كلنا شركاء: القاهرة 30
خاطب ملك السعودية آنذاك يرفض نقل المقام قائلًا : “كان يصعد عليه أبونا إبراهيم عليه السلام”
في عام 1954 أمر الملك السعودي الراحل “سعود بن عبد العزيز آل سعود” بتوسعة جوانب من الحرم المكي الشريف، وكان ذلك الأمر في أول اهتماماته بعد جلوسه على عرش المملكة، خاصة بعد تزايد أعداد الحجاج، فلم يعد الحرم يتسع لهم في الصلاة، وتم بالفعل البدء في المشروع.
وأثناء عملية التوسعة، وصلته شكوى تقول إن مقام “إبراهيم” عليه السلام، وهو حجر يشبة المكعب، يعوق الطائفين، بعد أن زادت الأعداد وخاصة في مواسم الحج والعمرة وفي رمضان، ولهذا فقد استشار العلماء في أن ينقل المقام إلى الخلف بجوار الرواق، وعملت الترتيبات لذلك.
خلال تلك الفترة كان الشيخ محمد متولي الشعراوي يعمل أستاذًا بكلية الشريعة في مكة المكرمة، ووصله أمر نقل المقام من مكانه، قبل بدأ إجراءات نقله بخمسة أيام، وعرف أن علماء السعودية استندوا في نقل المقام إلى أن النبي -صلي الله عليه وسلم – قد نقل المقام من قبل بعدما كان ملاصقا للكعبة.
اعترض الإمام الراحل علي الفكرة، واعتبرها مخالفة للشريعة فبدأ بالتحرك السريع، واتصل ببعض العلماء السعوديين والمصريين في البعثة لكنهم قالوا إن الموضوع منتهي وإن المبني الجديد قد أقيم، فبعث بخطاب إلى الملك سعود الفيصل جاء فيه: “ياجلالة الملك سعود لايصح نقل مقام إبراهيم من مكانه لأنه مكان ومكين أي أن مكان المقام محدد والحجر الذي كان يصعد عليه أبونا إبراهيم عليه السلام محدد أيضا، ولا يصح نقله إلى الخلف”.
وروى الشعراوي للملك قصة سيدنا عمر بن الخطاب عندما جاء سيل في الحرم وأزاح الحجر من مكانه، فحرص خليفة المؤمنين على أن يعيده في نفس المكانه، دون تغيير أو تبديل، ولحسن الحظ كان هناك من الصحابة من سبق أن قاس المسافات التي بين الكعبة وبين موقع المقام، وهو “المطلب بن أبي وداعة السهمي”، وتم إعادة الحجر إلى مكانه مرة أخرى.
قرأ الملك رسالة الشعراوي، وتدارس الأمر مرة أخرى مع علماء المملكة العربية السعودية، ثم أصدر قراره بالإبقاء على “حجر إبراهيم” في مكانه، بل وأخذ بمقترح “الشعراوي” في التوسعة، فقام بهدم المبنى الكبير الذي كان يحوي حجر المقام، ووضعه في قبة صغيرة من زجاج غير قابل للكسر.
بعد ذلك طلب الملك حضور الإمام الشعراوي وكرمه بمنحه عباءة وساعة وقلم، وابتهج “الشعراوي” بتنفيذ مطلبه.
المصدر : كلنا شركاء
