مايو 18, 2024

إبراهيم حميدي: الحياة
كشفت مسودة الاتفاق الأميركي – الروسي ورسائل بعثتها واشنطن إلى قادة في المعارضة المسلحة أن الاتفاق بين واشنطن وموسكو يسمح لـ «النظام السوري بالقصف في مناطق محددة»، خارج إطار المناطق التي سيقوم الطيران الأميركي والروسي بقصفها في حال صمدت الهدنة الشاملة في سورية لمدة أسبوع، إضافة إلى موافقة واشنطن على قيام الطائرات الروسية بدعم «قوات الحكومة السورية».
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قال في مؤتمر صحافي مساء الجمعة: «(الرئيس بشار) الأسد من غير المفترض أن يقصف المعارضة، لأن هناك وقفاً للنار. (لكن) مسموح له استهداف (جبهة) النصرة، وهذا سيكون بضربات متفق عليها من روسيا وأميركا كي يلاحقهم» عناصر «النصرة»، وهو الاسم السابق لـ «فتح الشام» قبل أن تفك علاقتها مع تنظيم «القاعدة».
وكان هذا أول موقف أميركي يتضمن الاستعداد لتعاون غير مباشر بين أميركا والجيش النظامي السوري، علماً أن واشنطن كانت أبلغت دمشق عبر أقنية غير مباشرة كانت بغداد إحداها بقرب بدء التحالف الدولي بقيادة أميركا شن غاراته ضد «داعش»، إضافة الى وجود تنسيق العمليات غير المباشر بين الطائرات الأميركية والسورية لتجنب حصول صدام. وفسر كلام كيري على انه إقرار أميركي بالسماح للطيران السوري بالاستمرار في شن الغارات بعد مرور خمس سنوات على إعلان الرئيس باراك اوباما بضرورة «تنحي الأسد» ولوم المسؤولين الأميركيين للقوات السورية بالمسؤولية عما يحصل وقصف المدنيين، مع استمرار التمسك بـ «انتقال سياسي لسورية جديدة لدور للأسد في مستقبلها».
لكن الناطق باسم الخارجية الأميركي جون كيربي أوضح لاحقاً أن التعاون غير المباشر مع النظام «أمر لا يمكن أبداً أن نفكر في القيام به»، معتبراً أن تفسير كلام كيري على انه يعني الاستعداد لإقرار غارات سورية «أمر غير صحيح». وأضاف: «الهدف من الاتفاق (مع روسيا) هو منع القوة الجوية للنظام السوري من التحليق وقصف مناطق المعارضة أو النصرة»، بمجرد تشكيل «خلية التنفيذ المشتركة» بعد سبعة أيام من صمود الهدنة التي بدأت أمس. وأضاف كيربي: «التركيز سيكون على تنسيق العمليات العسكرية بين أميركا وروسيا وليس مع أي طرف آخر».
غير أن مسودة الاتفاق ورسائل أميركية بعثت بها «غرفة العمليات العسكرية» بقيادة «وكالة الاستخبارات الأميركية» ( سي أي آيه) الى قادة فصائل «الجيش الحر» والمعارضة، لشرح مضمون الاتفاق بين واشنطن وموسكو الذي أعلن في جنيف في 9 ايلول (سبتمبر)، كشفت الموافقة على استمرار الغارات السورية «في مناطق محددة».
في الفقرة الثانية من الرسالة، التي تقع في خمس صفحات وحصلت «الحياة» على نصها، أكد المسؤولون الأميركيون للمعارضة أن «الولايات المتحدة مصممة على أن تضع موسكو أمام مسؤولياتها حول التزاماتها في شأن تصرفات نظام الأسد من الآن فصاعداً. كما أن الخلية المشار إليها أعلاه لن يتم تشكيلها بصورة رسمية، إلا بعد مضي سبعة أيام من إظهار اتفاق وقف الأعمال العدائية نتائج ملموسة، في ما يتعلق بتخفيف أعمال العنف في سائر أرجاء سورية. إن مواصلة مشاركة الولايات المتحدة الأميركية في الخلية المذكورة تتوقف على التزام موسكو ونظام الأسد والقوات الموالية بالاتفاق».
وتابعت الرسالة أن واشنطن طالبت موسكو بـ «الوفاء بشرط وقف القصف الجوي الذي يقوم به النظام السوري في مناطق محددة، بمجرد تشكيل الخلية المذكورة. هذه المناطق (المحظور على الطيران السوري قصفها) تشمل المناطق التي تشكل فيها المعارضة الكفة الراجحة، ومناطق التواجد المكثف للقاعدة في سورية، وكذلك المناطق التي تشكل فيها المعارضة الكفة الراجحة مع وجود لعناصر القاعدة في سورية في المكان نفسه. يستثنى من ذلك الإخلاء الطبي وتوصيل المساعدات الإنسانية، واسترجاع الاتباع وأي أغراض غير قتالية تم الاتفاق عليها». وأضافت: «تعهد روسيا للولايات المتحدة الأميركية بأن طيران النظام السوري لن يقوم بأي عمليات قتالية جوية، وفق المذكور سابقاً، لكن بإمكان قوات النظام العسكرية القيام بنشاطات جوية ضد القاعدة في سورية خارج نطاق المناطق المحددة أعلاه».
ووفق المسودة الأولى للاتفاق، التي سلمها كيري الى موسكو قبل أسابيع وحصلت «الحياة» على نسخة منها: «روسيا الاتحاد ستزود «خلية التنفيذ المشتركة» مسبقاً لكل العمليات الجوية. بالنسبة الى الطلعات المستثناة، الخلية ستزود بالبرنامج الزمني للمهمات (الجوية) السورية والعمليات القتالية وتفاصيل التحركات قبل يوم واحد من بدئها. إن التقدم باتجاه مناطق داعش من مناطق النظام، يجب أن يقدم الى الخلية قبل بدء العمليات بيوم واحد».
كما نصت بوضوح في مرتين أخريين على ذلك، كانت إحداهما بالقول: «إن العسكر السوري يمكنه القيام بعمليات عسكرية بمناطق النشاط ضد النصرة، عدا المناطق المحددة اذا كان للنصرة مناطق هناك. كما انه يمكن للروس استخدام القوة الجوية للدفاع عن قوات الحكومة السورية في حال حصل هجوم من النصرة في المناطق المحددة».
وكانت هذه عوامل قلق لدى المعارضة، اذ بعث قادة الفصائل العسكرية رسالة الى المبعوث الأميركي مايكل راتني عن أن «ما يعزز المخاوف أن بنود الاتفاق مع الروس ذكرت أن حظر الطيران الحربي للنظام لن يتم إلا بعد مرور 48 ساعة من الهدنة بنجاح ، يعقبها سبعة أيام لترسيخ الهدنة وبعدها سيتم حظر الطيران الحربي للنظام. هل هذا يعني أن استخدام النظام للطيران في هذه الفترة لن يعتبر خرقاً للهدنة». وأضاف أن «الفترة الزمنية ستعطي الطيران الحربي للنظام الفرصة الكافية لإحداث أضرار جسيمة في المناطق المدنية وضد قواتنا العسكرية».


المصدر: وثائق أميركية تكشف الموافقة على غارات سورية في «مناطق محددة»

انشر الموضوع