مايو 18, 2024

ناصر علي: اقتصاد
يخفي أبو أحمد وجهه بعيداً عن محدثه وهو يروي الأوضاع التي وصل إليها في سنوات الحرب الأخيرة.. الدموع تباغته ولا يستطيع ردها ويحكي كيف سيحل كل هذا الكم من العجز والديون المتراكمة، وكيف سيتدبر ثمن المازوت ومستلزمات دراسة الأولاد، والعيد الذي بات على الأبواب، والأعوام المتعاقبة التي لم يستطع شراء ثياب جديدة لأطفاله فيها.
العيد.. حلوى بطعم الفقر
حلويات العيد التي كنا نشتريها قبل الأزمة تعادل ثمن كيلو غرام من المعمول بالفستق الذي تجاوز سعره 5000 ليرة سورية، فكيف يستطيع موظف راتبه لا يتجاوز 20000 ليرة أن يؤمن ثمن الحلويات لهكذا مناسبة.. بكل بساطة يحسبها أبو خالد الموظف في إحدى مؤسسات المياه بريف العاصمة، ويردف: “الحل في محاولة صنعها في المنزل وهذا يوفر على الأقل 50% من ثمنها في المحلات”.
أما أسعار الحلويات في السوق فهي متفاوتة نظراً لعدم وجود رقابة، ومرتفعة بسبب غلاء المواد الأولية الداخلة في التصنيع، فعلى سبيل المثال سعر كيلو الغريبة 1000 – 1500 ليرة، البرازق 1500- 1800 ليرة سورية وهي من الحلويات الشعبية الرخيصة، وأما المبرومة 5000 ليرة، والمعمول بلا فستق 3000 ليرة.
القرطاسية.. جنون وفوضى
ارتفاع سعر الورق بسبب الحصار كما يقول صاحب إحدى المطابع، وكذلك انقطاع الكهرباء الدائم وارتفاع سعرها، كل ذلك أدى إلى زيادة أسعار المنتج المحلي من القرطاسية، وأما المستوردة فلا يستطيع المواطن العادي شراءها.
أسعار الدفاتر مختلفة وكل يبيع على هواه، وكل كذب مؤسسات النظام في تقليل العبء على المواطن لا يجدي مع من لا دخل له، فعلى سبيل المثال سعر دفتر عربي سلك 200 طبق، 275 ليرة، دفتر رسم كبير بسعر 90 ليرة، تجليد ملون + شفاف بسعر 200 ليرة، علبة أقلام رصاص ملونة (12 قلم) بسعر 200 ليرة، علب أقلام تلوين يتراوح سعرها بين 50 و 500 ليرة، العلب الهندسية يتراوح سعرها بين 175 و 350 ليرة.
بحساب بسيط يحتاج جمال الموظف في مؤسسة كهرباء العاصمة إلى 50000 ليرة سورية فقط ثمناً لمستلزمات 3 أولاد، فما بالك إذا كان لديك طالب في الجامعة، هذا عدا عن أسعار اللباس المدرسي والرياضي..إلخ.
المونة.. كان زمان
بما أن تكلفة حبة المكدوس الواحدة بلغت 100 ليرة سورية فقد أحجم أغلب الناس عن التفكير بالمونة وهي زاد السوريين الذي اعتادوه لأيام الشتاء القاسية، وأم حسين التي كانت تمون 100 كيلو مكدوس في السنة قررت أن تمون 15 كيلو مع ضغط النفقات فقط لكي لا ينسى الأولاد طعمه كما تقول.
في السوق سعر كيلو الفليفلة وصل إلى 500 ليرة أما المفروم وهو ما كانت تعج به أسواق مثل ساروجة فقد بلغ 1500 ليرة.
أما أسعار باقي السلع فهي لا تسر وفي صعود عجيب لا يوقفه تراجع أو صعود الدولار، وتوقعات السوق تقول بأن سعر طبق البيض سيصل إلى 1500 ليرة في الأيام القادمة، وهذا الارتفاع عادة ما يسبق مناسبات الأعياد، وكذلك فقدان مواد أساسية بسبب جشع التجار واحتكارهم وهم في أغلبهم متحالفون مع النظام ولا يجرؤ أحد على حسابهم.
أما الأجبان والألبان والخضار فهي ليست خارج بازار الارتفاع، ومؤشر ارتفاعها يراها محمود ابن سوق البرامكة في سعر جرزة البقدونس كما يقول بأنها في موسمها بلغت 50 ليرة سورية.
وما يثير سخرية المواطنين هو جولة وزير التموين الأخيرة على الأسواق والأفران، واعتبروها حركة استعراضية مضحكة، وأوامره بإغلاق بعض المحال في سوق متوحشة ومخالفة.
ربما وصل الأمر بالكثيرين ممن يعيشون في مناطق سيطرة النظام ليحسدوا أهالي مدينة في الريف الدمشقي اسمها (دوما) فهي على الأقل تأكل مما تزرع، وبإمكانيات بسيطة، وتقاوم الحصار منذ أربع سنوات.
استغاثات هؤلاء لا تصل مسامع النظام وتجاره، ولكنهم يدفعون ثمناً باهظاً أكبر من الحياة الاقتصادية الصعبة، فهم مهددون بالاعتقال في أي لحظة، واقتياد أبنائهم إلى الجبهات، والأهم أنهم في رعاية نظام عصابات يقودهم إلى المجهول.
اقرا:
     الحرارة وفوضى الأعلاف ترفع سعر البيض والفروج بسورية



المصدر: مواسم الشراء القادمة.. ومناطق النظام تستغيث

انشر الموضوع