أبريل 19, 2024

أوقف الأمر التنفيذي الجديد الذي وقعه الرئيس ترامب يوم الاثنين للمرة الثانية برنامج إعادة توطين اللاجئين في الولايات المتحدة. وكقرّاء لصحيفة “توديز وورد فيو” نعلم أن إصرار البيت الأبيض على برنامج فحص اللاجئين ليس منطقياً بشكل كافٍ وغير مدعوم بالأدلة التجريبية ولا بالبيانات الخاصة للحكومة التي تخص التهديدات الأمنية المتعلقة باللاجئين.

ومع ذلك، فإن هذا التقليل من شأن اللاجئين وخصوصاً السوريين منهم كان محور رسائل ترامب السياسية منذ الأشهر الأولى لحملته الانتخابية، غير أن هذه المواقف لم تقدم شيئاً لمعالجة محنة اللاجئين وخصوصاً الأكثر ضعفاً منهم.

أُجبر أكثر من نصف سكان سوريا على الفرار من منازلهم، سُجل أكثر من 4 ملايين لاجئ لدى الأمم المتحدة، وهناك ما لا يقل عن مليون يعيشون في البلدان المجاورة دون أن يُسجلوا. أما بالنسبة للأطفال بشكل خاص فإن التكلفة المطلوبة ستكون مدهشة، ووفقاً لصندوق رعاية الطفولة التابع للأمم المتحدة اليونيسف فهناك 8.4 مليون طفل ومراهق سوري  -أي ما يشكل أكثر من ثلث إجمالي عدد السكان-  بحاجة لمساعدات إنسانية، وأكثر من 2.5 مليون طفل يعيشون حالياً كلاجئين أو في حالة فرار بحثاً عن الأمان.

ولكن الأمر يحتاج أكثر بكثير من تبرعات دولية لوقف معاناتهم

نشرت منظمة save the children  تقريراً هذا الأسبوع يتضمن تفاصيل عن مصير مذهل ومأساوي لجيل كامل من الأطفال السوريين الذين عاشوا صدمة ست سنوات من القصف وسفك الدماء. أجرى الباحثون مقابلات مع ما يقارب 450 شخصاً من أطفال ومراهقين وبالغين من الذين لا يزالون يعيشون داخل البلاد. وجد الباحثون أن العديد من الأطفال السوريين يعانون من “الإجهاد السميّ” نتيجة للصراع. ووفقاً لهذه المنظمة الخيرية البريطانية، إن هناك على الأقل 3 ملايين طفل في الداخل لا يعرفون شيئاً سوى الحرب.

“سأشعر بالغرابة إذا لم أسمع أو أرَ الضربات الجوية لأنها تحدث غالباً” هذا ما قاله علاء أحد المراهقين الذين يعيشون في جنوب البلاد ممن أجريت معهم المقابلة.

لهذا الأمر عواقب وخيمة تؤثر على نشأة الأطفال، حيث حذرت منظمات إنسانية وجمعيات حقوق الإنسان المختلفة من ارتفاع مقلق لنسب الانتحار بين الأطفال، إنهم يخشون من العواقب المدمرة على المدى البعيد لمستقبل سوريا بسبب ترعرع شبابها وسط أنقاض واحد من أكثر المجتمعات المهيبة في منطقة الشرق الأوسط.

“بعد ست سنوات من الحرب نحن في نقطة حرجة بعد التأثير على السنوات التكوينية للأطفال وتنمية الطفولة الذي من الممكن أن يكون هائلاً بحيث أن الضرر قد يكون دائماً يتعذر إزالته” هذا ما قالته مارسيا بروفي مستشارة الصحة النفسية لمنظمة save the children   في الشرق الأوسط.

التقرير الذي حمل عنوان “الجروح الخفية” أظهر لقطات صادمة لما فعله القتال خلال مدة تزيد عن نصف عقد من الزمن بجيل من الأطفال.

  • 80% من الأطفال والبالغين قالوا بأن الأطفال والمراهقين أصبحوا أكثر عدوانية، 71% قالوا بأن الأطفال يعانون بشكل متزايد من التبول الليلي المتكرر والتبول اللاإرادي- هذه هي الأعراض الشائعة للإجهاد السمي واضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال.
  • كما أن ثلثي الأطفال قد فقدوا أحد أحبتهم أو قصفت وسرقت منازلهم أو عانوا من إصابات ذات صلة بالحرب.
  • 51% من البالغين الذين أجريت معهم مقابلات قالوا إن المراهقين يتجهون إلى المخدرات للتعامل مع الضغوطات.
  • 59% من البالغين قالوا إنهم يعرفون أطفالاً ومراهقين تم تجنيدهم من قبل الجماعات المسلحة. وما يقارب 50% قالوا إنهم يعرفون أطفالاً يعملون في نقاط التفتيش والثكنات.
  • واحد من كل أربعة أطفال هم الآن عرضة لخطر تدهور صحته العقلية.

ووفقاً للتقرير قال 48% من البالغين الذين شملهم الاستطلاع إنهم رأوا أطفالاً قد فقدوا القدرة على الكلام أو ظهرت لديهم عوائق للكلام أثناء الحرب. قامت الزميلة لويزا لوفلك خلال لقائها الخاص بتفصيل هذه الظاهرة على تويتر قائلة:

التقيت محمد ذلك الطفل الصغير في يمين الصورة في مخيم لبناني، لقد كان مصدوماً جداً في سوريا حتى أنه لم يتكلم منذ مغادرته لها.

إن الحصول على الإرشاد النفسي محدود للغاية وبكل بساطة غير متوفر في كثير من الحالات بسبب الانهيار الكامل للدولة السورية في أجزاء واسعة من البلاد. قدرت منظمة save the children  أن هناك طبيبين نفسيين فقط لكل مليون شخص في البلاد حالياً. ووفقاً لليونيسف هناك ما يقارب 2.6 مليون طفل سوري لم يعد يذهب إلى المدرسة.

وكالعديد من الجمعيات الحقوقية والمنظمات الإنسانية الدولية دعت منظمة save the children  إلى وقف فوري لأعمال العنف وحثت المجتمع الدولي على بذل المزيد من الجهد لتلبية احتياجات الأطفال السوريين. وتلقى مثل هذه المناشدات غالباً آذاناً صماء في عدة عواصم إقليمية وغربية.

من المؤكد أن إنهاء الحرب ليس بالأمر السهل فقد ناضل دبلوماسيون أجانب لسنوات لصياغة خارطة طريق نحو نوع من الحل السياسي، ويبدو أن هناك رغبة صغيرة من الغرب بالتدخل عميقاً في أي حرب أو صياغة للسلام. ولكن في هذه الأثناء يبدو أن إضعاف مساعدة وإعادة توطين اللاجئين – حيث أن وكالة الأمم المتحدة للاجئين تعاني من نقص حاد ومزمن في التمويل- منطقي بعض الشيء. إن مصير جيل من الشباب السوري الذي عانى من الحرب له انعكاسات عالمية عميقة، وسوف يحول سوريا بعد الحرب إلى بلد عاجز إذ أن شبابها لا يمكن أن يعيش ما يشبه الحياة الطبيعية.

“أشعر وكأنني رأيت الكثير من الأمور المريعة، نحن بحاجة للعودة إلى المدارس حتى نتمكن من الدراسة والحصول على التعليم الجيد” قالت زينب وهي فتاة تبلغ من العمر 11 عاماً تعيش في محافظة الحسكة. “ماذا لو تقدمت في السن وبقيت على هذا الحال؟ أأخسرُ مستقبلي بكامله؟ أريد أن أدرس وأكبر لأعلّم أولادي أيضاً. أريد أن أصبح معلمة. ماذا لو مرت كل هذه السنوات ولم أحقق شيئاً؟ هذا ليس عدلاً”.

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك