مايو 5, 2024

رزق العبي: كلنا شركاء
في الحديقة المواجهة لشاطئ البحر في مدينة مرسين، تجد السورية “أم سعيد” مقعداً لتفرد بعض السكاكر عليه، وتجلس إلى جانبه، ليأتي أطفال الحي المجاور ويشتروا منها اثناء تواجدهم مع أهلهم على الشاطئ.
تقول “أم سعيد” إنها تعتاش من هذه البسطة الصغيرة وتؤمن إيجار بيتها، وهي أم لطفلين، وزوجها مفقود في حلب منذ سنتين ونصف. شأنها شأن عشرات السوريات اللاتي وجدن أنفسهن أباً وأماً في آنٍ معناً مع ويلات النزوح والحرب.
لكنّ الأمر يبدو مختلفا قليلاً لدى الحاج “وليد”، الذي يعمل في بيته بمهنة تناسب سنّه الذي لا يمكّنه من العمل خارج البيت وهو ابن الستين عاماً.
يتحدّث “وليد” عن أوضاعٍ معيشيةٍ صعبة دفعه للبحث بشتى الوسائل للحصول على عمل، ويقول في حديث لـ (كلنا شركاء): “وصلنا إلى تركيا منذ ثلاث سنوات، وبعدما عملتُ لأشهر في مطعم مأكولات تركية، كعامل على المجلى، أصاب ظهري وجع شديد، وقال لي الطبيب أن هذا الوجع بسبب الوقوف لساعات طوال، ولكن الأمر في تركيا مختلف عن سوريا، فأقل دوام للعامل هو 12 ساعة، وهو مرهق للشباب فكيف لي وقد تجاوزت الستين”.
يتابع “وليد”: “بقيتُ لأشهر بلا عمل، وضاق الحال كثيراً، حتّى دلّني صديقي على سوق الدخان، وأخبرني أنهم يعطون أوزاناً من التبغ وعلينا تعبئتها في فلاتر لتباع في السوق، والآن صار لي سنة ونصف تقريباً أعمل بذلك، وفي المنزل، طبعاً هو دخان بلدي مسموح بيعه في السوق، يأتي صاحب الدخان ومعه التبغ، والفلاتر والآلة التي أعبئ بها الدخان، ويأتي كل أسبوع يأخذ الجاهز منها ويعطيني أجري، وأعتاش من ذلك”.
بالمقابل، تجلس “وداد” ساعات أمام كيس الجوز الذي يأتي به صاحب البزورية لها، وتقوم بتكسيره ووضعه في علب، يبيعه في دكانته، وتوضح وداد أن هذا العمل على الرغم من صعوبته، إلّا أنه ممتاز بالنسبة لها، فهي تساعد زوجها في تأمين مصروف البيت.
تقول “وداد”: “زوجي يعمل في إحدى ورشات الخياطة، وأنا أعمل في تكسير الجوز، متفقين أنا وزوجي هو يدفع إيجار البيت ومصاريف المطبخ، وأنا أدفع فواتير الكهرباء والماء والانترنت، ولا يتعارض هذا العمل مع شغلي في البيت، لأنه أساساً في منزلي، لقمة بعرق الجبين، فالمعيشة هنا تتطلب التعب والمصروف المحسوب على الليرة”.
وتجد الحاجة “أم محمود” من بسطتها شيئاً مهماً للناس، ويجب على الجميع الشراء منها، خصوصاً وأنها تبيع مواد، صحيح أنها موجودة في السوق، إلا أن غالبيتها مغشوشة بنسب كبيرة.
تقول “أم محمود” في حديث لـ (كلنا شركاء) في تركيا: “دبس الرمان عندي صافٍ مئة بالمئة، لا يوجد فيه سكّر على الإطلاق، عندي العلبة بـ 16 ليرة تركية، وفي المراكز الكبيرة سعرها 3 ليرات، لكن مغشوشة، لذلك يفضّلها الزبائن كثيراً، إضافة لكوني أبيع التين وبعض الأعشاب الضرورية للناس، وأنا على كبر سنّي، أتحدّث مع الزبائن، وأقنعهم بالشراء قدر الإمكان، لأعيش في تركيا، وأؤمن مصروف بيتي”.
اقرأ:
العامل السوري يسجّل حضوره في أغلب المحال التركية



المصدر: مهن صغيرة في تركيا… سوريون يتحدّون فقر الحال ويعملون

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك