مايو 18, 2024

ترجمة الخليج اونلاين-
للمرة الأولى منذ قصفه لقواعد الصواريخ السورية في البقاع اللبناني خلال الغزو عام 1982، يفقد الاحتلال الإسرائيلي تفوّقه الجوي الإقليمي؛ وذلك بعد الحدّ من حرية حركة سلاح الجو الإسرائيلي؛ بسبب تكثيف الحضور العسكري الروسي في سوريا.
هذا التكثيف العسكري، بتأكيد محللين أمنيين إسرائيليين، يجعل من روسيا تفرض على الاحتلال الإسرائيلي واقعاً أمنياً جديداً، وتضع كذلك نظاماً سياسياً وفق منظورها فقط، وهو ما يعني أن التنسيق الأمني بين روسيا والاحتلال أصبح أضعف في الفترة الأخيرة.
وبحسب ما اطّلع عليه “الخليج أونلاين”، يؤكد المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس”، عاموس هارئيل، أن التعزيز العسكري الروسي له تداعيات على الاحتلال، فالطيران الإسرائيلي لم يعد قادراً على الانطلاق من قاعدة “تل نوف” العسكرية الواقعة في العمق الإسرائيلي، أي في منطقة المركز، دون أن ترصده الرادارات الروسية.
هذه الحالة، المتمثلة بفقدان التفوق الجوّي، لم تحصل للاحتلال منذ الثمانينيات، فعلى طول العقود الثلاثة السابقة تمتع الطيران الإسرائيلي بحرية حركة تامة في الجبهة الشمالية، وهو ما لم يستمر بسبب القرار الروسي بتكثيف الدفاع الجوي في طرطوس، وهنا يرى هارئيل أن روسيا استطاعت تقييد حركة الطيران الإسرائيلي– الأقوى في الشرق الأوسط- دون جهد ظاهر.
وعلى الصعيد السياسي يرى هارئيل أن التقييدات والإملاءات الروسية تتجاوز كونها عسكرية وأمنية لتكون سياسية أيضاً. ومن هنا يعتبر أن التقارب الروسي الإسرائيلي، وفتح غرفة تنسيق أمني مشتركة لمنع التصادم بين الطيران الروسي وطيران الاحتلال، والزيارات المكثفة التي عقدها نتنياهو لموسكو في العام الأخير، لم تكن كلّها إلا خطوات مفروضة على نتنياهو، أي إنها إملاءات روسية وافق الاحتلال عليها مضطراً، بعد اتخاذ روسيا لقرار البقاء في الساحة الخلفية لتل أبيب.
بحسب هارئيل، يبدو أن تكثيف وجود الدفاع الجوي الروسي في سوريا هو رد فعل على إدانة الولايات المتحدة للقصف الثقيل على حلب، كما أنه نابع أيضاً من مخاوف موسكو– غير الواقعية حالياً- من اتخاذ إدارة أوباما لخطوات عسكرية ضد نظام الأسد في سوريا.
وعلى الرغم من كون الاقتصاد الروسي مترنّحاً فإن بوتين مصرّ على الذهاب حتى النهاية، وذلك بعدة طرق، أولاً بتلميحاته حول خطر اندلاع حرب نووية، وبمحاولاته إحباط الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وبالخطوات الروسية المفاجئة في الشرق الأوسط مثل التدريب العسكري المشترك مع مصر، والذي أعلن عنه الشهر الحالي.
ويضيف الكاتب أن نوايا موسكو من كل جهودها المبذولة لردع وإرباك خصومها، غير واضحة وصعبة على التفسير، لكنه يرى أن من ضمن الأسباب التي تحرك روسيا هو رغبتها بكسر عزلة موسكو بعد الملف الأوكراني، إضافة إلى لفت الأنظار للملف الروسي، وتعزيز حضور روسيا كلاعب دولي أساسي في المنطقة لا يمكن التوصل إلى حل للأزمات من دونه.
وهنا يشير هارئيل إلى أن المحاولة الأولى لتناول الأسئلة حول روسيا بعمق يجري مؤخراً من وجهة نظر عسكرية إسرائيلية؛ فمركز الأبحاث التابع لكلية الأمن القومي أصدر مجلة “عشتنوت”، التي خصصت عدداً كاملاً موسعاً للتدخل الروسي في سوريا بأبعاده الاستراتيجية والدروس المستفادة منه.
ويفيد الكاتب، ديما أدمسكي، أنه إضافة للدوافع التي ذكرها هارئيل هناك دوافع أخرى تقف وراء القرارات الروسية. ويقول في هذا السياق إن قرارات الكرملين تتخذ بحسب خطة استراتيجية بعيدة المدى، إذ يرى الروس أنفسهم في حالة دفاع عن النفس أمام الهجمات الغربية في شرقي أوروبا (أوكرانيا تحديداً)، وفي الشرق الأوسط أمام عمليات الناتو في ليبيا، والسعي لتغيير نظام الأسد في سوريا.
ودافع آخر هو القلق من وصول خطر التنظيمات المتطرفة إلى روسيا، خاصة أن كثيراً من المقاتلين في تنظيم “الدولة” في سوريا أتوا من القوفاز، هذا إلى جانب ضرورة حماية الأسد بالنسبة لروسيا كوسيلة لحماية مصالحها، وعلى رأسها ميناء المياه الدافئة في طرطوس.
ويضيف أدمسكي أن التدخل الروسي في سوريا هو التحرك الأول من نوعه في روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وهو أوسع حملة عسكرية منذ الحرب على أفغانستان في الثمانينيات. كما أن نظرية الانتصار بالنسبة لهم، والوسائل الصارمة المستخدمة، تستند إلى تجربتهم في حرب الشيشان السابقة في العقد الماضي، والتي انتهت بانتصار حاسم ووحشي لموسكو.
بعد عام من التدخل في سوريا، يرى أدمسكي أن بوتين يمكنه التفاؤل أكثر من نتنياهو؛ وذلك لأن “حزب الله” يشكل جزءاً من المعركة التي تقودها روسيا، وعليه فقد اكتسب خبرات قتالية، وطرق عمل متطورة تعلمها من الروس، وهذا العلم قد يطور قدرات قوات “حزب الله” في مجال القوات الخاصة، واستخدامها في المواجهات ضد جيش الاحتلال.
اقرا:
من الصحافة الاسرائيلية: شجاعة حلب



المصدر: هآرتس: الإملاءات الروسية تقيّد (إسرائيل) في الجو وتفقدها تفوقها

انشر الموضوع