أبريل 25, 2024

للعام السادس على التوالي يستمرّ نظام الأسد بعدوانه السادي على شعبنا السوري، بدعم ومشاركة كاملة من روسيا ونظام الملالي في طهران، مستخدمين أحدث وأخبث آليات وتقنيات القتل والتدمير وأسلحة الدمار الشامل التي جرى تحريم استعمالها ضد المدنيين، خارقين بجرائمهم التي لم يعرفها التاريخ الحديث منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ميثاق الأمم المتحدة وشرعة حقوق الإنسان ومعاهدات جنيف لحقوق المدنيين في الحروب، مرتكبين وبشكل يومي أبشع المجازر وحلقات الموت الجماعية بحق السوريين دون وازع من أخلاق أو ضمير. يواصلون تهديم المدن، والإستهداف المقصود والممنهج للمستشفيات والمدارس، ودور العبادة، ومرافق الأطفال، والبنى التحتية، بهدف دفع من بقيَ على قيد الحياة ومن أخطأته قذائفهم الحاقدة للموت جوعاً، أو الرضوخ والإستسلام بسبب انعدام سبل البقاء على قيد الحياة، وصولاً إلى فرض التهجير القسري للمواطنين من مدنهم وأحيائهم واقتلاعهم من بيوتهم وأرزاقهم، ليحلّ فيها ويستولي عليها أزلام ومليشيات النظام الطائفية، في سياق إحداث تغيير ديمغرافي مقصود داخل الأرض السورية، في سابقة نادرة لم يسبقه لها أي نظام في العالم مهما بلغ حد إجرامه، كما حدث لأهل داريا ومجموعة بلدات في ريف دمشق والغوطتين، وفي حلب الشرقية مؤخرا، تحت مُسَمى المصالحات وهي في حقيقتها صكوك إذعان وإذلال لشعب أراد حريته.
كل هذا جرى ويجري تحت أبصار المجتمع الدولي الرسمي الذي أَسقطت إنسانيَته وأظهرت عريه وبشاعته دماءْ وآلام السوريين، والتي ستبقى آثارها عار لاتمحوه السنون على جبين المجتمع الدولي الذي فقد الرغبة والإرادة بوقف نزيف الدم والدمار السوري. جرى ويجري هذا في سياق السياسة السلبية المنكفئة للإدارة الأميركية في عهد الرئيس باراك أوباما إزاء أزمات المنطقة، والتي قايضت بقاء النظام وإطلاق يده مع حلفائه الإيرانيين ومواصلة الفتك بالسوريين مقابل تخلّيه عن مخزونه من السلاح الكيماوي في العام 2013، وصولاً لترحيل كامل الملف السوري وتعهيده لروسيا حليفة النظام وشريكته والمدافعة عنه، والمانعة لسقوطه، وإطلاق يد إيران التخريبية والسرطانية في سوريا وعموم المنطقة بعد موافقتها على تجميد نشاطاتها النووية بموجب الإتفاقية {5+1} التي وقعتها مع أميركا وبعض الدول الآوربية، الأمر الذي دفع بوتين لاستغلال وملء الفراغ الأميركي في المنطقة بالعودة إليها مدفوعاً بأحلامه القيصرية ليستعيد دوراً عالمياً  تقلّص وغاب، ومكانة تم فقدها بسقوط ماكان يُسمّى الإتحاد السوفيتي سابقاً، وبالتالي التدخّل المباشر بقواته، بمختلف صنوفها البرية والجوية والبحرية لمنع سقوط النظام، وإبقائه مجرد تابع يشرعن وجوده واستكمال تحقيق أهدافه.
جرى هذا كله أيضاً في سياق تضاؤل الدور الأوروبي الذي كان يملكه في المنطقة بعد اتفاقية سايكس بيكو وحتى منتصف القرن العشرين، وفقدانه قدرة التأثير والتحكّم بمسارات الأحداث في عموم الشرق الأوسط، هذا ناهيك عما كان لاستدارة الموقف التركي وضبابيته بعد المصالحة مع روسيا، والتنسيق معها بما يخص الأزمة السورية. كل هذا ساعد على  تكريس النفوذ الروسي المتعاظم ، وانتزاع سلطة القرار من الأسد ونظامه، ومن مسار الأحداث التي كانت تتحكّم فيها إيران منفردة قبل ذلك. ولا أدلّ على هذا سوى استدعاء وزير الدفاع الروسي لبشار الأسد إلى مطار حميميم  في شهر حزيران الماضي، ليبلغه تعليماته وتعليمات قيادته، في خرق واضح ومقصود للأصول والأعراف الدبلوماسية.
اليوم وإثر أضحت الساحة السورية مركزاً لصراعات الإرادات الدولية، والقوى الظلامية التكفيرية والإستبدادية التي تسيّدت المشهد على حساب تراجع قوى الثورة الحقيقية من شعبنا، ما ساهم بالتعمية على البعد الوطني السوري للأزمة السورية، وعلى الجوهر السياسي الذي أشعل جذوة الثورة بين نظام استبدادي فاسد غير قابل للإصلاح وشعب انتفض ضده من قلب الألم والقهر والظلم، وتحويل المسار إلى صورة صراع ديني تكفيري عابر للحدود يتم استغلاله وتغذيته تنفيذاً لأجندات ومصالح إقليمية ودولية على حساب دماء السوريين وخراب بلدهم.
بناء على ما تقدّم، فنحن في الحزب الجمهوري السوري، لانرى أُفقاً أو بوادر أمل لسوريا جديدة مستقرة وحرّة، ولا نهاية لفجيعة السوريين وآلامهم، إلّا بإسقاط وإبعاد كل الرايات السوداء التكفيرية والأخرى الطائفية المذهبية، سواء من ادّعى حربه على النظام بشعارات تكفيرية الثورة منها براء، أو من جاء نصيراً للنظام تحت رايات صفراء حاقدة. فبقاء أي منهما سيستدعي بقاء نقيضه، وجميعها تنهش بالجسد السوري الجريح، وجميعها لها مشاريعها الاستبدادية وأجنداتها الخاصة العابرة للحدود. وإن كان رافعو تلك الرايات مختلفين فيما بينهم ويحملون على بعضهم حقد قرون، إلا أنهم لاريب متفقين إيديولوجياّ في عدائهم للثورة السورية وجوهر خياراتها في إسقاط الإستبداد وبناء الدولة الوطنية العادلة، دولة الحق والقانون التي تحترم آدمية البشر وحقوقهم. الخلاص السوري لن يتحقّق – وقد أضحت الساحة السورية ملعباً لصراعات وحرب الأخرين عليها- إلّا بتوافق دولي يطرد كل الغرباء خارج الحدود، فوجودهم مرتبط بوجود النظام، والعكس صحيح. وعندها فقط يتسنّى لشباب سوريا من عشّاق الحرية والكرامة، العودة من جديد للساحات والميادين التي أُبعدوا منها، وحينها يمكن أن تبدأ مرحلة إنتقالية في سياق عملية سياسية سنداً لبيان جنيف 1 الصادر بتاريخ 30 حزيران لعام2012 والقرارين 2218 و2254 تُّنحّي النظام وتؤسس لسوريا دولة لكل أبنائها، ديمقراطية تعددية تداولية عادلة، تحمي الحقوق وتصون الحريات.
في حال عدم توافق الدول الكبرى على ذلك، لابد من أن يتحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته في قيادة المرحلة الإنتقالية والإشراف عليها بموجب شرعة الأمم المتحدة، ودورها الوصائي، وهذا أهون الشّرين لتفويت الفرصة على موسكو التي تسعى لإبعاد أي دور للمنظمة الدولية لتستفرد برسم النهايات بطريقتها الخاصة، بداية بالقضاءعلى ثورة الشعب السوري، وتمهيداً لتقسيم سوريا مناطق نفوذ تستحوذ على حصة الأسد منها. لذلك فتضافر الجهود لاستبعاد الاستحواذ الروسي المنفرد للقرار الإقليمي والدولي في الأزمة السورية لصالح دور فعّال للأمم المتحدة هو خير الحلول وأقصر الطرق لتجنيب سوريا ما يحاك لها من مكائد بصياغات الدول ذات النفع.
تحيا سوريا سيّدة حرّة مستقلّة
المكتب الإعلامي للحزب الجمهوريّ السوريّ
www.syrian-republican-party.org
26-12-2016




المصدر: موقف الحزب الجمهوريّ السوريّ حيال المستجدّات السوريّة

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك