مايو 21, 2024

منير الربيع: المدن
المشكلة الأكبر من تأليف الحكومة، والتي ستكون محطة أساسية ومفصلية في العهد الجديد هي المرحلة التي ستلي التأليف. لا يمكن التعويل على الخلافات الحالية باعتبارها خلافات سياسية واستراتيجية بين القوى على اختلافها. ولا يبدو مجدياً التعويل على استدارة سياسية واستراتيجية في توجهات رئيس الجمهورية، بناء على ما يجري من خلاف حول توزيع الحصص، فما يحصل أمر طبيعي في لبنان، وهو يجري داخل الحزب الواحد حتى. لذلك، فإن المشكلة الأساسية المؤجلة هي للبيان الوزاري أولاً، وللنهج السياسي الذي ستتخذه الحكومة في التعاطي مع ملفات أساسية، وإذا ما كان الثلث المعطّل المبطن، سيجرّها إلى خندق يعاكس ما يريده رئيسها.
أولى الإشكاليات التي ستواجه البيان الوزاري الجديد هي مسألة النأي بالنفس، وإذا ما كان تيار المستقبل يشدد على وجوب التمسك بهذه العبارة، فإن حزب الله لا يحبذها ولم يعد مستعداً لإدخالها البيان الجديد، أولاً إنسجاماً مع المتغيرات في سوريا، والإنطلاق من مراكمة “الإنتصارات”؛ وثانياً لأن الحزب يعتبر أنه لا يمكن إبعاد لبنان عما يجري هناك لجهة المضمون السياسي، لأن سوريا ستشكل وجه المنطقة الجديد، ولبنان جزء من هذه المنطقة. ويذهب الحزب أبعد من ذلك، إذ يدعو إلى وجوب تحسين العلاقة مع سوريا في المرحلة المقبلة. وهذا ما يؤكده النائب محمد رعد، الذي يدعو إلى تفعيل العلاقات مع سوريا في كل الاتجاهات وعلى كل المستويات. ما يعني شمول الرئاسة الأولى والثالثة.
ولا يمكن فصل هذا الكلام عن أسئلة سورية ولبنانية في خصوص ما سيقدمه الرئيس ميشال عون لسوريا في المرحلة المقبلة، وأوله بالنسبة إلى حزب الله، هو الإنطلاق من خطاب القسم بضرورة حماية الإستقرار واعتماد الأمن الوقائي الإستباقي لمحاربة الإرهاب،. وهذا ما يعتبر غطاء رئاسياً لقتال الحزب في سوريا. ويعتبر الحزب أن على الحكومة التعاطي بواقعية وبلا استكبار مع الوقائع الميدانيّة، إنطلاقاً من أن حماية لبنان مرتبطة بشكل أساسي بالتنسيق مع النظام السوري.
وقد يشكل هذا البند أول الأفخاخ للعهد الجديد، لتضاف إليه أسئلة سورية أخرى، تتعلّق بكيفية التعاطي مع ملف اللاجئين. وهنا كان البارز حجم مطالبة الأطراف اللبنانية القريبة من النظام، كحزبي البعث والقومي، بالحصول على وزارة الشؤون الاجتماعية للتعاطي عن كثب بموضوع اللاجئين. وعلى الصعيد الأمني، فإن أسئلة عديدة تطرح عما ستؤول إليه الأمور، بالنسبة إلى المخيمات والوضع على الحدود، وإذا ما كان العهد الجديد، سيطلب من الجيش، ما طالبت به أطراف عدة سابقاً، وهو وجوب تفعيل التنسيق مع الجيش السوري لمواجهة الإرهاب، وخصوصاً في أعقاب حادثة عرسال في آب 2014، فيما هناك من يذهب إلى حدّ المطالبة بضرورة دخول الجيش جرود عرسال، ووضعه في حالة مواجهة مباشرة مستمرة مع التنظيمات المسلحة.
بالنسبة إلى قوى 8 آذار، فإن الوجهة السياسية للعهد وخصوصاً بعد معركة حلب، يجب أن تصبّ على التطبيع مع النظام السوري. وهذا الهدف يعتبر إستراتيجياً بالنسبة إلى حزب الله في العلاقة مع عون، وهو يتخطى بأشواط مسائل الخلافات على الحصص بين مكونات 8 آذار. لذلك، تعتبر المصادر المتابعة أن لا بوادر لخلاف إستراتيجي بين الحزب وعون في المدى المنظور. وهذا ما تؤكده إتصالات عديدة جرت بين بعبدا وحارة حريك، لتأكيد التحالف الإستراتيجي واستمراره. ويعتبر الحزب أن تفاهم مار مخايل بينه وبين التيار الوطني الحر لم ينته، بل ثمة حاجة إليه الآن، وثمة ضرورة لتعميمه على المنطقة بأسرها، في مواجهة الحرب التي تشن عليها.
وأكثر من ذلك، هناك من يتحدث عن زيارة مرتقبة لأحد ممثلي عون أو قياديين من التيار إلى دمشق، وذلك لتأكيد أن عون مازال على ثوابته بضرورة العلاقة الجيدة مع سوريا، وبوجوب محاربة الإرهاب. ويأتي هذا الكلام، بعد ما أكد الوزير جبران باسيل خلال لقائه الوزير التركي بوجوب إيجاد حلّ سياسي للازمة السورية، والعمل لإعادة اللاجئين إلى مناطقهم داخل سوريا. والأهم، هو اعتبار أن الأسد هو من يحمي مكونات الشعب السوري، وخصوصاً المسيحيين الذين يجدون في الدولة السورية ومؤسساتها حضنهم الآمن، إلى جانب التنسيق بين لبنان وتركيا لمواجهة التنظيمات الإرهابية.
اقرا:
منير الربيع: حزب الله في حلب.. الطعام مقابل وقف القتال



المصدر: منير الربيع: المتغيرات السورية تحسم.. عون مع بشار الأسد وحزب الله

انشر الموضوع