أبريل 19, 2024
المُعاقون كجزء لا يتجزأ من الحياة اليومية: حتى الآن، لا يزال هذا الأمر – الذي أصبح منذ زمن طويل واقعاً مُعاشا في الدول الإسكندنافية مثلاً – بحاجة إلى التوسّع فيه في سويسرا.

(Keystone / Samuel Truempy)

يعيش في سويسرا حوالي 1،7 مليون شخص من ذوي الإعاقة. ومنذ مائة عام تقوم منظمة “برو إنفيرميس” بمساندتهم وتقديم المشورة لهم. ففي مطلع القرن العشرين كانوا يعانون من التهميش وكانت العناية بهم تجري في دور خاصة، أما اليوم فإن الأشخاص من ذوي الإعاقة يتمتعون بإندماج أفضل في المجتمع. لكن لا يزال هناك الكثير مما يتحتم فعله، على حد قول رئيس المنظمة أدريانو بريفيتالي.

فالمنظمة السويسرية الرائدة لأجل ذوي الإعاقة تأسست في الحادي والثلاثين من شهر يناير عام 1920 بمدينة أولتن في كانتون سولوتورن. وكانت تحمل آنذاك اسم “الاتحاد السويسري لغير الطبيعيين”. وفي عام 1946 تم تغيير الاسم ليُصبح “برو إنفيرميسرابط خارجي” Pro Infirmis (وهي كلمة لاتينية تعني: من أجل ذوي الاحتياجات الخاصة) .

أما مهمتها فلم تتغير منذ مائة عامرابط خارجي: إذ أنها تساند الأشخاص ذوي الإعاقة الجسدية، والذهنية والنفسية وتقدم لهم المشورة. “ففي خلال قرن من الزمان تم إحراز الكثير من التقدم، إلا أنه لايزال هناك مجال لإجراء تحسينات”، مثلما يقول أدريانو بريفيتالي، الرئيس الحالي للمنظمة.

swissinfo.ch: من هم هؤلاء الأشخاص ذوي الإعاقة، الذين تقوم منظمتك بمساندتهم؟

أدريانو بريفيتالي: تقوم “برو إنفيرميس” بالاهتمام بكافة أنواع الإعاقة: الجسدية، والذهنية، والنفسية. لكننا في العشرين عاماً الأخيرة طورنا عملنا في مجال الإعاقة الذهنية بصفة خاصة. فبعدما جرى إهمال هذا النوع من الإعاقة لزمن طويل، أصبحت اليوم جزءً هاماً من عملنا.

“سيظل هناك دائماً أناس مرضى، وسيتوجّب على المجتمع سنّ القواعد التي تسمح بإدماجهم”.

نهاية الإقتباس

swissinfo.ch: كيف تطورت الإعاقة في سويسرا في القرن الماضي؟

أدريانو بريفيتالي: إنه بالأساس مفهوم الإعاقة الذي طرأ عليه تطور على مر الزمن. فقبل مائة أو حتى خمسين عاماً لم يكن هذا المفهوم موجوداً. فالأشخاص ذوي الإعاقة كان ينظر لهم على أنهم مرضى وشاذين عن القاعدة. لذلك كان يتحتم وضعهم في مؤسسات خاصة، لحماية المجتمع منهم.

مع اعتماد تأمين العجز عن العمل احتل مفهوم الإعاقة تدريجيا محل الصدارة. فلم يعد هناك فقط مفهوم المرض، بل كذلك العجز طويل الأمد، والذي يبرر الحق في الحصول على معاش العجز عن العمل. وفي ثمانينيات القرن العشرين ظهر في نهاية المطاف المصطلح الإنجليزي للإعاقة وهو “Handicap”، والذي قامت منظمة الصحة العالمية بإدراجه على مستوى العالم.

وهو يطابق الواقع أكثر: فالأمر لا يتعلق فقط بإعاقة فردية، بل بمشكلة اجتماعية. ذلك أنه سيظل هناك دائماً أشخاص مرضى، وسيتوجّب على المجتمع سنّ القواعد التي تسمح بإدماجهم.

صورة جماعية لأشخاص معاقين في غرفة ملابس رياضية
قبل عشرين عاماً، قادت منظمة “برو إنفيرميس” عملية تغيير للنمط الفكري السائد من خلال حملاتها التوعوية (هنا الملصق الدعائي لحملة عام 2019) من خلال إظهار أشخاص من ذوي الإعاقة كأفراد يعيشون حياة يقررون فيها مصيرهم ويحدّدون فيها ذواتهم ويُطالبون فيها بحقوقهم.

(ldd)

swissinfo.ch: كيف يُمكن لسويسرا تحسين الإشراف على ذوي الإعاقة؟

أدريانو بريفيتالي: قبل ثلاثين عاماً كانت الإعاقة سبباً لوصم صاحبها. لكننا الآن نعيش مرحلة حققنا فيها بعض التحسينات. لكننا نحتاج إلى دفعة جديدة، حتى لا نُصاب بالركود. حيث لا يزال من المحتم تغيير المواقف. فتواجد ذوي الاحتياجات الخاصة يجب أن يترسخ بصورة أفضل في مجال التدريب وسوق العمل والحياة الاجتماعية بمفهومها الواسع، وكذلك في الحياة السياسية والثقافية.

وبالفعل فقد أُحرز الكثير من التقدم، لكن لا تزال هناك إمكانية كبرى لإجراء تحسينات. حيث لابد كذلك من وضع هياكل، من شأنها توفير مزيد من الحماية لأفراد الأسرة القائمين على العناية بذوي الإعاقة.

وتجدر الإشارة إلى أن شيخوخة السكان ستصبح واحدة من أكبر التحديات في السنوات القادمة. فهناك حاجة إلى موارد، حتى نستطيع رعاية الأشخاص الذين يعيشون في خريف عمرهم في وضع المُعتمِد على الغير.

“يجب أن يترسّخ تواجد ذوي الاحتياجات الخاصة بصورة أفضل في مجال التدريب وفي عالم الشغل وفي الحياة الاجتماعية بمفهومها الواسع، وكذلك في الحياة السياسية والثقافية”

نهاية الإقتباس

swissinfo.ch: كذلك تصرح منظمة برو إنفيرميس بأنها تسعى لمجابهة “القوالب الجامدة المزعجة”، التي تلتصق بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. فما هي القوالب المقصودة بذلك؟

أدريانو بريفيتالي:  إنها تلك القوالب الجامدة التي ترسّخت في ثقافتنا بعمق يجعلنا غير قادرين على تمييزها معه. فعلى سبيل المثال، يتم ربط الشخص المعاق بالفقر. لكن الكثيرين من ذوي الاحتياجات الخاصة لا يعانون من أي فقر، بل إنهم يساهمون بدورهم في الرفاهية. ففكرة أن الشخص المعاق أقل إنتاجية من غيره، تعتبر شائعة إلى حد كبير. هذا بينما قد يكون هؤلاء الأشخاص غزيري الانتاج.

كما نعتقد أن الأشخاص الذين يعانون من إعاقة ذهنية أو فكرية، يجب حمايتهم. إلا أنه لا ينبغي المبالغة في حمايتهم. حيث لا يُسمح لمئات الآلاف في سويسرا بممارسة حقهم في الانتخاب والاقتراع بسبب إعاقتهم النفسية، هذا بينما يمكن لبعضهم الاقتراع والانتخاب بدون قيد أو شرط. كذلك فإن بعض الأشخاص تجري حمايتهم فيما يتعلق بحياتهم العاطفية، وهو ما يعني أنهم محرومون من الحياة العاطفية أو الجنسية. وبنظرة موضوعية، فهناك بعض من ذوي الإعاقة الذين يحتاجون بالفعل إلى الحماية. هذا بينما في إمكان البعض الآخر اختيار حياته الجنسية بحرية وكذلك ممارستها.

الإعاقة في سويسرا

يُقدر عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في سويسرا بحوالي 1،7 مليون شخص. من بينهم حوالي 27% ممن يُعتبرون ذوي إعاقة شديدة. وهم يعيشون في مؤسسات خاصة. حيث لا يمكنهم الحياة بصورة مستقلة وغير معتمدة على الغير في بيوت عائلاتهم.

أما عدد الأطفال من ذوي الإعاقة الشديدة فيقدر بحوالي 10000، هذا بينما يعتبر 44000 طفل من ذوي الإعاقة الخفيفة.

(المصدر: المكتب الفدرالي للإحصاءرابط خارجي)

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك