أبريل 26, 2024

بدأ رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق وزعيم تيار المستقبل سعد الحريري مشاوراته لتشكيل الحكومة من القصر الرئاسي في بعبدا، في محاولة للوصول إلى اتفاق مع القوى السياسية لتوليه المنصب. 

التقى الحريري برئيس الجمهورية ميشال عون، قبل أن يزور رئيس مجلس النواب نبيه بري، على أن يرسل بالتوازي من يمثله للقاء بقية الكتل النيابية، طارحاً برنامجه الحكومي الذي يحمل عنوان “تحييد السياسة وتقديم الاقتصاد” على طاولة البحث.

 وحسب مصادر فإنّ نتائج الاجتماعات كانت إيجابية، تؤيد تكليفه من باب أنه الأقوى، وأنه لا مانع لترشحه لكن بشروط!

وترى مصادر مطلعة على جولة الحريري، أنّ رغبة الاستحواذ على وزارات لا تزال تسيطر على مختلف المكونات الحزبية والطائفية، انطلاقاً من كون الحريري رئيس تيار سياسي، ولا بد في حال تكليفه من أن يشرك سائر السياسيين في تركيبة حكومته. 

عودة الحريري.. إشارة أمريكية وجهود باريس مع العرب

ترشح الحريري لرئاسة الحكومة يحظى بدعم خارجي واسع، استطاعت باريس تأمينه مع بعض الدول العربية ما عدا السعودية، المصرة على موقفها من شخص الحريري، وأن تأييداً سيصدر عن دول عربية أبرزها مصر والأردن والإمارات وفق مصادر خاصة بعربي بوست.

يشير المصدر أن ما كان يواجهه الحريري من رفض يمنعه من العودة إلى الحكومة قد زال، ويشدد المصدر أن باريس فتحت نقاشاً مع مجموعة من الدول العربية تحت عنوان واضح “التخوف من الاستغلال التركي للفراغ السياسي للساحة السنية في لبنان”، والذي قد يتحول لميدان جديد لأنقرة أمام التراجع العربي، في ظل تنامي القوة الشعبية لتركيا في الوسط اللبناني، وتحديداً في الشمال اللبناني.

ويرى المصدر أن هذه الإشارة الأمريكية ستتجلى بلقاء بين الحريري ومساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، الذي يزور لبنان لافتتاح المفاوضات التي ستجري بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي حول ترسيم الحدود، والذي سيعلن خلال لقاء الحريري دعماً أمريكياً للحريري لتشكيل حكومة اختصاصيين، تعالج الشق الاقتصادي، وتُوقِف الانهيار، وتعمل على مجموعة إصلاحات في البنية اللبنانية.

تواصُل فرنسي أمريكي

وبحسب المصدر، فإنه وبناء على التوصّل إلى اتفاق “الإطار” المتعلق بمفاوضات ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل، فعلى إثر إعلان هذا الاتفاق في بيروت وتل أبيب وفي واشنطن وباريس، حصل تواصل بين الإدارتين الأمريكية والفرنسية، وتحديداً وزيري الخارجية مايك بومبيو وجان لودريان، تَناولَ الأزمة اللبنانية.

وطلب لودريان من بومبيو تَدخلاً لدى الإدارة السعودية للدعم، وذلك لاعتقاد المسؤولين الفرنسيين أن الإدارة الأمريكية هي الأكثر قدرة على إقناع المسؤولين السعوديين بهذا الأمر، نظراً للعلاقة الاستراتيجية التي تربط الرياض وواشنطن، ويؤكد المصدر أن تواصلاً جرى بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وبين مستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، للتوسط مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، للقبول بالحريري على رأس أي حكومة قادمة، ودعمها، ووعد كوشنر بالتوسط، لكنه بحسب المصدر فشل في إقناع محمد بن سلمان.

لقاء الحريري مع عون.. عليك التواصل مع باسيل.. علاء الخواجة مجدداً

أما لقاء عون والحريري فتركّز على تقييم الوضع السياسي والاقتصادي، والتشديد على وجوب التمسك ببنود المبادرة الفرنسية، لاسيما لناحية تأليف حكومة اختصاصيين، تتولى تنفيذ الإصلاحات، وضرورة التعهد بعدم عرقلتها من الأطراف السياسية.

وشددت المصادر على أنّ عون وافق الحريري على تطبيق ورقة الإصلاحات بكل بنودها، وطلب منه أن يلتقي رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل للتحدث في موضوع شكل الحكومة، وتسمية الوزراء المسيحيين فيها، ما يلمح أن عقدة التمثيل السياسي لا تزال تعترض ولادة حكومة من الاختصاصيين، كما يطرحها الحريري، فباسيل وإن كان يبدي استعداداً لعدم المشاركة شخصياً أو عبر وزراء من التيار الوطني في الحكومة، إلا أنه من المؤكد سيصرّ على المشاركة في تسمية الوزراء المسيحيين، واختيار نوعية الحقائب التي سيتولونها.

 الحريري أكد لعون أنه سيدرس إمكانية لقائه بباسيل، لكنه في الوقت الحالي يفضل أن يتم التواصل مع مستشاره، الوزير السابق غطاس خوري لأسباب عديدة، وأن رجل الأعمال علاء الخواجة سيبدأ في مساعي التقارب بين باسيل والحريري بمساعدة نادر الحريري، والذي عمل لعشر سنوات مدير مكتب سعد الحريري، وتربطه علاقة صداقة مع باسيل، ويرى المصدر أن الخواجة سيجمع الطرفين على مائدة عشاء لمناقشة سبل التعاون والخروج من الأزمة، وتسهيل مهمة رئيس الوزراء المرتقب.

 بري.. مصرون على الشروط ومتمسكون بالمبادرة

كان اللقاء بين رئيس البرلمان نبيه بري والحريري إيجابياً، إذ أبدى رئيس المجلس النيابي جاهزيته للمساعدة في تذليل العقبات واجتياز مرحلة التكليف والخروج بحكومة تساعد البلد، وبحسب أوساط بري فإن الحديث الذي دار بين الرجلين حول ضرورة تشكيل حكومة مصغرة من الاختصاصيين، الذين لا يكون لهم أي انتماء حزبي، على أن تكون مهمتهم إصلاحية بحتة، ضمن إطار زمني محدد -ستة أشهر أو سنة- يُعاد من بعده النظر في مسألة التمثيل الحزبي والسياسي في الحكومات، إثر إنجاز مهمة إنقاذ البلد اقتصادياً ومالياً عبر الفرصة الفرنسية المتاحة لحشد الدعم الدولي للبنان، وشدد بري للحريري على شرط وزارة المالية للشيعة، وأنها باتت عرفاً لا يمكن التخلي عنه مهما كانت الظروف، وعلى الجميع احترام ذلك.

لقاء مع حزب الله وإنهاء القطيعة مع جنبلاط

وبحسب الأوساط نفسها، فإن بري طلب من الحريري التواصل مع قيادة حزب الله، لأن الحزب حريص على أن تكون الحكومة برئاسة الحريري تحظى بإجماع وطني، وأن بري مستعد لجمع الطرفين عنده لحل الأزمة وإنهاء الخلاف، لأن حزب الله أشد حرصاً على تجاوز هذه المرحلة بأقل الأضرار الاقتصادية والأمنية، وتشدد الأوساط أن بري أكد للحريري على ضرورة إنهاء الخلاف والقطيعة مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، لضمان الحصول على التفاف حول مبادرة الحريري، والسير إلى الأمام دون خلافات مع أحد.

إجماع سني مع دار الفتوى.. الإخوان خارجها

ووفق المعطيات فإن الحريري حريص على إعادة تواصله مع المكونات السنية مهما بلغت الخلافات بين الأطراف، لأن الرجل بات محاصراً سنياً في ظل دخول شقيقه بهاء على الخط السياسي المحلي، لذا فإن لقاءً سنياً قد يدعو له مفتي الجمهورية عبداللطيف دريان للنواب والقيادات السنية ورؤساء الحكومات السابقين، يهدف لدعم مبادرة الحريري للخروج من الأزمة المعيشية، تحت عناوين محددة، أهمها إعادة إعمار بيروت، ومجابهة تمدد كورونا بشكل مخيف في المدن والقرى اللبنانية، والحفاظ على علاقة المسلمين في لبنان مع المحيط العربي، وبحسب المصدر فإن الدعوات لن تشمل الجماعة الإسلامية “الإخوان المسلمين”، رفعاً للحرج مع السعودية والإمارات، اللتين تضعان فيتو عليها في إطار الصراع الإقليمي بين تركيا والسعودية.

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك