مارس 28, 2024

مضر الزعبي: كلنا شركاء
“اكذب اكذب حتى تصدّق”، هو شعار نظام “المقاومة والممانعة” على مدار أربعة عقود في سوريا. ممنوعٌ أن تتكلم، ممنوعٌ ان تتنفس، كل شيء ممنوع “فأنت في دولة المقاومة وهذا يكيفك شرفاً”، وإن سألت عن الجبهات فأعلم أنك أصبحت “بخبر كان” وأنك تهدد الأمن القومي، وعليك أن تعلم بأن القيادة هي أوسع نظراً وهي من تحدد المكان والزمان المناسبين للردّ.
“منطقة عسكرية مغلقة” لأربعين عام كانت هذه العبارة هي الأكثر انتشارا في طرق الجنوب السوري، ومعظم السوريين لا يعرفون شيئاً عن أرياف القنيطرة ودرعا، نتيجة حرمانهم من دخولها قبل الحصول على التصريح الأمني الذي يتطلب أسابيع أو أشهر.
مع انطلاقة الثورة السورية سرعان ما تغير الحال، ففي شهر أيار / مايو من العام 2011 وبعد انطلاق الثورة بأسابيع، بدأ نظام بشار الأسد (عرّاب المقاومة) أولى حروبه ضدّ أبناء شعبه، لأنهم طالبوا بحقوقهم، حيث بدأ جيش النظام باقتحام المدن والبلدات الثائرة بالدبابات المخصصة لقتال العدو حسب ادعاءاته لعقود.
نظام بشار الأسد سمح حينها لعشرات الشبان الفلسطينيين والسوريين بالتوجّه نحو الحدود مع الجولان، وتمكن عدد منهم من اجتياز الشريط الشائك لتكون أولى رسائل النظام لإسرائيل، بأنه هو من كان يتكفل حماية الحدود خلال السنوات الماضية.
في هذا السياق، قال الناشط عبد السلام الجولاني لـ “كلنا شركاء” إن حافلاتٍ للنظام هي من أحضرت الشبان إلى منطقة الشريط الشائك وسمحت لهم بالعبور، مضيفاً أن “ذلك المشهد كان أخر أوراق التوت التي سقطت، حيث كان النظام على مدار سنوات بمنع حتى الذبابة من الاقتراب”، وحتى في ظل المجازر التي كانت ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن تلك المنطقة محرّمة حتى على أصحابها.
خطوط حمراء إسرائيلية
من يراقب التدخلات الإسرائيلية في سوريا يدرك أنها مبنية على مجموعة من الخطوط الحمراء، وبأنها الوحيدة في المنطقة التي نجحت بالمحافظة على أوراق اللعبة بأقل الخسائر.
مطلع شهر أيار/مايو من العام 2013 وبعد تحول سوريا لساحة دولية ودخول ميليشيا “حزب الله” العلني في سوريا أصبح لدى إسرائيل ذريعة للدخول في سوريا، فكان الاستهداف الأول لمركز البحوث العملية بمنطقة (جمرايا) بمحيط العاصمة دمشق، وهو أحد أهم مراكز تجمع ميليشيا حزب الله في سوريا، وتبعه استهداف لقوافل تتبع لحزب الله في مناطق متفرقة في سوريا.
ولم يقتصر الاستهداف الإسرائيلي على قوافل الأسلحة، وامتد إلى وضع خطوط اشتباك جديدة، ومنها منع طيران النظام من التحليق بالقرب من الجولان، وأسقطت إسرائيل طائرة للنظام من نوع سوخوي 24 بتاريخ 22 أيلول / سبتمبر من العام 2014 فوق ريف القنيطرة الشمالي، وكانت الحادثة كفيلة بمنع اقترأب طيران النظام من المناطق الحدودية على عكس جميع حدود الدول المجاورة لسوريا.
سوريا مصيدة لقادة حزب الله
وخلال السنوات الماضية نجحت إسرائيل بقتل مجموعة من قادة الصف الأول في ميليشيا حزب الله على الأراضي السورية، وكان الاستهداف الأبرز بمنطقة مزارع الأمل بريف القنيطرة بتاريخ 18 كانون الثاني / يناير من العام 2015، حين استهدف الطيران الإسرائيلي موكبا لمليشيا حزب الله والحرس الثوري الإيراني، ما أدى لمقتل 13 شخصاً أبرزهم “جهاد عماد مغنية”، نجل القائد العسكري للحزب (عماد مغنية) الذي اغتالته إسرائيل أيضاً عام 2008 في المربع الأمني لمحور المقاومة و الممانعة بدمشق، وقد قتل بالحادثة أيضاً “محمد عيسى” مسؤول العراق بمليشيا حزب الله و قائد فيلق غدير بالحرس الثوري الإيراني اللواء عبد الله دادي.
اغتيال القنطار
أبرز قادة حزب الله العسكريين، سمير قنطار، كان دوره في الاغتيال قبل عام في العشرين من كانون الأول/ديسمبر، في مدينة جرمانا على أطراف العاصمة دمشق، وفي محاولةٍ لتلافي الحرج في عدم الرّد على مثل هذا الاختراق، أدعى النظام وحزب الله أن من أسماها “المجموعات الإرهابية”، هي من تقف وراء العملية، وهو الاسم الذي يصطلحه إعلام النظام للدلالة على كتائب الثوار، لكنّ إسرائيل تبنّت العملية وسط صمتٍ مطبقٍ من محور المقاومة.
اغتيال القنطار شكّل ضربة موجعة لمحور المقاومة، ليس فقط لأهمية القتيل، ولكن “حزب الله” اعتبر نفسه منتصراً عقب حرب تموز 2006، بتحرير القنطار من الأسر في السجون الإسرائيلية ضمن صفقة تبادل. والآن بعد تسعة أعوام، يجد الحزب وداعميه أنفسهم عاجزين عن الرّد على عملية اغتياله، أو حتى إصدار بيان إدانة كما كان معتادا.
قصف الباسيج
أواخر شهر تموز/ يوليو الماضي استهدفت الطائرات الاسرائيلية مدينة (البعث) في ريف القنيطرة، و ذكرت صحيفة (هآرتس) الاسرائيلية بأن الطيران الحربي استهدف قائد قوات الباسيج الإيرانية العميد (محمد رضا نقدي)، مؤكدة إصابته جراء الغارات. بينما ذكرت مصادر أخرى أن قائد الباسيج الإيراني كان في زيارة لمواقع ميليشيا حزب الله و لواء فاطميون الأفغاني بالمنطقة المستهدفة.
حقّ الردّ
حتى عبارة “الاحتفاظ بحقّ الردّ في الزمان والمكان المناسبين” لم يعد يسمع السوريين بها من جهة إعلام “المقاومة والممانعة”، وذلك بعد تكرار الاستهداف الإسرائيلي لمواقع قوات النظام وتحول وسخرية الموالين للنظام قبل المعارضين له من هذه العبارة، ما دفع النظام لاتباع أساليب جديدة ومنها اختلاق ردود وهمية.
في شهر أيلول / سبتمبر الماضي، وعقب مجموعة من الغارات الإسرائيلية على مواقع لقوات النظام بأرياف القنيطرة ودمشق، صدر بيان رسمي من جيش النظام بإسقاط طائرتين إسرائيليتين فوق سوريا، ولكن وبعد ساعات تبين أن إسقاط الطائرات كان فقط على وسائل إعلام محور المقاومة والممانعة، حيث استمر المحليين عبر هذه الوسائل لساعات بتحليل أبعاد أسقاط الطائرات بينما لم يكن هنالك أي شيء حقيقي.
استهداف المحسوبين على “داعش”
نهاية شهر حزيران / يونيو الماضي، وعقب اندماج المحسوبة على تنظيم “داعش” في درعا تحت مسمى جيش خالد بن الوليد في منطقة حوض اليرموك الحدودية مع الجولان، استهدف الطيران الإسرائيلي بلدة (الشجرة) الخاضعة لسيطرة جيش خالد بصاروخين تسببا بتدمير منظومة (أوسا) كانت حركة المثنى المنضوية نحت مظلة جيش خالد قد استولت عليها من اللواء 82 دفاع جوي غرب مدينة (الشيخ مسكين) مطلع العام 2015.
وأواخر شهر تشرين الثاني / نوفمبر الماضي تكرر استهداف الطيران الإسرائيلي لمنطقة حوض اليرموك عقب مناوشات ما بين مقاتلي جيش خالد والجيش الإسرائيلي، وحينها وصل عدد الغارات لأكثر من عشرة أدت لمقتل أربعة من مقاتلي جيش خالد و تدمير عدد من مقاره.



المصدر: كيف اصطادت (إسرائيل) قيادات حزب الله في سوريا؟

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك