أبريل 19, 2024

كلنا شركاء: وول ستريت جورنال- ترجمة ريما قداد- السوري الجديد
تقول المعارضة إن النظام يلجأ إلى الاعتقالات الجماعية عندما يستولي على المناطق التي خضعت لسيطرة الثوار في وقت سابق.
بعد أسابيع من اختفائه أثناء هروبه من مدينة حلب المدمرة، ظهر “عبد الله كامل” من فريق الدفاع المدني السوري “القبعات البيض”، الشهر الماضي في مقطع فيديو على الانترنت نشرته وكالة أنباء ناطقة باللغة الروسية.
كان شعره ولحيته أشعثين، كما ندد السيد كامل بعمل منظمته المرشحة لنيل جائزة نوبل للسلام في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، قائلاً إنها كانت تخطط لتوريط الحكومة السورية وحلفائها الروس في قتل المدنيين.
وقال السيد كامل، فيما قال زملاؤه السابقون إنه كان “اعترافاً بالإكراه نظراً لأنه رهن الاعتقال من قبل نظام بشار الأسد”، قال: “آمل أن تغفر لنا دولتنا”. وقال فريق القبعات البيض إنه ما زال معتقلاً لدى النظام وطالبوا بالإفراج الفوري عنه.
ومع استعادة النظام للمناطق من أيدي الثوار الذين ضعفت قوتهم في السنة السادسة من الحرب السورية، يقول نشطاء المعارضة والسكان إن النظام يلجأ إلى أسلوب الاعتقالات الجماعية وغيره من تكتيكات أمن الدولة لإخماد المعارضة في الأماكن التي كانت خارج سيطرته لأعوام.
ويقول النقاد إن ذلك جزء من نمط سوء المعاملة كان يتبعه منذ وقت طويل. ويذكر تقرير كان قد نُشر يوم الثلاثاء عن منظمة العفو الدولية أن الحكومة انتهجت سياسة “الإبادة” في سجن صيدنايا الذي يديره الجيش، وأعدمت ما يصل إلى 13 ألف هناك منذ بدء الثورة ضد نظام الأسد في مارس/ آذار عام 2011.
وقد اجتاز السكان هذا الشهر الحافلات التي استخدموها كحواجز في معركة  حلب، التي سيطر عليها النظام بصورة كاملة في شهر ديسمبر/ كانون الأول.
ووفقاً للتقرير، الذي قالت منظمة العفو إنه يستند إلى عشرات المقابلات مع معتقلين سابقين وسجانين وقضاة ومحامين، أعدمت السلطات _ مرة واحدة في الأسبوع على الأقل، أو مرتين في الغالب_ أشخاصاً في منتصف الليل في مجموعات تصل إلى 50 شخصاً.
وقد كان معظم السجناء من المدنيين الذين يراهم النظام السوري على أنهم خصوم، بما فيهم المتظاهرين والمعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والأطباء وعمال الإغاثة الإنسانية. وقالت مجموعة حقوق الإنسان إنها تعتقد أن روتين الإعدام خارج نطاق القضاء ما زال مستمراً.
وحسب ما ورد في التقرير، فقد قُتلت أعداد كبيرة من المعتقلين نتيجة للتعذيب المتكرر والحرمان المنهجي من الطعام والماء والعناية الطبية.
ووفقاً لما أفادت به الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وهي مجموعة معارضة، فقد وقع قرابة 2000 شخص في مصيدة،  نصبها النظام في الشهر الأخير من سقوط حلب، بيد الحكومة وحلفائها.
و عند أحد الحواجز، أوقف المسلحون الشيعة الذين تدعمهم إيران والجنود السوريون القافلة التي كانت تضم السيد كامل، الذي كان بصحبة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، حسب قول الأشخاص الذين كانوا معه وفريق القبعات البيض. وقد أصيب السيد كامل بطلق ناري في الكتف واعتقلته قوات النظام بعدها بالإضافة إلى كثيرين غيره.
وفقا للشبكة،  كان معظم الذين ألقي القبض عليهم في تلك المصيدة رجالاً مطلوبين للخدمة العسكرية. كما كان من بينهم العديد من النساء بالإضافة إلى 17 أسرة، بما فيهم من أطفال.
علاوة على ذلك، فإن أولئك الذين اعتُقلوا مؤخراً إلى جانب عشرات الآلاف من المعتقلين، تدعي مجموعة حقوق الإنسان أنهم اختفوا عنوة في متاهة سجون النظام سيئة السمعة على مسار الحرب.
ولقد نفى النظام هذه الادعاءات منذ وقت طويل، إلا أنه يصدر تقارير منتظمة بشأن أشخاص مطلوبين يسلمون أنفسهم و “يسوون أوضاعهم القانونية”، أي يستسلمون ويتصالحون مع الحكومة.
كما لم يعلق المسؤولون السوريون على نحو مباشر على موجة الاعتقالات الأخيرة في مدينة حلب.
ويقول السكان الذين أقاموا في حلب سابقاً وجماعات النشطاء إن النظام منذ أن أحكم سيطرته على مدينة حلب بأكملها، بدأ باعتقال أولئك الذين شاركوا بالمظاهرات والممرضين والأطباء الذين عالجوا ضحايا الغارات الروسية والسورية والعاملين في المجال الإنساني.
وقال “محمود أحمد”، وهو ناشط معارض للحكومة غادر المدينة في ديسمبر: “كان النظام ينتقل من منزل إلى آخر برفقة مسلحين من نفس الحي يحملون قوائم المطلوبين. لقد اعتقلوا رجالاً لمجرد خروجهم في مظاهرات ضد النظام أو غيرهم ممن أصلحوا سيارات للثوار”.
وقالت “ديانا سمعان”، وهي باحثة سورية لمنظمة العفو الدولية: “إن اعتقال المعارضين هو سياسة اتبعها النظام منذ عقود وقد تستمر أعواماً بعد الصراع”.
أما غدير، مقيمة سابقة في حلب أسهمت في الأعمال الإنسانية في الجانب الذي يسيطر عليه الثوار من المدينة، قالت إنها أمضت 20 يوماً في المناطق التي يسيطر عليها النظام بعد أن أُرغمت على الهرب من منزلها خلال الهجوم الذي شنته الحكومة، وأضافت أنها غادرت منزلها مرة واحدة وأخفت وجهها بالنقاب، أو غطاء الوجه، خشية أن يتعرف عليها جنود النظام وحلفاؤهم أو يعتقلونها.
وقالت غدير، التي طلبت ألا يذكر إلا اسمها الأول، إن النظام، بعد مدة وجيزة من استعادته السيطرة على مدينة حلب، بدأ بنشر الحواجز التي يحرسها المخبرون. وأضافت أنها بعد قرابة ثلاثة أسابيع، دفعت لرجل ليهرّبها إلى الريف المجاور الذي ما يزال تحت سيطرة الثوار.
إضافة إلى ذلك، قالت إن أربعة من زملائها السابقين تم اعتقالهم.
وأضافت: لقد ذهبوا إلى مناطق النظام معتقدين أنهم سيكونون بخير نظراً لعدم حملهم السلاح على الإطلاق. لكن الأمر ليس كذلك، فكل شخص أسهم في الأعمال الخيرية أو وزّع الخبز أو انتمى إلى أية منظمة فهو مطلوب. الأمر أشبه برحلة صيد وفي النهاية يقومون “باصطيادنا”.
ووفقاً لسكان ونشطاء سابقين، تقوم السلطات بالتفتيش في الهواتف المحمولة والحسابات الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي لكل شخص يتم اعتقاله، وذلك بحثاً عن آخرين قد يكونون مطلوبين لمعارضتهم للنظام. فقد كان النظام يستخدم الأساليب ذاتها منذ بداية الثورة بغية قمع المعارضة.
وفي شهر ديسمبر/ كانون الأول، قالت الأمم المتحدة إنها قلقة للغاية بشأن مصير مئات الرجال المفقودين بعد هربهم إلى مناطق الحكومة نظراً “لسجّل النظام المروع في الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري”. وأضافت الأمم المتحدة في شهر يناير/ كانون الثاني أنها مازالت عازمة على التحقق من أماكن وجودهم.
وخلال محادثات السلام السورية الشهر الفائت، قال قادة الثوار إنهم حصلوا على ضمانات من روسيا بإخلاء سبيل 13 ألف معتقلة لدى النظام كجزء من اتفاقية لضمان استمرار الهدنة الهشة. إلا أن أحداً لم يطلق سراحه بعد.


المصدر: وول ستريت جورنال: في سوريا يعتَقل المعارضون في الوقت الذي يستعيد فيه النظام السيطرة

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك