أبريل 26, 2024

نعيش بعالم تحتاج فيه وثيقة جواز السفر وربما تأشيرة “visa” أيضاً للتنقل من بلد لآخر، لكن هل فكرت في عالم ما قبل وثائق السفر، فكيف نشأت وثائق السفر وكيف تطورت منذ العصور القديمة التي استخدمت الوثائق للسفر والمرور وحتى وصلت للشريحة الإلكترونية الذكية.

في الإصحاح الثاني من العهد القديم (التوراة)، توجد واحدة من أقدم الإشارات للوثائق القديمة التي يرجع تاريخها إلى 450 عاماً قبل الميلاد، حيث أرسل الملك أرتكسركس الفارسي إذن سفر ورسالة إلى ولاة خارج النهر مع نحميا، طالباً منهم السماح له بالمرور الآمن في أثناء سفره عبر أراضيهم لإعمار القدس.

“(7) وَقُلْتُ لِلْمَلِكِ: إِنْ حَسُنَ عِنْدَ الْمَلِكِ فَلْتُعْطَ لِي رَسَائِلُ إِلَى وُلاَة عَبْر النَّهْرِ لِكَي يُجِيزُونِي حَتَّى أَصِلَ إِلَى يَهُوذَا (8) وَرِسَالَةٌ إِلَى آسَافَ حَارِسِ فِرْدَوْسِ الْمَلِكِ لِكَيْ يُعْطِيَنِي أَخْشَاباً لِسَقْفِ أَبْوَابِ الْقَصْرِ الَّذِي لِلْبَيْتِ، وَلِسُورِ الْمَدِينَةِ، وَلِلْبَيْتِ الَّذِي أَدْخُلُ إِلَيْهِ؟. فَأَعْطَانِي الْمَلِكُ حَسْبَ يَدِ إِلهِي الصَّالِحَةِ عَلَيَّ (9) فَأَتَيْتُ إِلَى وُلاَة عَبْر النَّهْرِ وَأَعْطَيْتُهُمْ رَسَائِلَ الْمَلِكِ. وَأَرْسَلَ مَعِي الْمَلِكُ رُؤَسَاءَ جَيْشٍ وَفُرْسَاناً”.

وفي عصور “دولة الخلافة” التاريخية، كان هناك شكل من أشكال جواز السفر يسمى “براءة”، وهو يعني إيصال أو شهادة دفع الضرائب، ولا يُسمح للأشخاص الذين لم يدفعوا (الزكاة أو الجزية) بالسفر إلى مناطق مختلفة من أراضي الدولة؛ ومن ثم كانت وثيقة “براءة” هي جواز السفر الأساسي للمسافر.

وفي 1414م، سنَّ البرلمان البريطاني قانوناً يعطي للملك هنري الخامس صلاحية إصدار وثيقة “سلوك آمن” لأي شخص، سواء كان إنكليزياً أم لا.

وفي 1540، أصبح منح أوراق السفر من سلطات المجلس الملكي الخاص، وأصبح مصطلح “جواز سفر” مستخدماً أكثر، رغم أنه كان متداولاً من قبلُ للإشارة للمسافرين الذين يمرون pass عبر الموانئ البحرية port بالإنكليزية، أو البوابات portes بالفرنسية.

history passport

ولدينا بالفعل جواز سفر صدر في 18 يونيو/حزيران 1641م، ووقعه تشارلز الأول. وفي أواخر القرن الثامن عشر، أصبحت وزارة الخارجية البريطانية هي المسؤولة عن إصدار جوازات السفر (لكنها وظيفة وزارة الداخلية حالياً).

وبقيت سجلات الجوازات الصادرة منذ هذا التاريخ موجودة، وكانت تُستخدم أيضاً كوثيقة هوية بريطانية، لكن جوازات السفر لم تكن شرطاً للسفر الدولي حتى الحرب العالمية الأولى!

وسبَّب رواج السفر بالقطارات وسهولة وكثرة التنقل في أوروبا، خلال القرن التاسع عشر، انهياراً مؤقتاً لنظام جوازات السفر والتأشيرات، لكنه عاد وأصبح مهماً في أعقاب الحرب العالمية الأولى عندما تصاعدت المخاوف الأمنية في أوروبا والعالم.

وفي أوائل القرن الـ20، بدأ استخدام جوازات السفر كما نعرفها اليوم، وأول جواز سفر بريطاني حديث هو نتيجة لقانون الجنسية، ووضع الأجانب البريطاني عام 1914، ويتكون جواز السفر وقتها من صفحة واحدة مطوية ومغطاة بورق مقوَّى، وكانت الوثيقة صالحة مدة عامين وتشتمل على توقيع.

وبدلاً من الصورة، كان هناك أوصاف شخصية من قبيل شكل الوجه والبشرة والسمات الشكلية، مثل العيون: كبيرة، الجبين: واسع، الأنف: صغير، واحتج بعض المسافرين على هذه الأوصاف، معتبرين أنها تنطوي على عنصرية!

وقد حُددت معايير جوازات السفر في مؤتمرين، نظمتهما عصبة الأمم، أحدهما بباريس في عام 1920، والآخر بجنيف في عام 1926.

ومن المهم ملاحظة أن الدول والحدود أعيد تشكيلها بشكل كبير في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وساعد هذا على تحدد كيفية التعامل مع جوازات السفر أكثر.

وبخلاف جوازات السفر الوطنية هناك وثائق لا تُصدرها الحكومات وتسمح لحامليها بالتنقل حول العالم

وجوازات سفر الدول متشابهة بشكل عام لحد ما، لكن المخاوف الأمنية واختلاف مستوى تطور الحكومات، جعلا هناك تفاوت بين الجوازات من حيث الشكل؛ فالجواز النيكاراغوي الجديد -على سبيل المثال- يحتوي على 89 سمة أمنية مختلفة، وضمن ذلك “الباركودات الثنائية الأبعاد”، والصور الهولوغرام، والعلامات المائية، ويشتهر بكونه من أفضل الوثائق أمناً في العالم.

وبالطبع، فإن شكل جواز السفر ليس ما يحدد قوته، فجواز السفر الإسرائيلي لا يحتوي على عيوب شكلية، لكنه يُرفض دخول حامله بأكثر من 15 دولة لا تعترف به، ويحمل بابا الفاتيكان جواز سفر برقم “1” رغم أن الفاتيكان ليست لها ضوابط هجرة.

 جواز السفر الإلكتروني

وتصْدر العديد من الدول حالياً جواز سفر مزوداً بشريحة إلكترونية، يُعرف بجواز السفر البيومتري أو الإلكتروني.

وتحتوي جوازات السفر الإلكترونية على رقاقة معالج إلكتروني وهوائي اتصالات، وتستخدم تقنية البطاقة الذكية من دون تماس، وتخزن بيانات حامل الجواز على الشريحة الإلكترونية، وتستخدم نظام مصادقة لهوية حامل الجواز بما يجعله آمناً لحد كبير.

وأصدر 60 بلداً جوازات السفر من هذا النوع، وأصبح العدد 120 اعتباراً من منتصف 2017.

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك