مايو 18, 2024

كامل عباس: كلنا شركاء
كتب الكاتب السوري علي العبد الله مقالا في صحيفة المدن الالكترونية 11/1/2017
– آلية لإصلاح الثورة –  ابتدأه كما يلي :(أثارت هزيمة فصائل المعارضة المسلحة في معركة حلب ردود فعل غاضبة بين حواضن الثورة ومجتمعاتها على خلفية شعورها بالخذلان …..)
المقال يأتي من كاتب جاد وملتزم بقضايا أمته وشعبه , والتزامه لايمنعه من احترام الرأي الآخر والتفاعل معه , وهو يضع الملح على الجرح,  ويطرح تساؤلات نظرية وسياسية  تهم كل سوري معني بالشأن العام . ومن هنا كانت مساهمتي المتواضعة كناشط سياسي سوري مساند لهذه الثورة .
      تكاد تكون الثورة السورية ثورة كلاسيكية نموذجية ككل الثورات العريقة التي عرفها التاريخ , فالثورة تحصل نتيجة أزمة في بلد ما تستدعيها  حاجة البلد للتغيير بما يتناسب مع التطور الاجتماعي , ولكن السلطة الحاكمة فيه تصر على الحكم بنفس الطريقة  السابقة وترفض تقديم أي تنازل لصالح التغيير .
لم يعد خافيا على احد أن  الممسكين بنظامنا الشعبي الديمقراطي كانوا وما زالوا يريدون أن يكون المجتمع خادما للنظام وليس العكس, لقد  رفضوا أي تنازل للخروج من هذا الوضع رغم تجاوز الزمن له وهو ما أدى الى انفجار الثورة  .
والاشكالية الثانية في الثورات هو الانفجار المفاجئ وغير المحسوب النتائج .
أما الاشكالية الثالثة فقد كمنت تاريخيا في عفوية الجماهير وتحركها بناء على غرائزها وما يرافق ذلك من تخريب في المجتمع أثناء الثورة .
واذا كان هناك حركة سياسية ناضجة فهي تعمل لتعبئة وتنظيم نضال الجماهير لكي يأتي التغيير لمصلحة المجتمع , لكن أسوأ ما يحصل للثورات هو النقر على وتر الشعور العفوي للجماهير وتجييره من قبل حركات سياسية شعبوية ليخدم أهدافها في الوصول الى السلطة . ليس هناك من حل لهذه الاشكالية الا عبر تقدم الزمن والحضارة وارتقاء وعي الجماهير . أسوأ ما أعطت الحركات الشعبوية في التاريخ نموذجان .
الأول في البلدان ذات الحضارة العربية الاسلامية والتي لعب فيها الاسلاميون وما زالوا يلعبون على وتر جماهيرنا المتدينة من اجل الوصول الى السلطة .
والثاني في البلدان الغربية حيث ظهرت فيها حركات شعبوية حملتها الى السلطة مثل النازية والفاشية .
لقد توهمنا ان الغرب بحضارته وتطوره وما يحكي فيه عن الانسان وحقوقه راكم ثقافة  جعلت جماهيرها تقرر من يحكمها بناء على وعيها لكن المد الفاشي من جديد في امريكا والغرب صدمنا من جديد – ولذلك بحث آخر خارج سياق هذا المقال –
ولكن اذا كان الحال في الغرب كذلك فهل نعتب على جماهير متخلفة ركبها الاستبداد لأكثر من ألف عام وهي تقف الى جانب الجهاديين في بلداننا ؟ 
انا اعتقد شخصيا ان الثورة السورية من أعمق الثورات في التاريخ . ولقد صمد الشعب السوري بوجه كل أنواع الأسلحة ولم يطلب سوى حريته . والعلّة ليست فيه بل  بالمجتمع الدولي الذي خذل الثورة من جهة , وبالشعبويين الاسلاميين في الداخل وما لاقوه من دعم حقيقي من الخارج خوفا من وهج الثورة في المنطقة
بهذا المعنى فأنا لا أرى ان الثورة بحاجة الى اصلاح فهي في الطريق القويم . من هو بحاجة الى اصلاح في الداخل هو معارضتها السياسية التي تنادي بدولة مدنية ديمقراطية ولا توافق الاسلاميين الذين يريدون للثورة ان تنتهي بإمارة اسلامية دستورها هو شرع الله .
اتفق مع الصديق علي  في نقده لواقع المعارضة السورية الحالية حيث ( جنح البعض الى الاستقالة من مواقعهم السياسية والإدارية، في تصرف صبياني ينم عن ذاتية فجة تحاول التبرؤ من المسؤولية وتحميلها للآخرين ) لابل سأكون أجرأ منه لأسمي بالاسم رئيس الأمانة العامة لاعلان دمشق وهو ما يذكرني برئيس المجلس الوطني جورج صبرة وإصداره بيانا بالانسحاب من الائئتلاف لأنه ذهب للمشاركة في مؤتمر جنيف وأتمنى من كل قلبي ان يعدل عن انسحابه من الائئتلاف كما عدل عنها جورج صبرة سابقا  , لكنني ارى ان الأستاذ علي من جهة أخرى يفعل نفس الشيء حيث يكاد يكون مقاله من اجل نسف هيئات المعارضة كلها واستبدالها بهيئات جديدة .
(يتم تشكيل لجنة تحضيرية عن طريق دعوة القادرين من كوادر الثورة على الترشح، دون اعتبار للتنظيم أو الجهة التي ينتمي إليها، وعدم حصر الترشح بأصحاب الدعوة ومحازبيهم، كما جرت العادة، هنا قد نواجه مشكلة عدد المترشحين فيتم اختيار لجنة تحضيرية بالانتخابات المباشرة من قبل المترشحين أنفسهم،)
هذه الدعوة تتجاوز اصلاح الهيئات القائمة للمعارضة وهو ما لا أوافق الكاتب عليه,  فالمعارضة السورية رغم كل ما يقال عنها كانت ترتقي في كل مرة بدءا من المجلس الوطني مرورا  بالائئتلاف انتهاء بالهيئة العليا للمفاوضات  عداك عن ان هذا الطرح نظري وغير واقعي ويستحيل تطبيقه في ظل النظام القائم .
نعم ياصديقي لقد تجلببت الثورة برداء اسود شّوه منظرها والسبب على ما اعتقد هو خوف قوى اقليمية ودولية من ثورة جذرية في منطقة هي عصب الطاقة والجغرافيا وقد تعصف بمصالحهم فدعموا أولئك الغربان وما زالوا يتلاعبون بداعش والنصرة وسواها لغايات في انفسهم , ولكنهم الآن في مأزق واذا أحسنا صنعا قد ننفض الغبار عن وجه الثورة , وهذا ما تفعله الهيئة العليا للمفاوضات ووثيقتها التي  روجت لها في عاصمة الضباب والأمل  خير شاهد على ذلك , وقد اتبعتها بدعوتها العالم للاتحاد من أجل السلام في سوريا .
نعم ياصديقي ان هيئات المعارضة الحالية تحتاج الى اصلاح بدءا من اعلان دمشق مرورا بهيئة التنسيق انتهاء بالائئتلاف , وعلينا ان ندفعهم نحو هذا الاصلاح ونقول لهم بالفم العريض ان قرارا وطنيا مستقلا يحتاج الى ان تنقلوا مقراتكم الى داخل سوريا وأنا هنا أجد ان أفضل ما في المقال هو هذه الكلمات
(ان الإقامة الدائمة على الأرض السورية ذروة التفاعل والتعايش والاندماج. )
نعم يجب أن نفتش عن تحالفات عريضة لا تستثني أحداً ممن يقبل ان تكون مرجعيته دولة مدنية ديمقراطية هي امتداد لفترة الخمسينات التي كان يقودها المليونير الأحمر خالد العظم والذي وازن بذكاء بين مصالح سوريا وروسيا وأمريكا  . ان تحالفاً كهذا سيسند الهيئة العليا في مفاوضات لابد قادمة  والتي قد تنتهي بحكومة انتقالية كاملة الصلاحيات , حينها فقط يصبح لطرحك معنى حول لجنة تحضيرية او مؤتمر وطني أو ما شابه اما الآن فقد تأتي النتائج عكس ما نريد .


المصدر: كامل عباس: آلية لإصلاح الثورة أم لإصلاح المعارضة  ؟

انشر الموضوع