مايو 5, 2024

بعد مضي أكثر من أسبوعين على مطالبة روسيا بضمان استمرار تجارتها مع إيران وألا تتأثر بالعقوبات التي فرضتها الدول الغربية على موسكو، شدّ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان رحاله إلى العاصمة الروسية لإيجاد حل لمفاوضات فيينا النووية التي توقفت قبل أيام مؤقتا “لأسباب خارجية”.

وبينما صرح عبد اللهيان بأن التأخير في محادثات فيينا يحقق مصلحة لبلاده ويخلق أرضية للحفاظ على مصالحها، قال نظيره الروسي سيرغي لافروف إن بلاده حصلت على ضمانات أميركية مكتوبة بأن العقوبات المفروضة حاليا على موسكو لن تشمل التعاون النووي مع إيران، بما في ذلك منشأة بوشهر النووية الإيرانية.

وأضاف لافروف “موسكو تؤيد استئناف العمل بالاتفاق النووي الإيراني في أقرب وقت ممكن، وتنتظر أن ترفع واشنطن العقوبات عن طهران”.

قضايا فنية

وفسر مراقبون تصريحات لافروف على أنها تدل على حصول موسكو على ضوء أخضر أميركي لمواصلة التعاون التجاري مع إيران في إطار الاتفاق النووي.

وكشف المتابع لمفاوضات فيينا النووية الباحث في الشؤون الدولية مصطفى خوش جشم أن الإعلان الروسي يتحدث عن القضايا الفنية التي لا بد من موافقة الولايات المتحدة عليها في إطار الاتفاق النووي، ولا تتعلق بالتجارة.

وأوضح جشم -في حديث للجزيرة نت- أن الضمانات التي تحدث عنها لافروف تتعلق بمهمة الجانب الروسي في تنفيذ الاتفاق النووي مثل إرسال اليورانيوم العالي التخصيب من إيران إلى روسيا، وتحويل منشأة “فوردو” النووية إلى مركز أبحاث فيزياء وتكنولوجيا نووية، وإكمال المشاريع في منشأة بوشهر النووية.

وأضاف الباحث الإيراني “لا يمكن إحياء الاتفاق النووي من دون استثناء التعاون بين موسكو وإيران بشأن هذه القضايا الفنية التي ينص عليها الاتفاق المحتمل”، مضيفا أن طهران تقدمت بمبادرة إلى روسيا أسهمت في تبديد الهواجس التي كانت تشعر بها موسكو بشأن مستقبل التعاون التجاري بين الجانبين.

وكانت روسيا قد طالبت الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) بتقديم ضمانات مكتوبة بأن العقوبات التي فرضت عليها أخيرا بسبب الحرب في أوكرانيا لن تلحق ضررا، بأي شكل من الأشكال، بالحق في التجارة الحرة الكاملة، والتعاون الاقتصادي والاستثماري، والتعاون العسكري التقني بين موسكو وطهران.

عقدة المفاوضات

ونفى خوش جشم أن تكون روسيا هي العائق الأساس أمام إحياء الاتفاق النووي ومفاوضات فيينا، متهما الولايات المتحدة بشن هجمة إعلامية وحرب نفسية على روسيا التي لطالما دعمت الموقف الإيراني في مفاوضات فيينا.

ورأى أن زيارة عبد اللهيان إلى موسكو والمبادرة التي حملها إلى الروس تُوّجت بالإعلان الروسي الأخير، ووضع الكرة في ملعب واشنطن، مستدركا أنه لا يمكن الحديث عن بلوغ مفاوضات فيينا المرحلة النهائية، في ضوء عدم اتخاذ الولايات المتحدة قرارا نهائيا بشأن القضايا العالقة.

وكشف أن أهم القضايا الشائكة في مفاوضات فيينا تتعلق برفض واشنطن رفع طائفة من العقوبات عن طهران، وشطب عدد من الشخصيات والمؤسسات الإيرانية من اللائحة الحمراء، إلى جانب مطالب إيرانية أخرى أقل أهمية.

ورغم تأكيد لافروف عزم بلاده توقيع اتفاقية مع إيران تحدد مبادئ تعاونهما على الساحة الدولية، ورغم اتفاقه مع نظيره الإيراني على “تجاوز تأثير العقوبات الغربية والمعايير المزدوجة”، فإن مراقبين في إيران حذروا من أن ينعكس التعاون الثنائي بين موسكو وطهران سلبا على مصالح الشعب الإيراني.

عراقيل محتملة

وفي هذا السياق، يرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الشهيد بهشتي، علي بيكدلي، أن روسيا كانت قد طالبت واشنطن بتقديم ضمانات، وكان الأجدر بالجانب الأميركي إبداء موافقته -إذا كان ذلك هو موقفه- على تعاون موسكو مع طهران في إطار الاتفاق النووي.

وأضاف بيكدلي -في حديث للجزيرة نت- أنه في ضوء استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، وتواصل سيل العقوبات الغربية على موسكو، “قد نشهد صدور قرار أممي ضد موسكو في المستقبل”، وحينئذ ستفرض عقوبات قاسية على الدول التي تنتهك القرار الأممي.

وأوضح أن روسيا تعاني عزلة دولية بسبب العقوبات الغربية في الفترة الأخيرة، وتبحث عن مخرج للالتفاف على العقوبات، محذرا من أن إصرار إيران على الاحتفاظ بالحليف الروسي في مواجهة الحظر الغربي قد يكلف طهران غاليا، ويفرط في مصالح الشعب الإيراني.

واتهم بيكدلي روسيا بعرقلة مفاوضات فيينا بعد أن كانت قد اقتربت من نهايتها في الأسابيع الماضية، مستبعدا موافقة الأوروبيين والأميركيين على نقل اليورانيوم العالي التخصيب وأجهزة الطرد المركزي المتطورة من طهران إلى موسكو عقب الأزمة الأوكرانية.

وحث المتحدث نفسه الوفد الإيراني في مفاوضات فيينا على مطالبة جميع أطراف الاتفاق النووي باتخاذ موقف صريح تجاه التعاون النووي بين طهران وموسكو، للحد من التداعيات السلبية المحتملة على مصالح الشعب الإيراني.

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد قالت يوم الجمعة الماضي إن العقوبات المفروضة على موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا لا صلة لها بالملف النووي الإيراني، وأضافت أن واشنطن ما زالت تعتقد أن التوصل إلى اتفاق محتمل للعودة إلى اتفاق 2015 أمر قريب، لكنها قالت إنه يتعين اتخاذ قرارات من لدن طهران وموسكو.

مزيد من الأخبار http://www.qamishly.com

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك