أبريل 26, 2024

بصفتي الرئيس التنفيذي للإغاثة الإسلامية، يشرفني ترؤس إحدى جمعيات المساعدات الخيرية الدولية الرائدة في المملكة المتحدة، التي تحظى باحترام كبير لعملها الفاعل في بعض أصعب وأخطر المناطق حول العالم. لكن وزارة الدفاع الإسرائيلية ترى أن هيئة الإغاثة الإسلامية داعمة للإرهاب، وهي تهمة نرفضها رفضاً قاطعاً وسوف نستأنف ضدها في المحكمة العليا الإسرائيلية الشهر المقبل.

لقد صنفتنا السلطات الإسرائيلية منظمةً إرهابية منذ عام 2014، مدعيةً أننا واجهة لحركة حماس. واستغرقنا نحو ست سنوات طويلة وبطيئة لكي نطعن قانونياً في هذا التصنيف، وأخيراً ستستمع المحكمة إلى قضيتنا في 12 أكتوبر/تشرين الأول.

وعلى عكس الادعاءات الموجهة إلينا، فهيئة الإغاثة الإسلامية هي منظمة إنسانية بحتة تقدم العون ملتزمة التزاماً صارماً بالمبادئ الإنسانية والقانونية الدولية. وفي عام 2019، ساعدنا أكثر من 9.5 مليون شخص من جميع الأديان، أو حتى غير المؤمنين، في جميع أنحاء القارات الخمس. بينما عملنا مع عددٍ من الحكومات الغربية ومؤسسات الأمم المتحدة، مما يثبت قدرتنا على العمل في مناطق يصعب الوصول إليها.

في اليمن، الذي يعاني مما تصفه الأمم المتحدة بأسوأ كارثة إنسانية في العالم، شاهدت بنفسي أثناء زيارة إلى اليمن العام الماضي كيف نطعم 2.2 مليون شخص شهرياً بصفتنا الشريك الرئيسي لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.

الحقيقة هي أن هيئة الإغاثة الإسلامية ضحية للإرهاب وليست داعمة له؛ إذ فقدنا 8 من العاملين الشجعان نتيجة التفجيرات والرصاص في ست دول مختلفة، بما في ذلك سوريا واليمن والصومال وأفغانستان.

كانت إجراءاتنا القانونية في إسرائيل مكلفة واستغرقت وقتاً طويلاً، لكن لم يكن أمامنا سوى اللجوء إلى القضاء للدفاع عن سمعتنا الطيبة وتقديم العون للمجتمعات التي نخدمها في الضفة الغربية وغزة. كل الجهود المبذولة للتحاور مع السلطات الإسرائيلية في لندن وتل أبيب، محاولين فهم شواغلهم والتعامل معها، لم تحظَ بأي اهتمام.

قبل قرار التصنيف، كنا نقدم المساعدة لأكثر من 70 ألف شخص في الضفة الغربية، حيث يهدد الفقر حياتهم، ويعتمد 2.5 مليون شخص على المساعدات الخارجية. نحن الآن ممنوعون من العمل هناك، لكن لحسن الحظ، ما نزال نواصل جهودنا المكثفة في غزة، التي لم يطَلها المنع الإسرائيلي. يدعم برنامجنا الذي تبلغ قيمته 10 ملايين جنيه إسترليني هناك مجموعة متنوعة من المشروعات التعليمية، والصحية، والسكنية، والتوظيفية التي يستفيد منها ما يقرب من 400 ألف شخص.

الإغاثة الإسلامية ليست منظمة الإغاثة الوحيدة التي تواجه قيود الحكومة الإسرائيلية. فمنذ عام 2011، وجدت الأبحاث التي أجرتها مؤسسة وكالات التنمية الدولية (AIDA)، التي تمثل أكثر من 80 منظمة خيرية دولية تعمل في الأراضي المحتلة، أن القيود التي تفرضها إسرائيل على الوصول والحركة تعمل من أجل “حرمان السكان الأكثر ضعفاً من المساعدة الضرورية” والإسهام في “استفحال الفقر” بين المجتمعات الفلسطينية.

يحاول المحامون الإسرائيليون البارزون في مجال حقوق الإنسان الذين يمثلوننا الطعن في الادعاءات التي تسعى لتأكيد أننا منظمة إرهابية. فما يُزعم عنا، ليس أننا ندعم حماس مادياً، بل إن عملنا الإنساني يُجمِّل من صورة حماس في أعين السكان المحليين، وهذا بالنسبة لهم يرقى إلى مستوى دعم الإرهاب.

أنا شخص يعمل في مجال الإغاثات الإنسانية، ولست محامياً، لكن بالنسبة لي، هذا تطاول على مبادئ مجتمع الإغاثات الإنسانية بأكمله، ومحاولة لوصم أي منظمة خيرية تساعد أهل غزة بأنها كيان إرهابي.

يحاول محامونا أيضاً الطعن في الادعاء بأننا ندعم عن قصد عائلات مقاتلي حماس المتوفين من خلال برنامج الأيتام. إلا أن هذا البرنامج يعمل بالضبط كما يحدث في أي بلد آخر نخدمه، ومثلما تعمل هذه البرامج التابعة لمنظمات الإغاثة الأخرى في غزة وغيرها من المناطق. يقع الاختيار على المستفيدين منه فقط من خلال تقييم الاحتياجات، وتلك التقييمات يجريها طاقم من الموظفين المدربين القادرين على تحديد مَن هم في أمَسّ الحاجة إليه.

في سياق إجراءاتنا القانونية، قدمنا ​​عدة مقترحات إلى وزارة الدفاع الإسرائيلية لمعالجة مخاوفهم؛ إذ عرضنا عدم استخدام أموال في الضفة الغربية أو غزة قد تبرعت بها لنا منظمات تصنفها إسرائيل “جمعيات غير قانونية”، كذلك اقترحنا تعريض أي مشروع لمزيد من التدقيق الخارجي، وتقديم خطة عملنا السنوية في غزة إلى السلطات الإسرائيلية. للأسف، لم نتمكن من التوصل إلى أي اتفاق.

هناك ادعاء آخر نرفضه بشدة، وهو أن الإغاثة الإسلامية لها صلات بجماعة الإخوان المسلمين. ليس لدينا انتماءات سياسية من أي نوع. أحضر كل اجتماعات مجلس الإدارة، وجميع اجتماعات فريق الإدارة العليا، ويمكنني شخصياً أن أؤكد أنه لا يوجد أي تأثير خارجي في الإغاثة الإسلامية أو جهة تتحكم فيها. يحمي نظام التصديقات المتعددة الذي نطبقه في أنظمتنا المالية المنظمة من تدخل أي فرد له أجندة ما، إذ يمنعه من توجيه الأموال إلى فئات بعينها كما يشاء.

في العقد الماضي، أُجريت أكثر من 500 عملية تدقيق لبرامجنا، وكان بعضها بتكليف من الحكومات والجهات المانحة المؤسسية الأخرى، بما في ذلك أكثر من 20 عملية تدقيق في الضفة الغربية وغزة.. لم يعثر أحد على أي دليل يربطنا بالتطرف أو الإرهاب. لم يكن مانحونا الرئيسيون ليدعمونا إذا كانت مزاعم صلاتنا بالإرهاب صادقة بأي حال من الأحوال.

وقد أثبتنا مؤخراً، حين تحركنا بشكل سريع وحاسم وفصلنا عضوين في مجلس الأمناء كانا مسؤولين عن منشورات مسيئة على وسائل التواصل الاجتماعي، أننا لن نتردد في فعل الشيء ذاته حال ظهور أي مخاوف مشروعة.

وبغض النظر عما ستبت به المحكمة بشأن عملياتنا في الضفة الغربية، فلا يدفعنا ذلك للتخلي عن مهمتنا الإنسانية التي تحمي الأرواح في غزة وبقية العالم، وتغير حياتهم.

– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية.

مقالات الرأي المنشورة في عربي بوست لا تعبر عن عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك