أبريل 25, 2024


 بعيداً عن التنظير المدرسي، وفي تطبيقات عملية أصبحت ضرورية لإثبات مقدرة وفعالية في العمل المؤسساتي، يجب على القوى العسكرية المسيطرة على اﻷرض في المناطق المحررة أن تفسح المجال أمام فرص تنظيم الحياة الاقتصادية في تلك المناطق. فمع ضرورة توحيد السلطة القضائية، والسعي لتطوير التجربة التمثيلية ﻹدارات محلية في مختلف المدن والبلدات والقرى المحررة، لابد من هيئات اقتصادية عليا، تتمتع بالاستقلالية وتذخر بأصحاب الاختصاص، تدير وتشرف على الشؤون الاقتصادية في مختلف القطاعات الاقتصادية الصناعية والزراعية والخدمية، وبالطبع النقدية والمالية. وهنا لابد من فرض الحالة التنظيمية على أصحاب الفعاليات الاقتصادية، وتفعيل الغرف الصناعية والتجارية والزراعية، والنقابات المهنية للصاغة والصرافين وغيرهم، لكي يقوموا بصورة قابلة للتقييم، بالمساهمة في تقديم ما يتوجب عليهم من دعم تجاه الأرض والشعب، بمعنى دعم البنية التحتية وتأمين حقوق العاملين؛ ومع وجود سلطة قضائية مستقلة وموحدة ومجالس محلية شرعية في تمثيلها للمواطنين، سيكون من السهل على السلطات العسكرية اﻹشراف على اﻷوضاع العامة لمناطق سيطرتها، ولكن عبر ممثلين مدنيين لها. وفي تفصيل أكثر عمقاً، لابد من العمل على إنشاء هيئة مستقلة تشرف على إدارة سلطة النقد في المناطق المحررة، وهو المشروع الذي قبلت من أجله ضمناً العمل ضمن مسمى الحكومة السورية المؤقتة، وقد طرحته وبدأت البحث فيه جدياً وجهزته، مستوحياً إياه من التجربة الفلسطينية، وبما يتلاءم مع خصوصية الوضع السوري في المناطق المحررة عن سلطة النظام، والذي لم يلق اهتماماً لفقدان الرؤية الحكومية التطبيقية للمسمى المذكور. إن من أولويات هذه الهيئة النقدية المتخصصة والتي يجب أن تمنح صلاحياتها عبر مجلس إدارة متخصص وخبير ويتمتع بشمولية تمثيلية أيضاً، وتحت غطاء من السلطة القضائية، وتعاون كامل من جميع اﻷطراف المحلية والسياسية الممثلة للسلطة العسكرية، من أولوياته منح الشرعية ﻷي قرارات تتعلق بالعملات النقدية المستخدمة، وضبط أعمال الصرافة، ودراسة سبل تأمين التوزان في الاقتصاد المحلي، بضمه لممثلين عن كافة الفعاليات الاقتصادية المشار إليها. كما أنه من الضروري حقاً السعي لإقامة هيئة مالية رقابية، لابأس أن تأخذ شكلاً منظماً وقانونياً في الخارج، وتستند إلى نفوذ وصلاحيات في الداخل بطريقة مماثلة للهيئة النقدية المستقلة، لتقوم باﻹشراف والرقابة المالية على عمل المؤسسات الاقتصادية والمنظمات الإنسانية، التي تتلقى مئات الملايين من الدولارات على حساب تضحيات الداخل، دون رقيب ولا حسيب، وقد شكل طرحي لهذا المشروع حالة رعب حقيقية لدى العديد من اﻷطراف، أدت إلى تكثيف الضغوط علي بحجة الدخول إلى الداخل، وتقليص الفترة للإعداد لذلك من شهرين إلى ستة أيام، قضيتها بدون مكتب وعلى طاولة أحد موظفي الوزارة العتيدة. على كلٍ، ومع تأمين وجود قانوني للهيئتين المذكورتين في دول الجوار، عبر منظمات مرخصة، نكون قد أمنا جسمين شرعيين قادرين على بسط العمل المؤسساتي لصالح شعبنا في الداخل، وبصورة عملية وفعالة، ستزداد حضوراً وتأثيراً بالتعاون مع إدارات مدنية للمعابر الحدودية، لامتلاك القدرة على إيجاد صيغة قانونية مقبولة نستعيد بها زمام المبادرة في تأمين إيرادات ذاتية من الرسوم والضرائب، وبصور متوازنة وفق مصالح الداخل، وتعود إليه، وليس للأجسام الطفيلية الفوضوية المهترئة التي تتعيش على حساب تضحيات شعبنا الثائر، وتقتات على حسابه من خيرات أرضه أو فتات اﻷجندات المشبوهة.


المصدر: أسس في تنظيم الحياة الاقتصادية في المناطق المحررة

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك