أبريل 18, 2024

وسط مظاهرات شعبية ببيروت بعد 5 أيام من انفجار المرفأ؛ جاءت استقالة رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب لتطرح أسئلة بشأن أسبابها ومآلات الأوضاع بعدها، خاصة أنها جاءت بعد دعوته لانتخابات مبكرة، وبعد ساعات من قرار الحكومة إحالة ملف الانفجار إلى أعلى مجلس قضائي في البلاد ينظر في جرائم أمن الدولة.

ومن وجهة نظر الكاتب والمحلل السياسي توفيق شومان (المقرب من حزب الله)، فإن استقالة حكومة دياب “لم تأت نتيجة ضغط الشارع، وإنما نتيجة رفع الغطاء السياسي عنه من قبل الثلاثي: حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحرّ، الراعي الرسمي للحكومة المستقيلة”.

يقول شومان للجزيرة نت “إنها عملية إقالة وليست استقالة، بعد أن رفع حزب الله وحليفاه الغطاء السياسي عن دياب لنكوصه عن الاتفاق الذي عقده مع حلفائه، وذلك عبر دعوته لانتخابات نيابية مبكرة، وهو ما أدى إلى توالي استقالات وزراء حكومته التابعين لكل من حركة أمل والتيار الوطني الحر”.

وأضاف “حاول دياب أن يستعرض بتبني مطلب المحتجين، ولاقاهم بمنتصف الطريق عبر المطالبة بانتخابات نيابية مبكرة، وهو طرح يقتضي توافقا وطنيا، وقد خرق به الاتفاق مع حلفائه الذين جاؤوا به رئيسًا للحكومة، مما أدى إلى نقض الاتفاق معه، ولم يكن لديه خيار سوى تقديم استقالته”.

المهمة المستحيلة
ومهما كانت الأسباب التي أدت إلى استقالة حكومة دياب، فإن الظرف الذي جاءت فيه الاستقالة بعد انفجار بيروت وارتفاع منسوب الضغط الشعبي والاقتصادي والسياسي والخارجي، وبانتظار صدور حكم المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 18 أغسطس/آب المقبل؛ يدفع للسؤال عن البديل الذي سيأخذ على عاتقه تولي هذه المهمة “المستحيلة” في لبنان.

أو هل ستدخل البلاد مرحلة من الفراغ الطويل مع حكومة تصريف الأعمال، رغم الطرح الفرنسي الذي حمله الرئيس إيمانويل ماكرون في زيارته إلى بيروت، بالدعوة لحكومة وحدة وطنية؟

ويعتبر النائب اللبناني السابق فارس سعيد (وهو أحد أبرز وجوه قوى 14 آذار المناهضة لحزب الله) أن الحدث الأبرز اليوم في لبنان هو انفجار بيروت، “الذي فرض على الجميع -وعلى رأسهم حزب الله- تبديل الأسلوب الداخلي”.

يقول سعيد للجزيرة نت “قدّم حزب الله في الداخل تنازلًا بالتخلي عن حكومة دياب، وقد يضطر للقبول بحكومة انتقالية حيادية، وهو يستعد لتقديم تنازلات خارجية، تتجلى معالمها في المرحلة المقبلة على مستوى ترسيم الحدود مع إسرائيل”.

ويرى أن الأولية حاليًا هي في تشكيل حكومة سريعًا قبل تاريخ الزيارة الثانية لماكرون إلى لبنان في 1 سبتمبر/أيلول المقبل، لكن “ثمّة صعوبة كبيرة في إيجاد من يتحمل هذه المسؤولية، أو التوافق حوله”. أمّا إذا توافقت الحسابات الدولية والإقليمية “فقد يأتي سعد الحريري رئيسًا للحكومة”.

ضغوط خارجية
الأولية في تشكيل أيّ حكومة مقبلة -وفق سعيد- ترتكز على ضرورة المطالبة بفتح تحقيق دولي حول انفجار بيروت، “لأن أي تحقيق آخر داخلي مشكوك في شفافيته، وهو ما سيكون موضع خلاف بين القوى السياسية، مما يعني أن الحكومة المقبلة في حالة تشكيلها ستكون بالكاد قادرة على مكافحة وباء كورونا”.

على مستوى حكم المحكمة الدولية بشأن اغتيال الحريري، يعتبر سعيد أنها “ستعرّي حزب الله، وستكون لها تداعيات كبرى على المجريات السياسية في البلاد، في وقت يعيش فيه حزب الله ضغط التجاوب الإيراني مع المطالب الأميركية”.

إذن، هل يعيش لبنان مرحلة ضغط التداخلات الخارجية لنزع تنازلات إضافية من حزب الله قبل تشكيل حكومة جديدة؟ يجيب توفيق شومان بأن “أي تسوية تحتاج لتنازلات متبادلة بين أطرافها، وفرنسا اعترفت بحزب الله بدعوة ممثله النائب محمد رعد لحضور الاجتماع مع ماكرون، مما لاقى ترحابا أوليا بناءً على اعترافها بدوره”. لكن “لا يزال من المبكر الحديث عن طبيعة هذه التنازلات، لأن ملامح التسوية ليست واضحة بعد، ولا يمكن اعتبار أن حزب الله قدم أي تنازل للمجتمع الدولي”، حسب شومان.

هل يعود الحريري؟
لا يتوافق الكاتب والمحلل السياسي جوني منير مع من يرى عودة سعد الحريري، ويعتبر “أن حزب الله قدم تنازلًا كبيرًا للمجتمع الدولي في ملف ترسيم الحدود البحرية الأسبوع الماضي”، وكان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (وهو حليف حزب الله) صرح بأن “المحادثات مع الأميركيين في ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل أصبحت في خواتيمها”. وما آلت إليه هذه المحادثات من المنتظر أن تتضح بالزيارة المرتقبة لوكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل هذا الأسبوع إلى لبنان.

يقول منير للجزيرة نت “ما قاله بري يعني بوضوح تقديم تنازل للأميركيين في هذا الشأن، وهيل يأتي إلى لبنان بمهمة لمعاينة ملف ترسيم الحدود البحرية، وهو سيمر إلى باريس قبل لبنان، مما يعني أنه سيبحث أيضًا ملف تشكيل الحكومة، وقد لا يمانع تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم حزب الله بعد أن يتقاضى ثمن ترسيم الحدود البحرية، لكن مجريات الأمور في البلاد، تؤكد أنه لا حكومة في القريب العاجل”.

والمشكلة -وفق منير- أن “حزب الله يرغب في عودة سعد الحريري، في حين لا يقبل رئيس الجمهورية ميشال عون عودة الحريري إلا إذا كانت غير مشروطة، مما يعني أن الأزمة بين الحلفاء أنفسهم”.

مزيد من الأخبار http://www.qamishly.com

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك