مارس 18, 2024

جولة على بعض المناطق الأثرية السورية

سوريا .. مهد حضارات الجنس البشري .. أرض أقدم المدنيّات التي وجدت على كوكب الأرض . يقال .. أنك إن أردت القيام بجولةٍ عبر التاريخ فعليك بزيارة العدد الهائل من المواقع الأثرية التي لا تزال تقف بشموخ على امتداد الأراضي السورية منذ آلاف السنين . فكل شخص يقدّر عظمة التاريخ سيحظى بتجربةٍ مثيرة عندما يقوم بزيارة سوريا

جولة في بعض المواقع الأثرية السورية

شكلت سورية بغناها الحضاري محط أنظار علماء الآثار فى العالم الذين تقاطروا عليها للبحث والتنقيب عن تاريخ وحضارات الشعوب القديمة التي عاشت فى سورية أو مرت منها وكان لها دور أساسي فى كتابة تاريخ الحضارات العالمية حتى تجاوز عدد البعثات الأثرية فى العام الجارى اكثر من ثمانين بعثة مابين وطنية ومشتركة وأجنبية فى حين كان عددها لا يتجاوز الثلاثين بعثة فى منتصف القرن الحالي

ورافق ازدياد عدد البعثات وتكثيف أعمالها تطور عمليات التنقيب الأثرى ومتطلباته فى سورية وبدأت البعثات الأثرية العلمية تستخدم أجهزة حديثة ومتطورة جدا للكشف عن الآثار وتحليلها مثل أجهزة الكشف والتحري عن الآثار وتحليلها ووسائل التصوير الحديثة والمخابر الحديثة المتطورة جدا لتحليل العينات الأثرية وتعمل المديرية العامة للآثار والمتاحف على الاستفادة من الخبرات واعداد الأطر الأثرية الوطنية الشابة من خلال العمل مع البعثات الأثرية داخل سورية وخارجها بإيفادهم لاتباع دورات تدريبية فى مجالات اختصاصية متعددة ليصبح الكادر الوطني بمستوى علمي مماثل لنظيره الأجنبي

  وتقوم المديرية بالتنقيب فى المواقع الأكثر أهمية وضرورة للعمل لاسيما فى المواقع الرئيسية والمهددة بالغمر لذلك وجهت نداء دوليا من اجل مساهمة بعثات أجنبية فى إنقاذ المواقع المهددة بالغمر ولبت منذ السبعينات بعثات إنقاذ متعددة الجنسيات عملت فى المواقع والتلال الواقعة ضمن مناطق سدود الفرات وتشرين والخابور وحصلت على نتائج هامة فى تلك المواقع

  واهم المواقع التي تم التنقيب فيها بحيرة الأسد وتل المريبط وحبوبة الكبيرة وتل السنكلحية وتل ابوهريرة وعناب السفينة وتل العبد وتل الحديد وغيرها من التلال حيث تم اكتشاف اثار هامة تعود إلى مابين الألف العاشر قبل الميلاد وحتى العصور العربية الإسلامية

   إما التلال التي غمرت فى بحيرة سد تشرين أهمها موقع الجرف الأحمر الذي عملت فيه بعثة سورية فرنسية وحصلت على نتائج هامة تمثلت فى العثور على قرية نموذجية ذات طابع معماري متطور بنيت بيوتها من الحجر الطولانى الذي أطلق عليه اسم سيجار وكذلك عثرت على لوحات بازلتية رسم عليها رموز وإشارات هندسية حيوانية ربما شكل أعادا رمزية لمدلدلات معينة وهى مازال قيد الدراسة لمعرفة مدلولاتها الحقيقية

   ومن الاكتشافات الهامة فى الجرف الأحمر العثور على منحوتان حجرية نقش عليها خطوط تشبه أشعة الشمس وهى من الرسوم النادرة التي يعود تاريخها إلى الألف العاشر قبل الميلاد وفى تل حالولة عثر على لوحة من الرسوم الجصية فى أرضية إحدى الغرف فى الموقع وعلى بقايا نسيجية يعود تاريخها إلى الألف السابع قبل الميلاد وفى حوض الكوم بتذمر كشفت البعثة السورية الفرنسية فى موقع أم التلال على أطول تسلسل آثري معروف وعلى امتداد 300 ألف سنة حيث تتعاقب فيه طبقات أثرية تبدأ من العصر الحجري القديم وحتى ظهور الزراعة فى العصر الحجري الحديث كذلك عرف الموقع استيطانا كبيرا فى العصر الروماني المتأخر حيث تشكل أم التلال أحد المواقع النادرة للاستيطان فى العراء وفى المواسم السابقة عثر على تقانيتين حجريتين لم تكونا معروفتين فى المنطقة ويعود تاريخها إلى 14000 سنة خلت إضافة إلى العثور على بقايا نباتية محفوظة بشكل كامل وهذه حالة نادرة واستثنائية لهذه البقايا ويعود تاريخها الى40 ألف سنة

  وفى منطقة وادى عفرين تقع مغارة الديدرية والتي تعمل فيها البعثة الأثرية السورية اليابانية المشتركة حيث عثرت على هيكل عظمى لطفل النياندرتال يبلغ من العمر نحو ثلاث سنوات ويعود تاريخه إلى العصر الحجري الأوسط نحو مائة الف عام وهذا الهيكل هو الثاني فى هذه المغارة والتي تعد بالكثير من المكتشفات الهامة وتدل طريقة الدفن والأدوات الحجرية المرافقة للهيكل على اعتقاد الإنسان بالحياة والموت

  وفى موقع تل بيدر بالحسكة حيث تعمل بعثة سورية أوروبية مشتركة تم العثور على طبعات أختام بيضوية الشكل تحمل كتابات مسمارية تتضمن موضوع التبادل التجاري بين تل البيدر والمواقع المجاورة له وتتشابه هذه الطبعات مع الطبعات المكتشفة فى تل براك إضافة لذلك عثر على رقم مسمارية بعضها سليم والبعض الآخر مكسور وتتحدث هذه الرقم عن الأمور الاقتصادية فى التل ويعود تاريخ هذه الاكتشافات إلى الألف الثالث قبل الميلاد

    وفى تل عربيد اكتشفت البعثة السورية البولونية المشتركة مدفنا ملكيا يعود تاريخه إلى القرن الخامس عشر قبل الميلاد وعثرت بداخله على هيكل عظمى لامرأة يرجح ان تكون أميرة إذ وجد بجانب الهيكل اكثر من 360 قطعة أثرية ذهبية وثلاثة عقود ومختلف الأحجار الكريمة وختميلان اسطوانيين مغلفين بالذهب

وفى اغار بازار التابع لمحافظة الحسكة كشفت البعثة المشتركة السورية البلجيكية البريطانية على جزء من عمارة مبنية من اللبن يعود تاريخها إلى نهاية الألف الثالث قبل الميلاد إضافة إلى الكشف عن جزء من منزل دائري الشكل يعود تاريخه الى الألف الخامس قبل الميلاد كما عثرت أيضا على أجزاء من فرن صناعة الفخار يعود تاريخه الى الألف الرابع قبل الميلاد وعلى العديد من اللقى الأثرية المتمثلة بجرار فخارية وأدوات حجرية برونزية وعظمية

وفى موقع دورا اوربوس بدير الزور عثرت البعثة الفرنسية السورية المشتركة على نقش كتابي ذي أهمية كبيرة حيث وجدت على وجه إحدى القطع الحجرية التى بقيت محفوظة تحت بناء يعود تاريخه للعصر الروماني وتم الكشف عنه عام 1923 على ثلاثة اسطر مكتوبة بالخط اليوناني ومزينة باللون الأحمر وتشير الى اسم وألقاب الشخص الذي يمثله التمثال ويتضح من النقش إن اسم الشخص اويليوس لياس القائد العسكرى وممثل الإمبراطور ويحظى اكتشاف هذا النص بأهمية بالغة لانه يشر الى أن مدينة دورا اوربوس لعبت دورا هاما كمركز يوناني تحت إشراف وسيطرة البارثيين الذين دام حكمهم لها ثلاثة قرون.

وفى مارى تل الحريري تابعت البعثة الفرنسية أعمالها بالكشف على استمرارية السور الداخلي للمدينتين الأولى والثانية وقامت بدراسة النظام الدفاعي للمدينة الثانية بالإضافة الى دراسة العلاقة بين المدينتين الأولى والثانية فى منطقة المعابد.

وتتابع باقي البعثات الأثرية أعمالها الأثرية فعثر على مكتشفات جديدة فى تل القرامل وتل برير وتل ليلان وتل سيانور وقلعة حلب ويوجد بعض البعثات التى اقتصرت أعمالها على الدراسة والترميم كما فى حويرتة حيث تم العمل على ترميم لوحات الفريسك المكتشفة فى الموقع المذكور إضافة إلى التنقيبات التى قامت بها البعثات الوطنية والتى أدت الى اكتشافات هامة فى موقع نبع الصخر فى القنيطرة حيث تم الكشف على جزء من سور حجري يلتف بشكل دائره حول الموقع ومن المحتمل أن يكون جزءا من سور داخلي كان يحيط بالموقع.

    وحسب مصادر المديرية العامة للآثار والمتاحف فان أعمال التنقيب مستمرة والاكتشافات تتوالى كل يوم لتؤكد ان ارض سورية هى مخزن للتاريخ والحضارة لتثبت انها لازالت تخبىء الكثير من المعلومات والمفاجات التى ستساهم فى إنارة تاريخ المنطقة وتاريخ البشرية جمعاء

       أما من موقع سياتو فقد كشف على عدة سويات اثرية الاولى تعود الى عصر البرونز القديم (الالف الثالث قبل الميلاد) وأمكن العثور فيها على منحوتة تحمل كتابة هيروغليفية مصرية تدل على قدم العلاقات بين مملكة سيانو ومصر والسوية الثانية تعود الى عصر البرونز الوسيط والحديث كشف فيها عن كسر فخارية مستوردة من العالم الايجي وقبرص وتدل على العلاقة بين الساحل السوري وهذه البلاد. اما السوية الثالثة المكتشفة فتعود الى عصر الحديد القرن الثامن قبل الميلاد، حيث امكن الكشف عن تحصينة عسكرية فريدة من نوعها يبلغ طول جدارها حتى الآن 100م وعرضه 3م، والسوية الاخيرة هي سوية عصر الكلاسيك التي ضمت اثار معبد مهم يعود الى فترة القرن السادس قبل الميلاد وعلى منشأة اقتصادية مهمة (معصرة زيت).

في تل حموكار أقدم مدينة في التاريخ… عمرها 7 آلاف سنة

في الموقع على الحدود السورية ـ العراقية… أول نظام للتكييف الهوائي في التاريخ

على الحدود الفاصلة بين سورية والعراق بالقرب من جبل سنجار، اكتشفت البعثة السورية ـ الأميركية المشتركة للتنقيب عن الآثار مدينة أثرية مهمة يعود تاريخها الى الألف الخامسة قبل الميلاد، ويمكن أن تعتبر أقدم مدينة في العالم، اذ يقدر عمرها الأن أكثر من سبعة آلاف سنة، وهي بذلك أقدم من أي مدينة أثرية أخرى مكتشفة حتى الآن في العالم بما لا يقل عن 2500 سنة.

جرى هذا الاكتشاف المهم حتى الآن في العالم أخيراً في موقع تل حموكار الأثري على مساحة مائتي هكتار من الأرض على شكل مربع وسط السهول المحصورة بين جبل سنجار في الجنوب وسلسلتي جبال طوروس وزغروس في الشمال والشمال الشرقي، ويبعد الموقع عن نهر دجلة باتجاه الجنوب الغربي مسافة خمسين كيلو متراً، بينما يبعد عن نهر جغجغ (الذي يخترق مدينة القامشلي) بحوالي ستين كيلو متراً.

محمد مكطش أمين متحف الرقة، بشمال شرقي سورية قال: ان أراضي تل حموكار من أخصب الأراضي الزراعية، وكانت تروى من عدة أنهار تأتي من الشمال الى الجنوب وأخرى من جبل سنجار باتجاه الشمال وتلتقي جميعها لتشكل بحيرة كانت تخضع مياهها لعملية تنظيم معينة لري السهول الزراعية الواسعة والخصبة، وفسر مكطش معنى كلمة «حموكار» فقال إن اسم «كار» يعني الصفة والعمل وفي اللغة السومرية القديمة، يعني مكان العمل الذي ينظم شؤون العاملين.

ونعود الى موقع آثار المدينة المكتشفة، التي يعتقد انها كانت موطناً لحوالي خمسة وعشرين ألف نسمة، وقد عثر فيها على لقى أثرية مهمة مما يعطيها ميزة في تطور الفن التشكيلي والنحت والزخرفة، كما يقول مدير متحف الرقة ورئيس الجانب السوري في بعثة التنقيب السورية ـ الاميركية.
كذلك عثر على لقى تعطيها الأولوية بالنسبة الى المدن الأخرى التي تعود الى تلك الفترة. فقد اكتشف فيها أقدم نظام للتكييف الهوائي في التاريخ ويتمثل في وجود مقرات في جدران ثنائية متوازية تفصل بينهما مسافة من الفراغ لا تتجاوز خمسة عشر سنتيمترا تسمح بتدفق الهواء المكيف النقي لمقاومة حر الصيف.. وأكد مكطش ان السكن استمر في هذه المدينة الأثرية منذ الألف الخامس قبل الميلاد وحتى العصر الاسلامي المبكر، أدركت البعثة أهمية هذا الموقع من خلال المسح الطوبوغرافي واللقى السطحية التي أمكن العثور عليها.
   من ناحية ثانية يرى الباحث الأثري السوري الدكتور عمر العظم مدير المعمل الفني في مديرية الآثار والمتاحف في سورية (وهو خبير حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة لندن في الأثنوغرافيا والمسؤول عن الجانب السوري في بعثة «حموكار») انه قد هاجرت في منتصف الألف الرابعة قبل الميلاد تقريباً مجموعات بشرية من جنوب بلاد الرافدين الى سورية واسسوا فيها مستعمرات سكنية، وأدى هذا الاحتكاك بسكان المنطقة الأصليين أي السوريين الى تطور في نظام العمران، وتطور في مبدأ حكم الملكية ونظام الدولة «ولكن التنقيبات الأثرية في «حموكار» وفي بعض المواقع الأخرى في سورية أظهرت تطور نظام اجتماعي محلي قبل الاحتكاك بجماعات بلاد الرافدين التي هاجرت الى سورية واستوطنت فيها وجلبت معها الحضارة… ومن المكتشفات الأثرية في منطقة «حموكار» تبين أن فكرة نشوء الحضارة وتطورها بدأت في سورية وفي «حموكار» بالتحديد، ثم انتقلت جنوباً الى بلاد الرافدين».

أولاً: المكتشفات الأثرية في حموكار: كشف في موقع تل حموكار عن ابنية من اللبن مليئة بالفخار والرماد تعود الى منتصف الألف الرابعة قبل الميلاد أي العصر الحجري ـ النحاسي ووجدت أيضاً أربعة أو خمسة أفران كانت مقببة يبلغ قطر بعضها مترين تقريباً، كانت تستخدم للطهو والخبز وطبخ اللحوم، وذلك لوجود كمية كبيرة من العظام الحيوانية، بالاضافة الى المواد النباتية المفحمة كالحبوب وغيرها. ويتولى الدكتور العظم دراسة هذه العينات وتحليلها في مخابر المديرية العامة للآثار والمتاحف السورية.
كذلك اكتشفت كسر فخارية يستنتج ان معظمها يعود الى آوان كبيرة الحجم كانت تستخدم في الطهو وتحضير الطعام، ويدل حجم هذه الأواني على انها كانت تستعمل لتحضير طعام جماعي أو لخدمة تتجاوز أفراد الأسرة، وهذا يدل على وجود إدارة حكومية من شكل ما.. كذلك اكتشف وجود امتداد للبناء خارج السور وهذا يثبت ان التطور العمراني انطلق من هذه المنطقة ولم يأت اليها من الخارج.

ثانياً: حجم الموقع والفترات التي مر فيها: أيضاً ثبت من خلال المسح السطحي ان مساحة موقع «حموكار» كانت تبلغ ثلاثة عشر هكتاراً تقريباً، لكن في حدود الألف الثالث، امتدت حتى بلغت 102 هكتار ومن نوعية الفخار الذي اكتشف في الموقع تبين انه يعود الى «فترة اوروك» فهو يشبه طاسات وأشكالاً معروفة في جنوب العراق، وهذا يؤكد وجود علاقات مع جنوب بلاد الرافدين. وبعد هذه الفترة هُجر الموقع، واستخدم على شكل قرى صغيرة حتى الفترة الآشورية الجديدة، ثم الفترة السلوقية 200 قبل الميلاد، لكن آخر فترة سكن فيها موقع حموكار كان حوالي 700 بعد الميلاد أي في المرحلة الإسلامية ـ الأموية .

ثالثاً: عمليات التنقيب: أجريت عمليات التنقيب في ثلاث نقاط «أ» A و«ب» B و«سجي» C وكان الهدف من السبر تكوين فكرة عامة عن المراحل كافة، التي مر فيها التل ولمحة عن تاريخه، وجرى استخدام السبر الأفقي لا العمودي نظراً لخصوصية هذا التل.. فمن مساوئ السير العمودي انه كان كلما زاد العمق زادت صعوبة عملية التنقيب وزادت صعوبة الحركة للباحث والمنقب الأثري أما السبر الأفقي فيعطي حرية حركة لمتابعة البحث الأثري وهذه الطريقة هي الأفضل لتل حموكار لانه عالٍ فارتفاعه 18 متراً، ويصعب النزول فيه للتنقيب والسبر الأفقي لذلك حفر بشكل متدرج بين كل درجة وأخرى ارتفاع أربعة أو خمسة أمتار.
وقد وجد في المنطقة «أ» في الدرج الأعلى بعض المنازل التي تتكون جدرانها من اللبن، جوارها جدار ضخم عرضه لا يقل عن أربعة أمتار وارتفاعه أربعة أمتار أيضاً، ويعتقد انه كان سوراً لمدينة، وقد أكدت تنقيبات هذا العام ذلك.
أما الفخار الذي وجد مع الجدار فيعود الى العصر الحجري النحاسي أي منتصف الألف الرابعة قبل الميلاد، وكذلك اكتشف فخار في مستوى أعلى من الجدار يعود الى «فترة أوروك» (3200 قبل الميلاد) ومنازل تتألف من عدة طبقات تحتوي على العديد من المباني، ورصيف مرصوف باللبن المستوى.
وأما الطبقة الأخيرة منه فهي مغطاة بالجبص، وكلها تعود الى الألف الثالثة قبل الميلاد، وفوقها وجد بناء يعود الى الفترة الاسلامية ـ الأموية أي 700 بعد الميلاد.
وفي ما يخص المنطقة «ب» فقد وجدت فيها جدران أبنية وأفران ضخمة يصل قطر بعضها الى مترين، وتعود هذه المنطقة إلى منتصف الألف الرابعة، كذلك وجد في أرضيات احد هذه المباني قبر لطفل معه تماثيل صغيرة من العظم عرفت «بتماثيل» العيون بسبب وجود عيون كبيرة فيها، اكتشفت نماذج منها في «تل براك»، وتشير هذه التماثيل إلى آلهة أو أشخاص، لكن تفسيرها ما زال غامضاً على علماء الآثار. ومن أهم المكتشفات التي وجدت في هذه المنطقة، التي تعطي فكرة عن طابع المجتمع، وجود أكثر من ثمانين ختماً وخمس عشرة لوحة، وكثير من الخرز اكتشف في قبر الطفل وكان على الأرجح مشكوكاً في قماش ثياب الطفل.
أما مادة الأختام فكانت من العظم منحوتة بأشكال حيوانات. وكانت قاعدة الختم محفورة بخطوط أو بصور تشكيلية، وأحد الأختام الكبرى كان على شكل نمر منقط، نقطه مصنوعة من أسافين صغيرة محفورة ومنزله على جسده.. أما الوجه الأسفل فكان يضم صفاً من الحيوانات ذات القرون.
ووجد أيضاً ختم آخر كبير على شكل حيوان ذي قرون وأسفله أيضاً صور من الحيوانات ذوات القرون، أما الأختام الصغرى فهي على أشكال حيوانات مختلفة مثل الأسود والماعز والدببة والوعول والكلاب والأرانب والأسماك والطيور. وقد اكتشفت تعاويذ شبيهة بالتي في «تل براك»، لكن تعاويذ تل حموكار اعتبرت أختاماً لوجود صورة الختم عليها. أما الأختام الكبيرة فكانت للشخصيات المهمة مثل المديرين والمسؤولين والأختام الصغيرة وكانت إعدادها أكبر لأنها أكثر استعمالا باعتبارها تخص عامة الشعب وطبقاته. وهذا يدل على وجود تنظيم إداري دقيق ومدهش في فترة الألف الرابعة قبل الميلاد بسبب قدمها في التاريخ. وهذه الأختام لا تشير الى بيروقراطية، بل تشير الى علاقات تجارية كان يضع التاجر فيها ختمه أي توقيعه على المواد أو السلع أو قطع القماش، وهذه الظاهرة بدأت مع بداية العمران وبداية تأسيس دولة في حموكار.
أخيراً في المنطقة «ج» فقد اكتشفت فيها زاوية لبناء يعود إلى الألف الثالثة أي للفترة الأكادية، وقد وجد منه في «تل براك» وتحتوي زاوية البناء على باب يدل نمطه أنه ذو طابع عام وربما معبد. ووجدت فيه أيضاً كسر فخارية تعود إلى الفترة الأكادية وهذه القطع الفخارية مشابهة للقطع التي اكتشفت في «تل براكن» وسمح هذا بتأريخ القطع في الفترة الأكادية لتلازمها مع قطع أكادية أخرى.
هذا ودلت أخيراً نتائج الحفريات المبدئية على انه أسست وتطورت في هذه المنطقة ممالك سحيقة في القدم سبقت بروز حضارة «أوروك» وقدومها من جنوب بلاد الرافدين. وكان قبلا يعتقد أن فجر الحضارات الأولى والعمران انما ولدت في جنوب بلاد الرافدين، أي حوالي 3500 قبل الميلاد، ثم انتقلت شمالاً الى المناطق السورية في الشرق.

انشر الموضوع

اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك