مايو 21, 2024

جوناثان توبن- مجلة كومنتري: ترجمة مركز الشرق العربي
إذا لم تظهر كارثة إنسانية ما على شاشة التلفاز، فهل هي غير موجودة حقا؟ ربما كان ذلك ما تعتقده إدارة أوباما مع تكشف الكارثة المهولة التي تحصل في حلب، واستمرار حكومة الأسد وحلفائه الروس في تحويل المدينة إلى ركام في حين يواجه أهلها احتمالية التجويع. التركيز كما هو الحال دائما على الانتصار في دورة الأخبار ضد الجمهوريين أو مساعدة خليفة الرئيس ضد منافسها غير الكفؤ، ولا يبدو أن البيت الأبيض قلق حيال عواقب التقاعس عن التحرك مع استمرار حصار ما يقرب من مليوني شخص في المدينة. ولكن بالنسبة إلى رجل يبدو أنه مهتم بإرثه، فإنه ربما على الرئيس أوباما أن يفكر اليوم في ما الذي سوف يسجله التاريخ حول استعداداه لإعطاء الروس وحليفهم الهمجي الضوء الأخضر للاستمرار في ذبح الكثير من الناس.
على المراقبين الموضوعيين أن يقروا بأنه لم يكن هناك خيارات جيدة للولايات المتحدة في الصراع الدائر في سوريا. علاوة على ذلك، ما إن فشل الرئيس في التحرك في بداية الحرب الأهلية عندما كان في وسع القيادة الجريئة أن تتجنب النتائج السيئة ومن ثم فشلت في الإيفاء بخطه الأحمر بعد استخدام بشار الأسد للأسلحة الكيماوية ضد شعبه فإن فرصة أمريكا في أن يكون لها أثر إيجابي قد زالت تماما. ولكن حتى لو تجنبنا تبادل الاتهامات حول فشل أوباما السابق في الصراع السوري، فإن الرئيس لا يمكن أن يمر مرور الكرام حيال موقفه السلبي الحالي. تعترف الإدارة حاليا بأن الوضع في سوريا كارثي. ولكنها لا تستطيع تجنب المسئولية عن القتلى وتحول الأمور إلى وضع كارثي أكبر  لأن الأشخاص الذين يرتكبون هذه الفظائع – روسيا- يقومون بما يقومون به تحت فرضية أن الولايات المتحدة سلمت مسئولية الصراع إلى بوتين والأسد. في حين أن الروس يدركون أن عليهم أن يقوموا ببعض الإشارات – مثل الوقف المؤقت للقصف- من أجل استرضاء أوباما، فإن الولايات المتحدة التي تحتج على الحصار لا تقوم بما يكفي لتحويل الوضع على الأرض. 
القتال حول حلب أمر مربك لأن تقدم الدولة الإسلامية ساعد في عزل المدينة. ولكن الروس وقوات الأسد يقصفون الأحياء التي تقع تحت سيطرة المتمردين، غير المصطفين مع داعش. الفوضى هناك كافية لجعل الأمريكان الذين يزعجون أنفسهم في تتبع القصة يرفعوا أيديهم يأسا وكمدا. ومع عدم وجود أي طاقم تلفزيوني لتصوير الدمار أو كسر قلوب الجمهور الغربي – كما كان عليه الحال عندما قام الإعلام الدولي بتغطية شاملة لغزة عندما كانت حماس تقاتل إسرائيل عام 2014- فليس هناك أي أرضية شعبية من أجل الوصول إلى وقف لإطلاق النار أو ضمان أن شعب حلب لن يحرم من الطعام أو المساعدات الطبية.
تقبل الروس بسعادة قرار الإدارة بالتخلي عن سوريا لأن ذلك يعطيهم بصورة رئيسة حرية، بمساعدة من إيران وحزب الله، في ضمان بقاء الأسد. كما أنهم تلاعبوا مع وزير الخارجية جون كيري المثير للشفقة للوصول إلى حل دبلوماسي أمني مع الاعتراف بأنهم سوف يفشلون ويتركونهم هم المسئولون مع جهود فلاديمير بوتين لإحياء مكاسب الإمبراطورية السوفيتية على الأرض. منذ أن قرر الرئيس أوباما سحب أمريكا من الشرق الأوسط، ترك روسيا وإيران في موقع المسئولية وترك إسرائيل والدول العربية المعتدلة في خطر، كما أنه وقف جانبا دون أي تحرك في حين تحولت سوريا وما تبقي من شعبها إلى ركام. حقيقة أن الروس والأسد وضعوا أولويتهم في هزيمة المتمردين من غير داعش فإن ذلك يجعل صفقة الولايات المتحدة مع الشيطان أكثر من خاسرة. 
اعتقاد الرئيس بأن السماح للروس بأن يكون لهم طريقتهم في سوريا سوف يساعد في الوقوع في خطأ آخر في الحرب ضد داعش. سوف تزدهر المجموعة لفترة طويلة مع بقاء النظام الحالي في السلطة وسوف يرى على أنه المدافع عن السنة في مواجهة العلويين والروس.
ولكن هذه لحظة أخرى يجب عندها وضع أخطاء الحسابات الجيوسياسية جانبا ويجب أن يتم الاعتراف بما يجري على الأرض كما هو. إذا لم يوقف الروس والأسد، فإن الخسائر في الحياة في حلب سوف تكون كبيرة. يجب تحذير الروس بأن الولايات المتحدة لن تتغاضى عن ما يجري وأنها سوف تعيد التفكير في تعاونها مع موسكو إذا لم يتوقفوا. ولكن التاريخ سوف يكون قاسيا في الحكم على أوباما إذا كانت مجموعة من التصريحات الضعيفة حيال الوضع هي أفضل ما يمكن أن يقوم به.
رؤساء سابقون، مثل بيل كلينتون، أعربوا عن أسفهم لفشلهم في التحرك لإنقاذ الناس عندما كانت المجازر على وشك الوقوع كما حصل في راوندا. ولكن فشل كلنتون هناك لن يكون فاضحا كما هو حال أوباما في سوريا لأن المنفذين يشعرون أن معهم إذن أمريكي ليقوموا بما يحلوا لهم. تحت نظر أوباما، فإن مئات الآلاف قتلوا وتحول ملايين إلى لاجئين في سوريا. إذا زادت هذه المجاميع بصورة أكبر في أشهره الأخيرة في  منصبه، فإنه لن يكون قادرا على القول أنه سوف يخرج من منصبه دون شعور بالذنب.
اقرا:
الغارديان: قصص مأساوية لأطفال بملجأ للأطفال في حلب



المصدر: مجلة كومنتري: ما الذي سوف يقوله التاريخ عن حلب؟

انشر الموضوع