مايو 7, 2024

كلنا شركاء: ناشونال إنتريست- ترجمة صحيفة التقرير

بعد شهرين من تولي إدارة ترامب، يصعب القول إذا كان هناك تحولٌ استراتيجي كبير في السياسية الأمريكية تجاه سوريا. ووضع الرئيس الأمريكي موعدًا نهائيًا للجيش الامريكي لوضع خطة الثلاثين يوم لهزيمة، وأتى الموعد وانتهى. وأوضح رئيس أركان هيئة الأركان المشتركة جوزيف دانفورد في أواخر فبراير الماضي أنه لم تكن في نية الرئيس أن خطة الثلاثين يوم ستكون نهاية القصة.

في ضوء الأحداث الراهنة، أين يجب أن يكون هدف ترامب التالي بعد وجود أسوأ حرب أهليه في القرن العشرين، وكذلك وجود التطرف العنيف من التكفريين؟.

جاء ترامب ليجد فوضي في سوريا، ولكن لحسن حظه يوجد أيضًا زخم في المعركة ضد داعش وخاصة في العراق؛ حيث حررت مقاطعات أنبار ونصف الموصل من قبضة المتطرفين، وكذلك بدأ يحدث ذلك في سوريا.

ولايزال “داعش” مسيطرًا على عاصمتها وهي “الرقة” وكذلك مدن صغيرة في دير الزور وضاحيات في شرق حمص، وفقًا لمعهد دراسات الحرب. ولكنه خسر عددًا من المناطق، والرقة يتم تطويقها حاليًا بعدد من قوات المعارضة.

وقال الجنرال ديفيد باتريوس إنه نظرًا للمعركة الجيوسياسية في سوريا، فإن الأمور لن تنتهي في أي وقت قريب. ولا توجد أي خطط لتحرير الرقة مع وجود المعارك بين تركيا والأكراد، وحتى إن تم حل هذه المسألة وحُررت الرقة، فإن داعش يمكن أن يبقى على ملاذات صغيرة في مناطق أخرى بالشام وعلى الحدود الإقليمية، وحتى إن تم التخلص من داعش كتهديد، فإن هناك تهديدات من جبهة النصرة والقاعدة.

وأخيرًا، حتى إن ضعفت داعش وجبهة النصرة في الشام خلال الأشهر القادمة، فإن احتمالية عودة العنف المتطرف في غياب حلول للحرب الأهلية لازالت كبيرة.

لا يعد العمل بين بوتين والأسد للوصول لهذا الهدف، الحل ايضًا، حيث إن الأسد يظل ملام على الدماء التى سالت في سوريا ولا يمكن اعتباره الحاكم الشرعي. ويزدري الغالبية العظمي من المسلمين السنة في سوريا بشار الأسد، حيث رأوا موت جيرانهم وعانى الشعب من نقص الطعام والعناية الطبية على مدار ست سنوات.

يمكن أن يتم هزيمة داعش بشكل مؤقت، ولكن ستظهر النصرة أو غيرها من الجماعات لتستفاد من هذا الكره تجاه الأسد، ويمكن أيضًا أن تأتي موجة أخرى من الجهادية تحت اسم مختلف.

يظل التفكير المنطقي أنه من أجل حل المشاكل قصيرة المدى، يجب التفكير في الاستراتيجية السياسية طويلة الأجل التى يجب السعي لها. و لا يعد استبدال الأسد ضمن المقترحات على الرغم من الأشياء المرعبة التى ارتكبها. وتعتبر الإجابة الأكثر منطقية حاليًا هي وجود حكم ذاتي للأكراد والعرب السنة من خلال الحكم الكونفدرالي. حيث يبدو الحل هو وجود عدة مناطق ذات حكم ذاتي بداخل الدولة المركزية.

وبمجرد إنشاء هذه المناطق يمكن أن تصل لهم المساعدات الإنسانية بطريقة مباشرة من خلال المجتمع الدولي. ويمكن لقوات حفظ السلام الدولة مساعدتهم في بناء وحدات شرطة محلية، مثل البيشمركة العراقية، ومراقبتهم للتأكد من عدم إرسالهم أسلحة لحزب العمال الكردستاني في تركيا أو محاولة بدء مسيرات غير مجدية للتخلص من الأسد.

وتتضمن قوات حفظ السلام، روسيا في غرب الدولة، ويبقى الترك في الشمال، والعرب وغيرهم من القوات ذات الأغلبية المسلمة يمكن أن يبدءوا دوريات على طول خط دمشق الدولي. أما بالنسبة لقوات أمريكا وحلف الناتو يمكن أن يساعدوا في العمليات المستمرة ضد الإرهاب.

ويجب أن يتم إيصال المساعدات الأجنبية للمناطق السورية المعاد تشكيلها، حيث يمكن أن يحسن ذلك من نفوذ المجتمع الدولي مع الحكومات الإقليمية الجديدة. و يمكن أن يطالبوا أن تبقى سوريا غير مقسمة كشرط للمساعدات المستقبلية مع عدم وجود أي محاولات للانفصال. ومن أجل أن يحصل الأسد على مساعدات فيمكن أن يتم مطالبته بتقليل نطاق حكمه في الدولة ووقف الهجمات على المعارضة.

تدفق المساعدات إلى المناطق التى يحكمها يمكن أن يحدث بعد رحيله، ولكن يمكن أن يحدث في وقت أقرب من هذا لتحفيز الأسد وروسيا لقبول هذا النهج لإنهاء الحرب وهزيمة المتطرفين.

قد لا يوافق العديد من السوريين على الدولة الفيدرالية حتى بوجود حكومة مركزية تسيطر على نصف الدولة مع تقسيم النصف الآخر ولكن مثل هذه الاتفاقيات يجب أن تكون دائمة، ويتضمن الاتفاق النهائي عقد مؤتمر دستوري للنظر في إعادة حكومة مركزية قوية.

ويعيدنا ذلك للنقطة الهامة وهي كيف يمكن تحرير الرقة؟. تنقص الاستراتيجية الحالية المعدات والجنود، حيث ينقص قوات العرب المعارضة المعتدلة في شرق سوريا، والجنود. أما القوات الكردية لديها الجنود ولكن ينقصها الأسلحة. والآن يتضح أن قوات الأسد تحاول الوصول للشرق ولكن ينقصهم الجنود حتى بعد إضافة القوات الروسية وحزب الله وغيرهم من الميليشيات الشيعية للمعادلة. وتعد القوات الجوية الأمريكية هامة، ولكن لا يمكنها أخد دور القيادة في تحرير الرقة وغيرها من المدن من آلاف من مقاتلي داعش.

ويتضمن الحل لهذه المعضلة، توفير الأسلحة للأكراد بموافقة تركيا أو بعدمها، وكذلك جهود عظيمة للتعاون بين الجيش والقبائل السنة في شرق سوريا. ولكن يجب التركيز على مساعدة الأكراد، وبشأن هذه المسألة يعتقد أنه يمكن فعل العديد حتى يتم تقليل معارضة تركيا لهذا المقترح:

  • إعلان مناطق حكم ذاتي وليس دويلات سورية، وحشد الحلفاء الرئيسيين لدعم نفس الرؤية لمستقبل سوريا.
  • الإصرار على وجود منطقتين للأكراد حتى لا ينضموا سويًا ويسعوا للإستقلال.
  • دعم فكرة الوجود التركي طويل المدى في سوريا حتى بعد تحرير الشرق من داعش لطمأنه تركيا بوجود أعينها على الكرد.
  • فرض عدد من القوات الأمريكية في هذه المنطقة للمساعدة في متابعة تحرك الأشخاص والأسلحة على طول الحدود التركية السورية.
  • التوضيح للأكراد أن الأسلحة المزودين بها هي معارة لهم وسيتم اعادتها بعد هزيمة داعش.

هذه الخطة لا تعد مثالية ويمكن تحسينها، ولكن النقطة الرئيسية هي أننا نحتاج لتقديم رؤية سياسية وعسكرية واسعة بشأن سوريا حتى إن كان بهدف الوصول للهدف قصير الأجل وهو تحرير الرقة.

إذا كان هناك شيء يجب تعلمه بشأن الشرق الأوسط، هو أن النجاح العسكري المبنى على أسس سياسية ضعيفة لن يستمر، هذا إن كان هناك نجاح من الأساس.

المصدر : كلنا شركاء

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك