مايو 18, 2024

القاهرة- هل فكرت يوما في معالجة أسنانك من دون مخدر (بنج) أو على الأقل تحت تأثير مخدر ضعيف؟ لو شعرت بالألم لمجرد التفكير في الأمر حتما ستتفهم شكوى أطباء ومرضى في مصر من عدم توفر مخدر الأسنان خلال الفترة الماضية.

عدد من أطباء الأسنان المصريين تحدثوا عبر منصات التواصل الاجتماعي عن المعاناة التي يتكبدونها من أجل شراء المخدر المستخدم في علاج المرضى، في ظل اختفائه من الأسواق تدريجيا على مدار الأشهر الماضية، إلى أن وصلت الأزمة ذروتها خلال الأيام الماضية، وتوقفت بعض العيادات عن العمل.

وعلى مدار 3 أشهر الماضية، خرجت تصريحات من مسؤولين بنقابة أطباء الأسنان تشرح أسباب الأزمة مع التبشير بقرب توفير المنتجات المخدرة التي تحتاجها العيادات الخاصة والمستشفيات العامة.

لكن يبدو أن المساعي النقابية لم تكن على النحو الذي يدفع لحل الأزمة، وهو ما عبر عنه ضمنيا المتحدث باسم نقابة الأسنان باعترافه -خلال تصريحات تلفزيونية الأسبوع الماضي- بأن أزمة نقص المخدر لا زالت مستمرة، بل وبلغت أشدها خلال الأيام الماضية، “والأمر وصل إلى أن بعض العيادات تغلق أبوابها بسبب نقص البنج”، حسب قوله.

وبجانب إنتاج مصنعين محليين، تعتمد مصر في توفير مخدر الأسنان على الاستيراد من إسبانيا، بالإضافة إلى شركة فرنسية.

تجارب الأطباء

عدد من أطباء الأسنان لاذوا بالإعلام الاجتماعي من أجل شرح المشكلة التي يواجهونها، بسبب نقص المخدر الذي يعتمدون عليه بشكل أساسي في عملهم.

وأوضح هؤلاء أن كميات المخدر المتاحة بالأسواق قليلة للغاية وتباع بأسعار عالية جدا، مشيرين إلى أن النوع المتاح هو ذلك المصنوع محليا، وهو ضعيف المفعول -حسب وصفهم- مما يؤدي إلى شعور المرضى بألم خلال جلسات العلاج.

من جهتهم، تفاعل عدد من المرضى مع تدوينات الأطباء، مؤكدين مرورهم بتجربة مؤلمة داخل عيادات الأسنان مؤخرا، بسبب ضعف مفعول المخدر الذي حصلوا عليه خلال جلسات العلاج.

وتحدثت وسائل إعلام محلية عن ارتفاع سعر علبة المخدر من 250 جنيها إلى 700 و800 جنيه (الدولار يساوي نحو 18.40 جنيها)، بالإضافة إلى عدم توفرها من مصادر موثوقة.

ويصل عدد الأطباء المسجلين لدى نقابة الأطباء المصرية إلى نحو 75 ألف طبيب.

عصب المهنة

بدوره، قال المتحدث باسم نقابة أطباء الأسنان أحمد مسعد إن مخدر الأسنان يُعد عصب مهنة طب الأسنان وعنصرا إستراتيجيا لا يمكن لأي طبيب الاستغناء عنه خلال عمله. وأضاف -خلال تصريحات تلفزيونية- أن أزمة نقص المخدر بلغت أشدها، ووصل الأمر إلى أن بعض العيادات تغلق أبوابها.

وأوضح أن النقابة خاطبت مصنعين محليين متخصصين في إنتاج مخدر الأسنان، هما شركة الإسكندرية ومصنع “آر تي فارم”، وأردف أن المصانع لديها أزمة كبيرة في المواد الخام المصنعة “للبنج”، وبالتالي فهي غير قادرة على إنتاج الكميات الكافية التي كانت تنتج قبل ذلك.

وعن سبب الأزمة، قال إن الشركة التي كانت تستورد المخدر الإسباني لديها نقص في الاستيراد، و”ليست لدي معلومة واضحة؛ هل السبب نقص العملة الصعبة اللازمة للاستيراد، أو نقص الإجراءات مع الشركة الإسبانية”.

وفي تصريحات صحفية، أوضح المتحدث باسم أطباء الأسنان أن رفع سعر الدولار تسبب في تفاقم الأزمة، لافتا إلى توفير النقابة 4300 علبة مخدر خلال الشهر الماضي، وأرسلت إلى النقابات الفرعية لتوزيعها على الأطباء، “ولكن هذا الرقم ضئيل للغاية بالنظر لاحتياجات الأطباء”، حسب قوله.

وفي مارس/آذار الماضي، رفعت الحكومة المصرية سعر الفائدة، مما رفع سعر الدولار أمام الجنيه بزيادة وصلت نحو 3 جنيهات.

انفراج جزئي

ورغم استمرار الأزمة على أرض الواقع، تحدثت وسائل إعلام محلية عن انفراجة في أزمة نقص مخدر الأسنان، مع بدء توزيع كميات على الصيدليات التابعة للشركة المصرية للأدوية بالقاهرة والإسكندرية.

ونقل الإعلام المحلي أمس الأربعاء أن هيئة الدواء المصرية أبلغت نقابة أطباء الأسنان بتوزيع مخدر الأسنان عبر صيدليات الشركة المصرية للأدوية، وعددهم 7 صيدليات؛ 3 منها بالعاصمة القاهرة و2 بمحافظة الإسكندرية.

وعلى مدى شهرين متتاليين، تحدث نقيب أطباء الأسنان إيهاب هيكل عن انفراجة في أزمة نقص المخدر في العيادات الخاصة والمستشفيات العامة، وطرح كميات من المخدر لسد العجز بعد تدخل هيئة الدواء.

وأرجع -في تصريحات صحفية- الأزمة إلى توقف مصنع الإسكندرية عن الإنتاج من دون وجود مخزون يكفي لسد احتياجات السوق المصرية، مناشدا رئاسة الوزراء الإفراج عن شحنات مخدر الأسنان المستوردة، مؤكدا أنه لا يوجد سبب لمنع دخول الشحنات في ظل النقص الشديد للمخدر.

سبب الأزمة

خاطبت نقابة أطباء الأسنان محافظ البنك المركزي الأسبوع الماضي لمحاولة حل مشكلة تحويل الأموال للخارج مقابل شحنات المستلزمات الطبية، خاصة مخدر الأسنان.

وأوضحت النقابة -في بيان نشرته صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك- أن سبب تكرار أزمات المستلزمات الطبية يرجع إلى اشتراطات فتح اعتمادات مستندية بنكية للشركات المستوردة، وصعوبة إجراءات تحويل الأموال للخارج، وهو ما يستغرق وقتا طويلا قد يصل إلى أشهر.

وكان البنك المركزي استثنى من الاشتراطات البنكية للاستيراد اللقاحات والأمصال والأغذية الإستراتيجية، وأنواعا معينة من الأدوية ليس من بينها مخدر الأسنان.

في هذا السياق، قال المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء محمود فؤاد، إن نقص المخدر ليس أزمة جديدة لكنها تتجدد على فترات.

وأوضح -في تصريحات صحفية- أنه ولسبب غير معلوم لا تساعد هيئة الدواء المصرية في حل الأزمة، لافتا إلى أن السبب الرئيسي لنقص المخدر هو عدم وجود رصد لحالات نقص الدواء، وبالتالي سرعة التعامل معها، فضلا عن توقف شركة الإسكندرية المُصنعة للمخدر عن الإنتاج بسبب خطة التطوير الخاصة بها.

وفي سياق متصل، حذرت نقابة الأطباء المصرية من استمرار عزوف الأطباء عن العمل بالقطاع الحكومي، فضلا عن تزايد سعيهم للهجرة خارج مصر، مطالبة رئيس الوزراء والجهات المعنية بالتدخل لتصحيح الأخطاء وتحسين منظومة الصحة بجميع أطرافها.

وكشفت النقابة قبل أيام عن استقالة أكثر من 11 ألف طبيب من العمل بالقطاع الحكومي منذ عام 2019، مشددة على أنها رصدت استقالة نحو ألف طبيب خلال 3 شهور من العام الجاري.

وتحت عنوان “نقابة الأطباء تدق ناقوس الخطر”، حذرت نقابة الأطباء من معوقات استقرار المنظومة الصحية، معربة عن أملها أن يكون هذا التقرير محل دراسة للتغلب على صعوبات المنظومة الصحية، ومنها العجز الشديد في أعداد الأطباء.

اقرأ ايضاً: أفضل اشتراكات القنوات العربية (عالية الجودة)

انشر الموضوع