أبريل 18, 2024

رغم أن أكثر ما تشتهر به روما القديمة هو المدرج الضخم أو “الكولوسيوم” ومصارعة الرجال حتى الموت والحمامات العامة، فإن هناك ابتكارات رومانية قديمة بارزة تُثبت إلى أي مدى كانت هذه الحضارة مهمة بالنسبة الثقافة والفكر والتاريخ الإنساني.

من المساكن المُكيّفة وعمّال البريد إلى المجلدات واللحم المقدد، نستعرض في هذا المقال 10 ابتكارات رومانية بارزة قد لا تعرف عنها شيئاً، حسب ما عددها موقع The Collector البريطاني.

ابتكارات رومانية قديمة

بدايةً من تأسيس الجمهورية إلى الإمبراطورية، كان للرومان تأثير هائل على الثقافة الغربية الحديثة، رغم بروز سلسلة من الأباطرة سيئي السمعة الذين لا تزال أسماؤهم باقية في ذاكرة المجتمع المعاصر.

10- الكتب (المجلدات)

كانت اللفافات، التي طُوّرت لأول مرة في مصر القديمة، تُستخدم لعدة قرون باعتبارها وسيلة رئيسية لحفظ الوثائق المكتوبة. كان يسهل تخزينها ونقلها ويمكن صنعها من مجموعة متنوعة من المواد، بدايةً من جلود الحيوانات إلى ورق البردي.

لكن في مرحلة ما خلال القرن الأول الميلادي، أُضيف الكتاب المُجلد إلى قائمة الاختراعات الرومانية. وعكس اللفافات، استخدمت المجلدات الرومانية كلا جانبي مادة الكتابة، وسمحت للقارئ بمراجعة أجزاء مختلفة من النص بسهولة من دون عمليات لف وطي لا نهاية لها.

9- المباني السكنية متعددة الطوابق

مع سطوع نجم مدينة روما، اقترن التوسع الحضري السريع بزيادة في عدد سكانها إلى حد كان يتطلب توفير عدد كبير من المساكن الجديدة لاستيعابها. بدلاً من الاتجاه نحو الخارج وتوسيع حدود المدينة، امتدت أعين المهندسين المعماريين ومتخصصي البناء إلى السماء، وقرّروا تشييد مبانٍ سكنية متعددة الطوابق عُرفت باسم “insulae”. 

عاش غالبية سكان المدينة في شقق بتلك المباني السكنية، وكان الأثرياء والنخبة فقط هم القادرين على شراء بيوت خاصة عُرفت باسم “domus”. 

على الرغم من أنَّ الإمبراطور الروماني، أغسطس، قد وضع لوائح لضمان سلامة تلك المجمعات السكنية، لم تكن في كثير من الأحيان آمنة بالقدرٍ الكافي، حيث كان ارتفاع بعضها يصل إلى 9 طوابق، وغالباً ما كانت تُصنع من مواد قابلة للاشتعال، تحديداً الخشب. 

8- الجريدة

ابتكارات رومانية قديمة
أول لوح للإشعارات العامة اليومية/ National Geographic France

استطاع سكان روما القديمة تحديث معلوماتهم باستمرار حول الشؤون الجارية، إذ كانوا ينقشون الإشعارات العامة اليومية (The Acta Diurna) على ألواح كبيرة من الحجر أو المعدن وتُعرض في مكانٍ عام (مثل المنتدى الروماني) لمن يستطيع قراءتها، ليصبح هذا التقليد أحد أكثر الابتكارات الرومانية المفيدة للناس.

أُنشئ أول لوح للإشعارات العامة اليومية في عام 59 قبل الميلاد، بناءً على أوامر الإمبراطور يوليوس قيصر. 

وإضافة إلى عرض الإشعارات المهمة للمهرجانات الدينية ونتائج المحاكمات القانونية، كانت هذه الطريقة تُستخدم لإبلاغ الرومان بالاحتفالات الترفيهية المقبلة وحتى القراءات الفلكية.

7- خدمة البريد

اشتهر الرومان بتأسيس سلسلة واسعة من الطرق المعقدة عبر إمبراطوريتهم، وهو ما سهَّل الاتصالات والسفر عبر ثلاث قارات وسمح للتجارة بالتوسع والازدهار، والأهم من ذلك، ساعد في تمكين الإمبراطور من السيطرة على أراضيه الشاسعة بإدارة فعَّالة. 

وإضافة إلى التفويضات والأوامر الرسمية، امتلك الرومان نظاماً يتيح إرسال الرسائل الخاصة والطرود عبر العديد من الطرق التي تؤدي إلى روما (والبعيدة عنها أيضاً).

في الواقع، كان هذا النظام (المعروف باسم the Cursus Publicus) عبارة عن خدمة بريد سريع تنظمها الدولة أنشأها الإمبراطور أغسطس، والتي كانت بمثابة أول خدمة بريدية على الإطلاق. 

6- حشوات الأسنان

ابتكارات رومانية قديمة
أسنان بها حشوة من القرن الأول ما قبل الميلاد/ Forbes

بينما توجد سجلات عن معالجة الأسنان تعود إلى عام 2600 قبل الميلاد، فإنَّ أقدم دليل مادي لإصلاح تسوس الأسنان يأتي من روما القديمة. 

جمع كاتب روماني يُدعى سيلسوس، موجزاً وافياً عن طب الفم في عام 100 قبل الميلاد. 

تضمن هذا الموجز إرشادات حول كيفية علاج خلخلة وآلام الأسنان وطرق تسكين الآم مرحلة التسنين عند الأطفال.

5- نفخ الزجاج والنقش البارز

كان الزجاج موجوداً ومتداولاً حول منطقة حوض البحر المتوسط ​​لعدة قرون قبل وصول الرومان إلى السلطة، حيث نشأ في بلاد ما بين النهرين ومصر. 

ومع ذلك، كانت المعرفة التقنية والفضول الفني للرومان السبب الذي منح حياة جديدة لفن صناعة الزجاج باستخدام تقنيات وأساليب جديدة. 

على سبيل المثال، مورست عملية نفخ الزجاج، التي تتضمن تضخيم الزجاج المصهور ليصبح على شكل فقاعة باستخدام أنبوب طويل مجوّف يطلق عليه “أنبوب النفخ”، لأول مرة في القرن الأول قبل الميلاد. 

4- لحم الخنزير المقدد

على الرغم من أنَّ أول دليل على لحم الخنزير المقدد المعالَج بالملح يأتي من الصين خلال الألفية الثانية قبل الميلاد، فإنَّ الرومان هم مَن أدخلوا لحم الخنزير المقدد في حياة الأوروبيين. 

بعد التعرُّف على عمليات معالجة جديدة للحوم أثناء غزواتهم العسكرية في الشرق، أدخل الرومان تحسينات على العملية الخاصة بهم، وأصبح إنتاج لحم الخنزير المقدد أحد الابتكارات الرومانية التي طوّروها بفضل جهودهم العسكرية.

كانت الزيادة السكانية تعني الحاجة إلى توفير طعام لمزيد من الأفواه الجائعة، وساعدت عملية تمليح لحم الخنزير ومعالجته وتدخينه في الحفاظ على اللحم من التلف حتى في المناخ الدافئ لمنطقة البحر المتوسط.

3- الهالووين 

توضح العديد من الممارسات، بدايةً من مباريات المصارعة إلى أساطيرهم حول العالم السفلي، أنَّ الموت لم يكن شيئاً يحاولون تجاهله. 

احتفل الرومان، كما في العديد من الثقافات، بمهرجان “فيراليا” لتكريم أسلافهم الموتى قرب نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول من كل عام.

مع امتداد نفوذهم، دمج الرومان بين تقاليدهم وتقاليد الشعوب التي غزوها. حدث ذلك عندما غزا الرومان الأراضي الكلتية في شمال أوروبا وبريطانيا تحت قيادة يوليوس قيصر.

عقد الكلتيون أيضاً احتفالاً سنوياً لتكريم الموتى يُعرف باسم مهرجان “سامهاين”، حيث كانوا يشعلون النيران في الهواء الطلق ويرتدون أزياء تنكرية وينظّمون مسيرات كبيرة. 

عندما جمع الرومان بين احتفال “فيراليا” وتقاليد مهرجان “سامهاين”، أصبحت مراسم هذا الاحتفال المُدمج الدعامة الأساسية للثقافة الكلتية الرومانية. 

كان هذا الإرث قوياً لدرجة أنَّ الكنيسة نقلت احتفالها السنوي بالقديسين والشهداء الموتى (عيد جميع القديسين) إلى 1 نوفمبر/تشرين الثاني؛ حتى لا يتعارض مع المهرجان الوثني. 

أصبحت احتفالات فيراليا-سامهاين تُعرف باسم “عشية عيد جميع القديسين” (Hallows Eve)، والتي أصبحت فيما بعد “عيد الهالووين” (Halloween).

2- استحقاقات الرعاية الاجتماعية

بينما كانت روما مدينة غنية بالثروات الثقافية والمادية، كانت أيضاً مليئة بالفقر، يعيش العديد من سكانها في مساكن فقيرة على قدرٍ ضئيل من الطعام والمال. 

شكّل هذا الوضع مصدراً للقلق ليس فقط للجماهير التي تعاني من أوجه القصور الاجتماعية ولكن أيضاً للنخبة، التي كان شاغلها الرئيسي منع اندلاع انتفاضات شعبية أو اضطرابات مدنية. 

لهذا السبب، استحدثت السلطة الرومانية مجموعة من التدابير المبتكرة لمحاولة تحسين حياة سكان المدينة الأكثر فقراً. 

في القرن الـ2 قبل الميلاد، نفَّذ الأخوان غراتشي برنامجاً لجمع نسبة من واردات الدولة من الحبوب وبيعها بسعر مدعوم لأي مواطن يرغب في الاصطفاف أمام مخازن الحبوب العامة، إضافة إلى توفير المياه النظيفة نسبياً اولتي تُضخ إلى نافورات المدينة عبر عدد من القنوات المائية الضخمة. 

كما اتَّخذت الحكومات الرومانية المختلفة أيضاً تدابير لتحسين الصحة العامة، من بينها فتح مستشفيات جديدة وتوفير خيارات الاستحمام في الحمّامات العامة بأسعار زهيدة، وحتى عقد احتفالات وتوفير ألعاب ترفيهية على نفقة الدولة لإسعاد الجمهور. 

أنشأ الإمبراطور أغسطس أيضاً نظاماً فعَّالاً للمعاشات التقاعدية لجنوده؛ حتى يضمن المحاربون القدامى نفقات إعالة أنفسهم بعد التقاعد. 

جعلت الاستحقاقات التي اكتسبها المواطنون الرومانيون من الدولة حياتهم اليومية أفضل؛ بل حتى ممتعة عندما كانت السلطة الرومانية تتبنى سياسة “الخبز والسيرك” –وهي سياسة إلهاء تُنفذها الحكومة من خلال توفير الطعام (الخبز) ووسائل الترفيه (السيرك) لشعبها؛ حتى ينشغل عن الشؤون العامة. 

1- تكييف الهواء

بينما اختار المصريون القدماء معالجة ارتفاع درجة حرارة الجو من خلال تعليق مادة مبللة على إطارات أبوابهم، ابتكر الرومان شكلاً أكثر تطوراً لأجهزة تكييف الهواء.

لم تكن قنوات المياه الشهيرة التي بناها الرومان في جميع أنحاء إمبراطوريتهم تُستخدم لإمدادات مياه الشرب فحسب، بل أيضاً لتبريد منازل النخبة من خلال تحويل المياه من المصدر الرئيسي، لتمر عبر أنابيب داخل الجدران والأرضيات لتقليل درجة الحرارة القاسية. 

أما بالنسبة لأولئك الذين لا يستطيعون تحمّل تكلفة مثل هذه الشبكة الطويلة، كان هناك دائماً مسبح مياه باردة ” فريغيداريوم” في الحمّامات الاستشفائية العامة لتهدئة درجة الحرارة.

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك