مايو 15, 2024

تشرين – خليل اقطيني:

يستطيع سكان الحسكة الاطمئنان إلى أنه سيكون لديهم بعد فترة وجيزة مشفى حكومي جديد في وسط المدينة، يقدم لهم الخدمات الطبية بشقّيها العلاجي والوقائي مجاناً. بعد سنوات من حرمانهم من خدمات المشفى الوطني، نتيجة لخروجه من الخدمة، واكتوائهم بنيران المشافي والعيادات الخاصة.

فأعمال ترميم وإعادة تأهيل المركز الطبي في مدينة الحسكة ليصبح مشفى انطلقت عملياً على أرض الواقع، بعد الانتهاء من الإجراءات الإدارية والقانونية والفنية.

مدير الصحة الدكتور عيسى خلف أوضح لـ”تشرين” أن أعمال الترميم وإعادة التأهيل التي انطلقت في بناء المركز الطبي، تهدف إلى تحويل الطابقين اللذين استلمتهما المديرية من نقابة المعلمين، لكون البناء الذي يشغله المركز يعود لها، إلى قسم جراحة يضم غرف عمليات وعناية مشددة، إضافة إلى تجهيز موقع لمحطة توليد أوكسجين، ومصعد خاص بالمرضى، وأقسام أخرى. لتضاف هذه الخدمات التي تقدم مجاناً للمواطنين، إلى الخدمات المقدمة سابقاً في المركز الطبي، من خلال الأقسام التي يضمّها، وهي الإسعاف والداخلية والأطفال والحواضن والأشعة والتحليل المخبري، إلى جانب عيادات اللايشمانيا والتلاسيميا واللقاح.

وبيّن أن مديرية الصحة تستطيع الآن وبكل ثقة، مع انطلاق أعمال ترميم وإعادة تأهيل المركز الطبي، أن تؤكد لسكان الحسكة وضواحيها والريف الجنوبي من المحافظة أنه لن يمضي وقتٌ طويل حتى نرى المركز الطبي في مدينة الحسكة وقد صار مشفى مجهزاً بأحدث المعدات والأجهزة الطبية. وذلك لأن المديرية عقدت العزم على تنفيذ أعمال الترميم وإعادة التأهيل وإنجازها بأسرع وقت ممكن، مع عدم إغفال الجودة في التنفيذ، أي من دون أن تكون السرعة بالعمل والإنجاز على حساب النوعية.

وأوضح خلف أن هناك العديد من الأعمال سيتم تنفيذها، بالتوازي مع أعمال الترميم وإعادة التأهيل كسباً للوقت. من ذلك تأمين بعض المعدات والتجهيزات الطبية والمكتبية والكهربائية. مع الأخذ بالحسبان رغبة المنظمات الدولية العاملة في المجال الإغاثي في المحافظة، التي أبدت استعدادها لدعم المشفى الجديد بالعديد من المعدّات والتجهيزات الطبية اللازمة، هذه الرغبة التي تتمثّل بالإسراع في تجهيز المواقع اللازمة لبعض الأجهزة الطبية التي تحتاج إلى مواقع بمواصفات خاصة وقياسات محددة من الناحية الفنية بالشكل الصحيح والمطلوب، لكي تتمكن تلك المنظمات من تأمين الأجهزة وتركيبها في المواقع المخصصة لها. وقد تم لحظ هذا الأمر في المخططات والدراسات الهندسية التي تم إجراؤها.

مضيفاً : إن أهمية تحويل المركز الطبي في مدينة الحسكة إلى مشفى تكمن في أن هذا المشفى سيُقدّم الخدمات الطبية لما يزيد على مليون إنسان، يقطنون في مدينة الحسكة وضواحيها والريف الجنوبي من المحافظة، وصولاً إلى الريف الشمالي لمحافظة دير الزور. هؤلاء السكان الذين حرمهم الاحتلال والإرهاب من أي مؤسسات صحية. إذ قام الاحتلال الأميركي بتدمير 44 مركزاً صحياً في الأرياف – من أصل 100 مركز – إما تدميراً كاملاً أو جزئياً وبلا أي مبرر. كما تم الاستيلاء على مقر مشفى الشدّادي “جنوب الحسكة”، الذي كانت وزارة الصحة على وشك تجهيزه ووضعه بخدمة سكان المنطقة الجنوبية. وكذلك خرج المشفى الوطني ومشفى الأطفال في مدينة الحسكة عن الخدمة.

أما الاحتلال التركي ومرتزقته فاستولوا على مشفى رأس العين، شمال غرب الحسكة ، ويشير خلف إلى أن هذا المشفى الذي تم استكمال بنائه وتجهيزه بتوجيه من السيد الرئيس بشار الأسد أثناء زيارته الأولى لمحافظة الحسكة في آب من عام 2002، ليصبح من أحدث المؤسسات الصحية في العالم، إلى جانب الهيئة العامة لمشفى القامشلي ومشفى المالكية، الذي خرج هو الآخر عن الخدمة، لتبقى الهيئة العامة لمشفى القامشلي المؤسسة الصحية العامة الوحيدة التي تُخدّم جميع سكان محافظة الحسكة، وأجزاء من محافظات دير الزور والرقة وحلب، الذين يزيد عددهم على 3 ملايين مواطن.

وأكد خلف أن خروج المؤسسات الصحية في المحافظة عن الخدمة بسبب الاحتلال والإرهاب، أدى إلى تراجع الخدمات الطبية التي تُقدّم للسكان إلى أدنى مستوياتها. فكان لابدّ من التحرك الجدي لرفع مستوى الخدمات الصحية في المحافظة، وكانت الخطوة الأولى بتحويل مبنى “اللؤلؤة” في مدينة الحسكة ،العائد لنقابة المعلمين، إلى مركزٍ طبي، بمبادرةٍ من محافظ الحسكة الأسبق جايز الموسى، في منتصف أيلول 2017.

لافتاً إلى أن هذا المركز الطبي، ونظراً لحاجة السكان الماسة للخدمات الصحية من جهة، وارتفاع أسعار هذه الخدمات لدى القطاع الخاص من جهة ثانية، أبلى بلاءً حسناً، وكان يؤدي خدمات توازي ما تقدمه المشافي. ورغم ذلك كان طموح الجهات المسؤولة في المحافظة أكبر من ذلك، تلبية لاحتياجات السكان المحقة، برغم وجود الاحتلال والإرهاب.

وكانت أولى الخطوات العملية في هذا الاتجاه في أواخر العام الماضي 2022، عندما التقى محافظ الحسكة الحالي الدكتور لؤي محمد صيّوح، نقيب المعلمين في المحافظة عبد الرزاق الحجي، ومدير الصحة، لبحث إمكانية تحويل المركز الطبي في مبنى اللؤلؤة إلى مشفى، وتم في هذا اللقاء الاتفاق على قيام نقابة المعلمين بتسليم كامل مبنى اللؤلؤة لمديرية الصحة، باستثناء الجزء الذي يشغله المركز الصحي التابع للنقابة والكائن في الجزء الشرقي للبناء، وأن تقوم مديرية الصحة باستخدام الطوابق الشاغرة لمصلحة المركز الطبي، بعد تحويله إلى مشفى. كما التقى المحافظ مع مديري مكاتب المنظمات الدولية العاملة في المجال الإغاثي في المحافظة، وحثّهم على دعم “مشفى اللؤلؤة” المحدث في مدينة الحسكة، وذلك من خلال ترميمه وإعادة تأهيله، ومن ثم تزويده بالأجهزة والمعدات اللازمة وفق المواصفات المحددة من قبل وزارة الصحة. مبيناً أن هذا الأمر يعد من أهم الأولويات التي تحتاجها محافظة الحسكة في هذه المرحلة، مع أهمية الاحتياجات في المجالات الأخرى. نظراً لأن هذا المشفى بعد إنجازه ووضعه بالخدمة سيقدم الرعاية الطبية لكل أبناء المحافظة والمحافظات المجاورة في حال تقديم الدعم اللازم له.

موضحاً أن مديرية الصحة وبعد توقيع العقد مع المكتب الفرعي لنقابة المعلمين، واستلام الطابقين الشاغرين من مبنى اللؤلؤة العائد للنقابة، باشرت بإعداد المخططات والدراسات الفنية والهندسية اللازمة، التي يتم تنفيذها اليوم على أرض الواقع من أجل الوصول إلى الهدف المنشود المتمثّل بتحويل المركز الطبي في مدينة الحسكة إلى مشفى.

 

تابعونا على تويتر

انشر الموضوع