أبريل 20, 2024

ربما بدافع الحرج، نفى متحدث باسم الحكومة السودانية أن يكون وزير الري والموارد المائية ياسر عباس قد ورد على لسانه ما يفيد بوقوع تقارب مصري إثيوبي بمعزل عن السودان في مفاوضات سدّ النهضة، لكن معلومات مؤكدة ذكرت أن الوزير طرح في اجتماع خاص الكثير من المخاوف.

وزير الري السوداني -ووفقا لمصدر موثوق داخل الوزارة المطلة على النيل الأزرق بالخرطوم- تحدث في لقاء خاص عما لحظه وفد بلاده المفاوض في قضية سد النهضة، من تقارب مصري إثيوبي خلال الأسابيع الأخيرة.

بل إن الوزير مضى قائلا إن السد الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق على بعد نحو 20 كيلومترا من حدود السودان، سيكون وبالا على 20 مليون سوداني من القاطنين على ضفاف النيل حال لم يتم التوصل لاتفاق ملزم ينظم ملء وتشغيل السد.

ولطالما عدد السودان فوائد جمة من سد النهضة، لكنه في يوليو/تموز الفائت تجرع نتائج انفراد إثيوبيا ببدء الملء الأولي للسد، مما أخرج محطات مياه الشرب النيلية عن الخدمة بسبب انحسار مفاجئ للنيل، كما يقول مسؤولون سودانيون.

مفاوضات سد النهضة اصطدمت بنقاط فنية وقانونية تتعلق بملء السد وتشغيله (الأناضول)

مناورة إثيوبية

وطبقا للوكيل الأول بوزارة الثقافة والإعلام الرشيد سعيد يعقوب، فإن ضررا مباشرا لحق بالمحطات النيلية ما كان ليحدث في ظل وجود تنسيق بين البلدين، أو اعتماد إثيوبيا الملء المتدرج خلال شهور الفيضان الثلاثة.

وينفي يعقوب أن يكون وزير الري قد صرّح بحدوث تقارب إثيوبي مصري على حساب السودان، لكنه في ذات الوقت يشير إلى أن السودان أقرب إلى مصر في الجوانب القانونية في التفاوض، وأقرب إلى إثيوبيا في الجوانب الفنية.

وأنجزت المفاوضات بين الدول الثلاث اتفاقا حول سد النهضة بنسبة 95%، وتبقت 5 نقاط فنية تتعلق بالملء والتشغيل، و3 نقاط قانونية ما زالت عالقة.

وطبقا للمصدر الذي تحدث للجزيرة نت، فإن إثيوبيا من المرجّح أنها تناور بتقاربها مع الجانب المصري في مفاوضات سد النهضة، بعد أن أبدى السودان تعنتا على غير عادته في المفاوضات.

وأشار المصدر إلى أن السودان رفض في مايو/أيار الماضي مقترحا إثيوبيا بتوقيع اتفاق جزئي خاص بالملء الأول للسد ومناقشة الاتفاق حول التشغيل لاحقا، كما رفض الشهر الماضي تصرف أديس أبابا المنفرد ببدء ملء السد دون اتفاق، فضلا عن إبداء مخاوف لأول مرة تتعلق بسلامة سد الروصيرص الذي تبعد بحيرته حوالي 100 كيلومتر من سد النهضة.

حواشي الخطر

ويوضح رئيس اللجنة الفنية للتفاوض بشأن سد النهضة صالح حمد -رئيس الجهاز الفني للموارد المائية بوزارة الري السودانية- أن ثمة خطورة على سد الروصيرص لأن تشغيل سد النهضة من دون إطلاع السودان على التصرفات اليومية للمياه، يمكن أن يلحق الضرر بتوربينات سد الروصيرص عندما تكون بحيرته ممتلئة.

ويقول حمد للجزيرة نت إنه تم ضمان سلامة سد الروصيرص في الناحية الإنشائية لسد النهضة، لكن لا بد من ضمان سلامة السد السوداني بتوقيع اتفاق ملزم متعلق بتشغيل السد الإثيوبي، بما في ذلك حق الاطلاع على التغير اليومي لتصرفات المياه.

وأنشئ سد الروصيرص عام 1966 على بعد 550 كيلومترا جنوب الخرطوم لأغراض الري وتوليد الكهرباء، كما يساعد خزان سنار العتيق الواقع شماله في تخزين المياه لري مشروع الجزيرة الزراعي بمساحة 2.2 مليون فدان.

ويتحاشى رئيس اللجنة الفنية للتفاوض حول سد النهضة التعليق على ما إذا كان هناك تقارب مصري إثيوبي خلال المفاوضات، بيد أنه يقول إن حدوث التقارب والتباعد هنا وهناك يعني صحة موقف السودان القائم فقط على حفظ مصالحه.

طلب تكتيكي

ويضيف حمد أن السودان سبق أن رفض مقترح إثيوبيا باتفاق جزئي لأنه يضرّ بسد الروصيرص، كما رفض اليومين الماضيين إقحامها إعادة تقسيم المياه في الأجندة لتغيير مسار التفاوض، مما دعا المفاوض السوداني لطلب مهلة كخيار تكتيكي.

وطلب الوفد السوداني في بداية استئناف التفاوض حول ملء وتشغيل سد النهضة بدعوة من الاتحاد الأفريقي الاثنين الماضي، تأجيل المفاوضات أسبوعا.

ويؤكد حمد أن إثيوبيا بدأت خلال يوليو/تموز الماضي الحديث بشكل غير مباشر عن إعادة تقسيم مياه النيل، قائلا إنها لا تريد التوقيع على اتفاق ملزم لأنه يحرمها من إنشاء مشروعات أخرى على النيل، رغم أن السودان قدم مقترحات في هذا الصدد نالت رضا المراقبين.

وطبقا لاتفاقية موقعة سنة 1959، تحصل مصر سنويا على 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل، بينما يحصل السودان على 18.5 مليار متر مكعب.

اتفاق ملزم

ويذكر مصدر وزارة الري أن الإثيوبيين طرحوا في التفاوض إعادة تقسيم المياه بدلا عن التفاوض الفني المحكوم بأجندة اتفاق المبادئ الموقع بين الدول الثلاث عام 2015، مما يعني دخول 10 دول على خط تقسيم المياه.

ويقول المصدر إن الوزير في “لقائه الخاص” أفاد بأن السودان يريد اتفاقا ملزما ينص على تبادل بيانات ملء وتشغيل سد النهضة على مدار اليوم والساعة، لضمان سلامة سد الروصيرص وخزان سنار، وحتى لا تتحكم إثيوبيا منفردة بمياه النهر.

كما يريد السودان -وفقا للمصدر- الاحتكام لخبراء دوليين حال حدوث خلاف مستقبلا، بينما تصر أديس أبابا على مرجعية فريق الخبراء من الدول الثلاث، مع اللجوء للجنة الوزارية أو الرئاسية لحسم أي خلافات.

وبدأت إثيوبيا بناء سد النهضة عام 2011 بسعة تخزينية تصل إلى 74 مليار متر مكعب، لتوليد 6 آلاف ميغاواط من الكهرباء.

مزيد من الأخبار http://www.qamishly.com

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك