أبريل 19, 2024


 أيام قليلة مرت على تمكن قوات النظام من اﻹمساك بآخر الطرق الواصلة بين أحياء حلب المحررة والعالم، لتنضم هذه اﻷحياء جغرافياً على اﻷقل إلى قائمة المدن والمناطق السورية المحاصرة، وذلك بعد أربع سنوات كاملة على دخول لواء التوحيد وقوات من الجيش السوري الحر للمدينة؛ هذه اﻷيام كانت كفيلة على ما يبدو بأن يشعر المواطن الحلبي القابع في تلك اﻷحياء باجتياح مظاهر الحصار لبيئته لتزيد حياته صعوبة وشظفاً. حتى إذا حاولت شخصياً أن أصدق بأن تصادف يوم بدء تحرير حلب في 22-23 تموز من عام 2012 ويوم حصارها في نفس هذا اليوم من هذا العام 2016 هو أمر عرضي، وليس تطبيقاً دقيقاً لمراحل خطة مدروسة، كما هو عليه الحال بالنسبة لتاريخ 22-23 كانون الثاني المكرر في روزنامة الحالة السورية في مجال التفاوض مع النظام ومسلسل مسيرة جنيف، فإنني لن أقبل أبداً بأي مناقشة حول الدور اﻷمريكي اﻷساسي في اتخاذ القرارات وتطبيقها بكل ما يتعلق من مجريات في هذه التواريخ الفلكية البارزة، عبر البوابة الروسية. على كلٍ، فإن الانعكاس اﻷول على حياة المواطن في حلب المحاصرة تمثل بأن أصبحت حصته العائلية من الخبز هي ربطة واحدة كل ثمانية وأربعين ساعة، مع انعدام شبه تام للمحروقات والغاز والذي انعكس تلقائياً على حركة التنقل، فأضاف مظهراً آخر من مظاهر الحصار، أضف إلى مشكلات في السيولة النقدية وعوائق أمام حركة التحويل المالية. وهكذا فإن الصدمة اﻷولى تشير لنا إلى ما سيستهدفه الحصار في سبيل ضرب صمود شعبنا، ونعرف بالتالي مقومات الصمود في دعم معيشة المواطن الحلبي المحاصر، فمع الرصاصة والسلاح لا بديل عن الطحين والمحروقات والنقود.وهكذا فإن التحدي كبير ومتعدد الجبهات، وهنا تكمن ضرورة التكاتف وأهمية الخطة ذات اﻷدوار الموزعة على جميع اﻷطراف المعنية. فالمنظمات الداعمة والعاملة في حلب، يجب عليها أن تستمر في ضخ الرواتب للموظفين والعاملين على شؤون الخدمات اﻷساسية، من أعمال الصيانة للكهرباء، إلى الصرف الصحي، إلى النظافة، إلى عمليات رفع اﻷنقاض وأعمال الإنقاذ والرعاية الصحية. كما يجب على هذه المنظمات مع الجهات المعنية أن تكثف ضغوطها على المانحين الدوليين ومنظمة الصليب اﻷحمر الدولية، لتطبيق حالة الطوارئ في أعمالها، وإدخال حلب المحاصرة في برامج اﻷمم المتحدة المعمول بها في مناطق أخرى تطبيقاً لقرارات مجلس اﻷمن الدولي. ومع الحصار بدأت مظاهر الاستغلال تبدو أيضاً، وإن كانت الفصائل اﻹسلامية تلعب دوراً ممتازاً في الرقابة على اﻷسعار، وتلق استجابة طيبة من تجار التجزئة، فإن الصرافين في المناطق المحاصرة قاموا برفع عمولاتهم على اﻷموال المحولة من الخارج بحجة نضوب العرض من الدولار اﻷمريكي، حيث وصلت عمولة تحويل عشرة آلاف دولار أمريكي إلى مبلغ /750/ دولاراً أمريكياً، وهو رقم كبير ويشكل عائقاً واستغلالاً غير مقبول، خاصة أنه يتلازم مع اشتراط تأمين تجار يقومون بتأمين مبالغ مساوية ﻷصل المبلغ المحول إلى المناطق المحاصرة، مقابل استلام أصل الحوالة في تركيا ومناطق محررة، وربما أيضاً في مناطق النظام. وإذا كنت حذراً في تناول تفاصيل لم أتوثق منها، فإنني أنبه القوى العاملة على اﻷرض في حلب المحاصرة إلى ضرورة ضبط عمل الصرافين فيما يتعلق بعلاقتهم المباشرة أو غير المباشرة مع نظرائهم في مناطق النظام، ولكن مع تأمين ضخ من الدولار اﻷمريكي والليرة التركية إليها عبر الطرق الحربية جنباً إلى جنب مع الرصاص والسلاح والطحين والمحروقات. وأقول لكل القابعين في خارج حلب المحاصرة، لقد ذهب الشهيد (عبد القادر الصالح) في مثل هذه اﻷيام منذ ثلاث سنوات (عام 2013) إلى (القصير) ﻷنه يعرف أن ما سيمر عليها سيأتي إلى حلب يوماً ما، فإذا ما ذهبت حلب عبر الممرات اﻵمنة فلا أنصحكم بأن تأمنوا أن لا تجرون عبر سفن باتجاه مرافئ آمنة أيضاً، ولكن في اللاذقية وطرطوس. فكونوا على مستوى المرحلة، وادعموا أقرباءكم وأهلكم في حلب المحاصرة بكل ما هو ممكن، وبشكل مباشر، ولو بمقدار مصروف يوم واحد لكم تعيشونه في عينتاب واسطنبول وسواحل تركيا وأوروبا، مع تمنياتي لكم أن تعيشوه في العام القادم حيثما تريدون، وليس كما يخطط اﻷمريكيون والروس.


المصدر: ما هو حال الحلبيين المحاصرين؟، وماذا نفعل لهم؟

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك