أبريل 24, 2024

كلنا شركاء: لينا الجودي- هاف بوست عربي

عند الحديث عن اللاجئين السوريين، إذا كان يخطر في بالك فقط جزء من اللاجئين ممن يعيشون ظروفاً صعبة في المخيمات فأنت مخطئ بكل تأكيد؛ فإسطنبول مثلاً التي ازدادت عالميتها مع هجرات استقبلتها من بلاد عدة، باتت مركزَ تجمُّع لفنانين سوريين هربوا من حرب داخلية مستمرة منذ 6 سنوات في سوريا.

أحد هذه المراكز الذي يجمع الفنانين السوريين، حسب ما نقلته صحيفة “حرييت” التركية، هو “آرت هير” الذي أسسه الفنان السوري عمر بيرقدار في منطقة كاديكوي بإسطنبول.

يتألف المركز من 3 طوابق، وتمتلئ جدرانه بلوحات من أعمال فنانين سوريين. في الطابق العلوي من المبنى توجد ورشة للرسم والنحت، وعند المدخل مقهى وطاولات للعمل، وفي الطابق السفلي ثمة غرفة مظلمة للتصوير.

إسطنبول مركز يجمع الفنانين السوريين

يقول عمر بيرقدار الذي يبلغ من العمر 52 عاماً، وقد هاجر مع زوجته مدرِّسة اللغة الإنكليزية وطفلهما من دمشق إلى إسطنبول بعد اندلاع الحرب في سوريا، إن المدينة شكَّلت مركزاً يجتمع فيه الفنانون السوريون، “ننظم هنا ورشات تجمع الفنانين السوريين، ويعزف موسيقيون أتراك وسوريون الجاز وموسيقى عالمية أخرى”.

الفنانون الذين أُجبروا على ترك سوريا، جعلوا من إسطنبول محطتهم الأولى ليرتاحوا فيها. ولأنها مركز يتجمع فيه الفن، فإنها تملك الكثير من صالات معارض.

ويقول عنها بيرقدار إنها “واحدة من أفضل المدن التي يمكن يتوجه إليها الفنان، وأعرف مئات الفنانين السوريين ممن يعيشون الآن في إسطنبول، مضت مرحلةٌ هاجر فيها الكثير منهم إلى أوروبا، لكن لا يزال قسم مهم آخر يعيش هنا؛ لأننا نشعر بأن الثقافة التركية أقرب إلينا، ويمكننا أن نتفاهم مع الأتراك بشكل أفضل من الأوروبيين”.

ds

في سوريا لم يكن بإمكاننا أن نفتح مثل هذا المركز

كيف خطر في بالك أن تؤسس مركزاً فنياً بإسطنبول؟ تسأل الصحيفة عمر، فيجيب: “أردت أن أنجز أمراً لم أستطع القيام به في بلدي سوريا. هناك لا يمكنك أن تؤسس مثل هذا المركز، فهم (نظام الأسد) لا يمنحونك الإذن بسهولة، هنا في إسطنبول حصلت عليه، وافتتحت المركز في أسبوع واحد فقط”.

وأضاف: “ننظم هنا الورشات الفنية؛ لنستثمر في طاقات الفنانين السوريين، هدفنا الأساسي تعريف الشعب التركي بالفنانين السوريين. كل شيء هنا لأجل الفنان كما هو اسم المركز”.

ويشير إلى أن أكبر عائقٍ يواجه مشروعه هو التمويل، “فمقهى المركز لا يدرّ علينا أرباحاً كثيرة، الدخل الأساسي يأتي من بيع الأعمال الفنية، ولولا ذلك لما كنا نستطيع الاستمرار”.

مدينة مناسبة للفن

فرح طرابلسي (32 عاماً)، شابة درست الهندسة المعمارية في جامعة دمشق، واحترفت الرسم سنواتٍ طويلةً وجاءت إلى تركيا قبل 3 سنوات، ولكن عائلتها لا تزال في الشام.

تقول فرح: “والدي مهندس معماري لم أستطع رؤيته منذ عامين وكذلك الأمر أمي، شقيقتاي لم أتمكن من رؤيتهما منذ 4 سنوات، في السابق كان بعض أفراد عائلتي يزورونني لكن منذ عامين لم تعد تركيا تمنح تأشيرات دخول للسوريين؛ لذا لم يعد بإمكاننا أن نلتقي”.

قبل الحرب، كانت فرح تخطط لدراسة الماجستير بأوروبا، لكن عندما اندلعت الحرب تغيرت خططها، فكان عليها أن تترك سوريا بسرعة، واتخذت قراراً بالعيش في تركيا، وهو ما اعتبرته صائباً؛ لكون إسطنبول “مدينة مناسبة للفنانين”.

وتشرح ذلك أكثر: “الحياة الاجتماعية هنا غنية ومتنوعة. تعرفت منذ وصولي على فنانين أتراك وأوروبيين وأصبحنا أصدقاء، وشاركت في معرض إسطنبول الدولي للفن. ساعدتني هذه المدينة في أن أبقى على قيد الحياة، والآن أريد فقط أن أمارس الفن بتركيا”.

sd

فنان يعمل في متجر ليساعد عائلته

برهان الخطيب، يبلغ من العمر 22 عاماً وهو موسيقي وراقص سماع، وهو نوع من الرقص الصوفي يمارسه الدراويش في رقصة المولوية.

يعزف برهان الموسيقى العربية التقليدية، ويعزف العود العربي، وشارك في حفل نظمته القنصلية الأميركية بإسطنبول، إضافة إلى عرض رقص السماع في وقف إسطنبول للثقافة والفنون.\

جاء هذا الشاب قبل عامين من دمشق إلى إسطنبول، وإلى جانب اهتمامه بالموسيقى يعمل في أحد المحال التجارية بمنطقة أفجيلار في إسطنبول الأوروبية؛ ليكسب قوت عائلته، ويقول إنه مضطر إلى العمل هكذا؛ لأنه كفنان سوري لا يستطيع أن يؤمِّن لقمة عيشه هنا عبر الموسيقى.

sd

هنا مجتمع منفتح

حسين حداد، عمره 35 عاماً وهو مصمم غرافيك ومصور من حماة السورية، عاش فترة طويلة في دمشق، وجاء إلى إسطنبول قبل 4 سنوات.

كان “حداد”، الذي افتتح معرضاً للصور في غازي عنتاب، يعمل في الأمم المتحدة بسوريا، وكان يعطي دورات في التصوير للاجئين العراقيين وقتها. ويقول إنه من الصعب تأسيس حياة في إسطنبول وإيجاد عمل فيها، خصوصاً بالنسبة للسوريين المتعلمين؛ ولذلك فهو يعمل مع الأجانب بشكل أكثر حسبما يقول، ويضيف أنه على الرغم من ذلك فإن الحياة في إسطنبول بالنسبة له أفضل؛ “لأنه يوجد هنا مجتمع منفتح”.

يرسم لوحاته في إسطنبول ويبيعها بأوروبا

الرسام علي عمر ( 32 عاماً)، درس الرسم بجامعة دمشق، وفي سبتمبر/أيلول 2014 هرب من القامشلي بشمال سوريا إلى تركيا. ويقول : “إنني رسام ولا أريد أن أحارب؛ لذلك هربت”.

قبل الحرب، افتتح “علي” معارض بدمشق والسويد، حيث يواصل أعماله في غاليري “آرت هي” بإسطنبول، وعُرضت صوره بمركز مصطفى كمال أتاتورك للفنون وفي معرض للرسوم المعاصرة، وبغاليري إكسن.

يقول “علي” إنه كفنان سوري من الصعب أن يبيع أعماله الفنية في إسطنبول، وإن رسوماته تلقى رواجاً أكثر خارج تركيا، حيث يجد مشترين لها من أوروبا.

ويضيف أنه شارك في بعض المعارض بجنيف، وأنه لو لم يكن لديه الحظ في بيع لوحاته بأوروبا لكانت حياته في إسطنبول صعبة جداً.

as

المصدر : كلنا شركاء

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك