطنين، والفئة الأخرى هي مَن تنعم بكل شيء عبر السلطة والمال، لذا تجدهم يظهرون دائماً للمصريين على الشاشات وهم يعبرون عن حبهم لتراب مصر، وأن مصر هي أم الدنيا والحياة في مصر أصبحت أفضل من أي وقت مضى، وغالبيتهم من الفنانين والإعلاميين ورجال الأعمال وخبراء عالم السياسة، وكلهم يدورن في فلك تأييد النظام بداعي الوطنية.
ولما لا يعشقون تراب الوطن وهم من كبار المنتفعين؟

وعلى الرغم من هذا لن تتقابل مع أولادهم في تعليم حكومي، فهم في الغالب إما في مدارس خاصة بالدولار، أو يتعلمون في الخارج، حتى يصبح أولادهم على قدر عالٍ من التعليم الجيد، وليس السيئ الذي تقدمه الدولة لمواطنيها.

ولا أعلم أين ذهبت الوطنية هنا؟ فلماذا يرفضون تعليم أولادهم في المدارس الحكومية؟ أعتقد أن الوطنية تبخرت، لن تجدهم ممن يتلقون علاجهم في مستشفى حكومي بداعي الوطنية؛ لأنهم حريصون على علاج أفضل، ولأنهم يعرفون الحقيقة فإن هذه المستشفيات لعامة الشعب وغير القادرين، ولأن خدماتها سيئة، لن تجدهم يلبسون من الملابس المصرية، فهي ذات جودة سيئة، إما ماركة أو التسوق من الخارج.

هذه الفئة من الشعب هي مَن تخرج علينا يومياً وتطالب الشعب بالصبر، وبتشجيع المنتج المصري، ومهاجمة أي شخص ينتقد عيوب الدولة، ليس لهدمها بل للتحسين وتوفير حياة أفضل للمواطنين.
والآن هل تعتقد أن العدالة الاجتماعية في مصر تحققت؟ أم أصبحنا غرباء ومواطنين “درجة تانية” في مصر؟

 

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك